كتب : محمد سلماوي : سألتني زميلة صحفية بعد خروجي من اجتماع الرئيس: ما هو أهم خبر بالنسبة لك في هذا اللقاء؟ قلت: برغم أهمية الموضوعات التي تعرض لها الرئيس في حديثه عن استراتيجية حرب اكتوبر الي المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية. ومن علاقاتنا العربية والدولية الي الفتنة الطائفية, فان أهم خبر في رأيي هو اللقاء نفسه. إن اجتماع الرئيس بالمثقفين الذي استمر أربع ساعات وربع الساعة, يمثل لقاء طال انتطاره بين الثقافة والسياسة, فالمجتمعات الصحية هي التي تقوم علي التواصل بين أصحاب الفعل السياسي والمفكرين الذين يدرسون ويحللون, أما المجتمعات التي تنقطع فيها مثل هذه الصلة فهي عادة مجتمعات غير سوية, وربما كان أكثر ما جسد مثل هذا الوضع غير السوي المقولة الشهيرة المنسوبة لهرمان جورنج الوزير النازي: كلما سمعت كلمة الثقافة بحثت عن مسدسي! بينما نجد علي الجانب الآخر في قيادة شارل ديجول التاريخية لفرنسا علاقة وطيدة بين الجنرال الذي قاد البلاد في فترة اعادة بناء مجدها والكاتب الكبير اندريه مالرو. ولقد جاء اجتماع الرئيس بالمثقفين مؤكدا هذا التواصل المطلوب بين الثقافة والسياسة, وقد كان اجتماعا مثمرا, ولا أقصد هنا ما أثمر عنه من استجابة كريمة لبعض مطالبنا, وانما أقصد ما نقله المثقفون من رؤي وأفكار حول أحوال البلاد وما تقدموا به من اقتراحات في شتي الموضوعات. وهو ما أثني عليه الرئيس, وأخذ يعدد في نهاية الاجتماع الاقتراحات التي وجدها مفيدة والتي قال إنه سيأخذها في الاعتبار. إن هذا التواصل الصحي بين القيادة السياسية والمثقفين, الذين يمثلون عقل الأمة المفكر وضميرها الحي, هو الانجاز الحقيقي الذي يمثله لقاء الرئيس بالمثقفين, وأن يكون اللقاء قد تم بدعوة من الرئيس فتلك شهادة للذي بادر بالدعوة. إن قيمة هذا اللقاء تكون في استمراره بشكل دوري, وفي توسيع دائرة المشاركين فيه. بذلك يتحول لقاء الثقافة والسياسة, إلي حوار متصل بين الثقافة والسياسة, وهو ما سنسعد به أكثر.