لقد أصبح يوم السادس من أكتوبر يوما خالدا في تاريخ مصر, ففي هذا اليوم العظيم انتصرت إرادة التحدي, وخاض الشعب المصري وقواته المسلحة بنجاح باهر معركة العبور العظيم, التي أكدت لشعوب العالم قدرة وكفاءة المقاتل المصري في مواجهة العدوان والدفاع عن أراضيه المغتصبة. د. حسين رمزي كاظم لقد انتصرت قواتنا المسلحة بالإدارة العلمية السليمة لمعركة العبور من حيث التخطيط الجيد لها, والتنظيم المتكامل, والتنسيق والتعاون لوحداتها العسكرية, وفي دقة المعلومات التي تم جمعها وتحليلها عن العدو, وفي التطبيق العلمي لمبادئ الهجوم من حيث حشد القوات, وتحقيق السرية الفائقة, والخداع الاستراتيجي, والمفاجأة والمبادأة في الهجوم, وفي أسلوب إدارة العمليات الحربية, واتخاذ القرارات بالدقة والسرعة وفي التوقيت المناسب. إن هذا اليوم الخالد في تاريخ العسكرية المصرية أثبت أنه كان وراء النصر الكبير قيادات عسكرية قادرة ومؤمنة, ادارت المعركة بأداء رائع وبروح الفريق, وكان علي رأس تلك القيادات قيادة متميزة ومخلصة للرئيس محمد حسني مبارك قائد القوات الجوية في ذلك اليوم, وصاحب الضربة الجوية المفاجئة التي شلت جميع مواقع العدو, وكانت هي مفتاح النصر العظيم. كما كان وراء هذا النصر الكبير شعب مصر بأكمله الذي أكد أصالته ونضاله, فتحية لشعب مصر العظيم,وتحية لأبطال القوات المسلحة الذين شاركوا بأداء رائع في تحقيق نصر أكتوبر المجيد, وتحية لأرواح شهداء مصر الأبرار, وتحية لروح الرئيس الراحل محمد أنور السادات, وأسكنهم الله جميعا فسيح جناته. وبقدر ما كانت حرب أكتوبر المجيدة تعد انتصارا عسكريا رائعا للمدرسة العسكرية المصرية.. إلا أنها كانت أيضا حربا من أجل السلام, السلام العادل والشامل الذي يضمن لجميع شعوب المنطقة العربية أمنها وحقوقها المشروعة. ولقد تجلت عظمة القيادة السياسية بوضوح في التوجه نحو خيار السلا م مع الإصرار علي عودة آخر حبة رمل من تلك البقعة الصغيرة من أرض سيناء بطابا, حيث آثرت القيادة المصرية أن تنحاز لطريق السلام, وتختار أسلوب التفاوض في إدارة تلك الأزمة, ذلك لأن أسلوب التفاوض هو طريق ممهد لتحقيق السلام المنشود الذي هو غاية الشعوب لتحقيق الأمن والرفاهية والاستقرار, وعن طريق التفاوض تتقارب وجهات النظر,وتضيق مساحات الخلاف, وتتلاشي الخصومات. إن معركة السلام التي يقودها الرئيس محمد حسني مبارك بكل كفاءة واقتدار من أجل تحقيق السلام في المنطقة العربية تتطلب أن تدرك إسرائيل جيدا وهي تشارك في الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين أن استراتيجياتها وسياساتها في المنطقة يجب أن تتغير, وأنها يجب أن تتفهم سيكولوجية الشعوب العربية من أجل تمسكها بترابها ومقدساتها والدفاع عنها مهما طال الوقت, ومهما كانت التضحيات. ومن ثم فإن آمال شعوب المنطقة العربية تتطلع إلي تحقيق السلام الذي يتطلب جهودا كبيرة وتحديات جسيمة تحتاج إلي عزيمة وإرادة قوية من كلا طرفي النزاع لمواجهة جميع التحديات التي تعوق مسيرة تحقيق السلام العادل.. ذلك لأن السلام هو حياة الشعوب ومستقبلها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لجميع دول وشعوب المنطقة.