كتب:هاني عسل: هل يمكن أن يأتي يوم علي الإنسان يكتشف فيه أنه وقع ضحية لخدعة كبيرة وهائلة ومثيرة اسمها فيروسات الكمبيوتر؟! الفكرة تبدو غريبة, وأشبه بالأفكار التي تطرحها أفلام الخيال العلمي, ولكننا لو تعاملنا مع قضية فيروسات الكمبيوتر. أو الفيروسات المعلوماتية بالطريقة نفسها التي آلت إليها المخاوف من وهم فيروس إتش1 إن1 الذي جري تضخيمه وكان يعرف باسم إنفلونزا الخنازير, فلسوف نصل إلي هذه النتيجة المثيرة شديدة الغرابة في يوم ما, وهي أن هذه الفيروسات وهم كبير أو خدعة أكبر, فهي إما وهم لا وجود له علي أرض الواقع وإنما برامج ورسائل تبثها شركات هدفها الترويج لبيع برامج محاربة الفيروسات لعشرات الملايين من المستخدمين في أنحاء العالم, إما فيروسات وبرامج مدمرة متطورة ومعقدة تبثها الشركات في إطار الحرب التجارية بينها, وبعضها تقوم بإنتاجها أيضا شركات ودول, ربما لحساب نفسها أو لحساب الغير! وفي الحقيقة, فإن فكرة نشر المرض والعلاج منه في آن واحد هي فكرة قديمة وسبق أن عرفها الأطباء فيما يتعلق بالفيروسات الحيوية, وهي الفكرة التي تقوم عليها الأسلحة البيولوجية, والتي زاد الحديث عنها بعد الأمراض التي أصابت الجنود الأمريكيين خلال حرب تحرير الكويت, ولكنها علي الصعيد المعلوماتي ما زالت مجرد فكرة لم يستطع أحد إثباتها, والشيء الوحيد الممكن إثباته حتي الآن هو أن مستخدمي الكمبيوتر الأفراد في شتي أنحاء العالم باتوا يعتبرون برامج محاربة فيروسات الكمبيوتر وحماية أجهزتهم من خطرها سلعة أساسية لا تقل أهمية عن السلع الغذائية الرئيسية مثل السكر والحبوب ومثل العقاقير الطبية الشهيرة التي لا غني عنها لعلاج مرضي السكر والقلب وغيرها, فهؤلاء فقط هم الذين يعرفون حجم الكارثة التي تحيق بهم عندما يجتاح جهاز الكمبيوتر الشخصي الخاص بهم فيروس خطير يشل حركة الجهاز ويذهب بمصالح صاحب الجهاز إلي الجحيم حتي إشعار آخر! فما الحال إذن لو كان المجني عليه شركة أو بنكا أو حكومة تتعرض شبكات كاملة بها لهذا الخطر نفسه, وتحتاج إلي شراء برامج متطورة لحماية شبكاتها تقدر أسعارها بمبالغ خيالية, فضلا عن تكلفة إعادة تشغيل ما تم تعطيله أولا! قديما, أو قبل سنوات, كان فيروس الكمبيوتر يوصف بأنه مجرد برنامج متقدم أقدم علي صناعته ونشره مستخدم كمبيوتر ذكي أو مبرمج هاو يهدف إلي ابتزاز مستخدمين آخرين أو علي الأقل إلي التلذذ بما يفعله, ولكن هذا التفكير لم يعد مقبولا الآن, فالقاعدة تقول فتش عن المستفيد, وهذه القاعدة ستقودنا إلي اتجاه واحد فقط, وهي الشركات المتخصصة في إنتاج برامج مقاومة الفيروسات, والتي من مصلحتها زيادة مبيعاتها والترويج لفكرة ضرورة امتلاك ما يقي جهاز الكمبيوتر وشبكاته من هذا الخطر الكبير, لدرجة أنه أصبح هناك أكثر من برنامج لحماية القرص الصلب نفسه ولحماية البريد الإليكتروني وغيرها من الأنواع, وهي برامج تحتاج إلي تحديث دوري بمقابل أيضا, وهو ما يزيد من التكلفة علي مستخدم الكمبيوتر, ويزيد من عائدات شركات إنتاج برامج محاربة الفيروسات ومقاومتها. لأرقام تشير إلي أن سوق محاربة الفيروسات المعلوماتية في العالم بلغت21 مليار دولار في عام.2005 والأرقام تشير أيضا إلي أن هناك300 فيروس جديد يتم إنتاجها شهريا, وأن هناك40 ألف اسم لفيروس مختلف علي أجهزة وشبكات الكمبيوتر حاليا, وهي أرقام لا يقدر عليها أفراد, بل شركات وربما دول, وهذا العدد ينتشر بسهولة بالغة وبشكل أساسي عبر شبكة الإنترنت, وخاصة عبر الرسائل غير المرغوب فيها والتي يطلق عليها اسم سبام, والمشكلة أن مستخدمي الإنترنت أنفسهم هم الذين يتسببون بقلة خبراتهم وسذاجتهم أحيانا في زيادة سرعة ومعدل نشر هذه الفيروسات, مثل فتح الرسائل من مصادر مجهولة, أو تحميل الملفات غير الموثوق فيها والتي تكون مرفقة برسائل البريد الإليكتروني, وتصديق الرسائل التي تتحدث عن الفوز بمليون دولار من شركة كذا أو كذا والتعامل معها وفتح صفحاتها, ورسائل انشرها ولك الأجر والثواب التي تحوي أحيانا عبارات دينية وأحيانا تحتوي علي خرافات وتنذر من يرفض نشرها بالويل والثبور والحظ العاثر في الدنيا والآخرة, وبالتالي ينتشر الفيروس الواحد بين ملايين الأجهزة وحسابات البريد الإليكتروني في دقائق معدودة! هل يمكن أن تكون الرسائل التي تبثها شركات محاربة الفيروسات علي شاشات الكمبيوتر لدي المستخدمين المالكين لبرامج مقاومة للفيروسات مجرد رسائل وهمية عن فيروسات غير موجودة لمجرد إيهام المستخدم بأن هناك برنامج يعمل بكفاءة؟! في زمن تشن فيه بعض الدول الحرب من أجل زيادة مبيعات السلاح والأدوية ونيل صفقات إعادة الإعمار, وفي زمن يتم فيه تخويف ملايين البشر من مرض فيروسي يثبت لاحقا التهويل من خطورته وكل هذا من أجل زيادة مبيعات بعض العقاقير.. في زمن يتم فيه خلق المخاطر من أجل الترويج لوسائل محاربتها.. يصبح كل شيء ممكنا! إلي الآن.. الأمر يبدو خياليا أو تخيليا, ولكن من يعرف ما الذي يمكن أن يثبته المستقبل؟! وإلي أن نصل إلي هذا المستقبل, ليس أمامنا إلا التسلح بإجراءات مقاومة الفيروسات التقليدية, والاستعانة ببرامج محاربة الفيروسات في أجهزتنا وشبكاتنا, علي مستوي الأفراد والشركات والدول, لأنه لا يوجد خيار آخر!