استقبل الرئيس حسنى مبارك أمس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، نخبة من المفكرين والمبدعين والكتاب المصريين، وأدار الرئيس معهم حواراً فكرياً حول العديد من الموضوعات، وقضايا الوطن الداخلية والخارجية، والقضايا الفكرية والثقافية. وأكد الرئيس مبارك خلال اللقاء أهمية الدور الذي يلعبه الكتاب والمثقفون في نشر الفكر السليم, وتنوير المجتمع بقضايا الوطن, ومواجهة الأفكار الهدامة. مصر منارة للفكر وأشار الرئيس إلي ضرورة أن تظل مصر منارة للفكر المستنير, ومركزا للإشعاع الفكري والفني في المنطقة وفي العالم. وشرح الرئيس خلال اللقاء دور مصر من المتغيرات الاقليمية والدولية والجهود التي تبذلها مصر في سبيل انجاح المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ومواقف مصر الواضحة وعلاقاتها المتوازنة مع جميع الأشقاء العرب والدور المصري المتنامي في تحفيز أوروبا للقيام بدورها في دعم القضية الفلسطينية والمفاوضات الجارية. دور المفكرين كما تعرض الرئيس في حواره مع الكتاب والمفكرين الي التحديات الداخلية التي نواجهها وعلي رأسها قضية الزيادة السكانية وآثارها علي التنمية, وأكد الرئيس حرصه علي المضي في تنفيذ البرنامج الانتخابي وحرصه علي متابعة الأداء الحكومي علي أرض الواقع من خلال زيارته الميدانية المتكررة لمختلف مواقع العمل بمحافظات مصر. وأكد ضرورة اضطلاع الكتاب والمفكرين والمثقفين بدورهم في مواجهة دعاوي التطرف والانغلاق, وحرصه علي وحدة النسيج الوطني وأنه لاتوجد أدني تفرقة بين أبناء الوطن الواحد بسبب العقيدة أو الدين وأننا جميعا مسلمين ومسيحيين نعيش تحت علم واحد لوطن واحد يحكمه مبدأ المواطنة. ذاكرة وطن وفي إطار احتفالات مصر بذكري حرب أكتوبر المجيدة وجه الرئيس لإنتاج أعمال إبداعية مختلفة تتناول تاريخ حرب أكتوبر وانتصاراته المجيدة وتعيد إحياؤها في ذاكرة الوطن وأن تكون الأداة لتعريف الأجيال الجديدة من الشباب والنشء بانتصار أكتوبر العظيم الذي يمثل صفحة هامة ومشرقة في تاريخ مصر المعاصر. حرية الإبداع كما أكد الرئيس حرصه علي حرية التعبير وتطور مسيرة الديمقراطية وحرية الابداع ودعم الدور الوطني الذي يقوم به المثقفون والمفكرون في تناول هموم المواطن ومشكلاته وطرحهم للأفكار والرؤي لمستقبل الوطن وطموحاته, وكذلك حرص الدولة علي دعم دور المثقفين والمبدعين في مختلف المجالات وضرورة استمرار دعم الدولة لحركة الإبداع في مختلف تنوعاته. وفي هذا الاطار, أمر الرئيس بدعم المشروع القومي للترجمة بمبلغ15 مليون جنيه وتخصيص مبلغ5 ملايين جنيه دعما خاصا لاتحاد الكتاب, كما وجه الرئيس بتخصيص يوم لتكريم الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية والتقديرية وجائزة مبارك علي أن يكون هذا اليوم يوما للاحتفال بالابداع والمبدعين ومن المرتقب تحديد هذا الاحتفال مع بداية يناير المقبل. حضر اللقاء فاروق حسني وزير الثقافة, وأنس الفقي وزير الإعلام, والكتاب: أنيس منصور, والسيد ياسين, ومحمد سلماوي, وصلاح عيسي, وخيري شلبي, ويوسف القعيد, وسامية الساعاتي, وعائشة عبدالمحسن أبو النور, والدكتور جابر عصفور, والدكتور فوزي فهمي, وأحمد عبدالمعطي حجازي. حوار مفتوح وأعرب د. جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة عن امتنانه وسعادته باللقاء المطول مع الرئيس مبارك, مشيرا إلي أن اللقاء اتسم بالعمق والروح الودية والمرحة, وأن الرئيس مبارك أدار حوارا مفتوحا معهم, حيث تحدث الكتاب والمثقفون بكل وضوح, وأن الرئيس فتح لنا قلبه, ونحن من جانبنا فتحنا قلوبنا وعقولنا للرئيس. وقال عصفور: إننا من خلال ما استمعنا إليه من الرئيس مبارك خلال اللقاء, نستطيع أن نقول إننا شعرنا بالاطمئنان الكامل, وتبددت الكثير من الهواجس والمخاوف التي كانت بداخلنا إزاء بعض القضايا قبل لقاء الرئيس, وأضاف أن الرئيس مبارك تحدث بلهجة حميمية, وتواضع شديد, بما هو معروف عنه من طبيعة إنسانية بسيطة. وأشار إلي أن اللقاء, الذي استمر4 ساعات, تطرق إلي العديد من القضايا حول الواقع السينمائي المصري, والجوانب الخاصة بقوة مصر وعلاقاتها الإقليمية والدولية, بالإضافة إلي عدد من القضايا المرتبطة بتنمية الوعي العام لدي المواطنين, بما يحول دون محاولات من جانب أي أطراف خارجية لتشويه الواقع, أو بث بذور الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد. قضايا العمل الوطني وأشار المفكر الكبير السيد يسين إلي أن الحوار اتسم بالصراحة الشديدة, وأنه شمل كل قضايا العمل الوطني الداخلية والخارجية, مع التركيز بشكل خاص علي التحديات الداخلية, ومن أهمها قضايا التنمية, والاهتمام بالتعليم والصحة, بالإضافة إلي مناقشة قضايا الإصلاح السياسي, ومسيرة التطور الديمقراطي في مصر, مشددا علي اهتمام الرئيس مبارك بهذه القضايا. ومن جانبها وصفت د. سامية الساعاتي أستاذة علم الاجتماع, اللقاء مع الرئيس مبارك بأنه كان شفافا للغاية, وأن الرئيس استمع بكل انفتاح لجميع القضايا التي طرحت خلال الاجتماع, وتجاوب مع ما طرح من قضايا ومطالب بشكل ودي للغاية. إرادة سياسية ومن جانبه, قال الكاتب ورئيس تحرير جريدة القاهرة صلاح عيسي: إن اللقاء تم في جو اتسم بالصراحة والبساطة والمودة البالغة بين الرئيس مبارك والنخبة التي حضرت اللقاء من المثقفين, مشيرا إلي أن الرئيس مبارك تطرق بصراحته المعهودة إلي مناقشة عدد من القضايا الداخلية والخارجية, منها القضايا اليومية التي تهم المواطن المصري مثل أسعار السلع الأساسية. وأضاف عيسي أنه توقف شخصيا عند نقطتين أساسيتين, أولاهما تأكيد الرئيس مبارك أن مصر لا تقبل أي تدخل في إرادتها السياسية, ولا تقبل أي ضغوط أجنبية, بالإضافة إلي تأكيد الرئيس البالغ علي حماية الحريات السياسية والعامة, وأن تتمتع مصر بما يليق بها وبمكانتها في هذا الشأن. ووصف عيسي الحوار بأنه جاء مثمرا للغاية, وأن الرئيس مبارك استمع بكل إنصات واهتمام لكل ما أثرناه من قضايا, تمثل اهتمامات وشواغل المواطن المصري, مؤكدا أن الرئيس مبارك استمع إلي بعض مطالب الأوساط الثقافية التي طرحها المثقفون خلال اللقاء, وأن الرئيس استمع إلي جميع التفاصيل باهتمام, ووعد بالعمل علي تلبية تلك المطالب. دعم خاص للمرأة وأشارت الكاتبة عائشة أبو النور إلي أن الرئيس مبارك كان حريصا علي أن يستمع من مثقفي مصر أكثر من أن يتحدث إليهم, مؤكدا أن قضايا المرأة استحوذت علي جانب مهم من الحوار, وأن الرئيس شدد علي أنه يدعم المرأة في جميع المجالات, حتي تتبوأ مكانتها اللائقة بها, ولا يتردد في ترشيح الكفاءات من السيدات لتولي المناصب القيادية, وأنه يرفض أي صورة من صور التمييز, سواء علي أساس الدين أو الجنس, وأوضحت أن الرئيس مبارك شدد علي أهمية إعلاء قيمة المواطنة, وأن تكون مصر وطنا للجميع دون أي تفرقة بين مواطنيها. وأضافت أبو النور أن الحديث عن ذكري انتصار أكتوبر الذي تحتفل به مصر بعد أيام قليلة, حظي باهتمام بالغ من الرئيس والمثقفين, باعتباره إنجازا تاريخيا وانتصارا علي قلب مصري وعربي, وأن الحوار حول هذا النصر استمر لما يقرب من الساعة, وتم التطرق إلي أهمية إنتاج أفلام وثائقية وأعمال درامية تجسد قيمة هذا الانتصار المصري الكبير, وأن الرئيس مبارك أعرب عن دعمه لهذا المطلب, ووجه بضرورة توفير جميع الإمكانات لإنتاج مثل هذه الأعمال بما يليق بانتصار أكتوبر, وينقل روح وحقيقة هذه الملحمة التاريخية التي تضافرت فيها بسالة القوات المسلحة مع صمود الشعب المصري للأجيال المقبلة.