منشأة صدقي واحدة من الألف قرية الأشد احتياجا, ورغم ادخالها ضمن مشروع القري النموذجية لكننا عندما زرناها وجدنا تطويرا لم يكتمل ففقد معناه وهدفه. والمثل الأكبر هو الوحدة الصحية التي شاهدنا مبناها الجديد واجهزتها الحديثة ,لكننا اكتشفنا أن المبني مهجور لأن الأطباء إما يعملون في عيادات خاصة أو يحاولون بالوصول الي واسطة للانتقال للعمل بالزقازيق, عاصمة محافظة الشرقية التي تتبعها قرية منشأة صدقي, أما الأجهزة الحديثة فلا تعمل ليس فقط بسبب غياب الأطباء ولكن أيضا لعدم وصول الكهرباء بالتيار اللازم لتشغيلها! منشأة صدقي واحدة من الألف قرية الأشد احتياجا, ورغم ادخالها ضمن مشروع القري النموذجية لكننا عندما زرناها وجدنا تطويرا لم يكتمل ففقد معناه وهدفه, والمثل الأكبر هو الوحدة الصحية التي شاهدنا مبناها الجديد واجهزتها الحديثة لكننا اكتشفنا أن المبني مهجور لأن الأطباء إما يعملون في عيادات خاصة أو يحاولون بالوصول الي واسطة للانتقال للعمل بالزقازيق, عاصمة محافظة الشرقية التي تتبعها قرية منشأة صدقي, أما الأجهزة الحديثة فلا تعمل ليس فقط بسبب غياب الأطباء ولكن أيضا لعدم وصول الكهرباء بالتيار اللازم لتشغيلها! إذا تحدثنا عن مباني القرية فهي مجموعات من البيوت مبنية عشوائيا تحاصرها القمامة, أما جدرانها فقد تآكلت بفعل المياه الجوفية والصرف المختلط بها! والناس في القرية بلا عمل, بلا أمل, حتي التعليم لا يوجد به التنويعة التي تفرز خريجا تحتاجه سوق العمل, وحتي المشاريع المتناهية الصغر التي يمولها الصندوق الاجتماعي للتنمية لا تزيد علي مشروع يتيم كمال قال الأهالي لشاب يبيع الخضر أو ينقلها لبائعيها علي سيارة متهالكة يستنفد اصلاحها دخله أولا بأول ويتركه مدينا متعثرا! أحلام الأهالي رمادية, فلا يوجد اللون الوردي حتي في منامهم! ربما لأنهم فقدوه في حياتهم اليومية! لا تتهمونا بأننا متشائمون.. لكننا نرسم الصورة التي وجدنا عليها القرية وأهلها.. وتعالوا معنا من أول الرحلة!! نعود الي الشكوي التي تقدم بها ممثلوا الأهالي فقد استغاثوا بالجهات المسئولة لتوفير رغيف العيش المدعم, فالفرن البلدي الوحيد الذي يخدم القرية لا تتجاوز حصته5 أجولة في اليوم لو تم توزيعها بالتساوي بين أبناء القرية فلن يتجاوز نصيب كل منهم رغيفا أو رغيفين في اليوم! الأهالي انشغلوا بنصيبهم الذي لا يحصلون عليه ويتشاجرون ويتصارعون وأحيانا يتقاتلون ليحصلوا عليه يوما ولا يستطيعون باقي الأيام.. فلن يكونوا دائما منتصرين في حرب الرغيف! اتجهنا الي القرية لنجد أن هناك حروبا أخري تدور تطحن الناس وتسحقهم.. ولم نجد أفضل أصحاب المشاكل ليعرضوها بأنفسهم.. فماذا قالوا؟ أحلام بسيطة ومشروعة عايدة رجب أم لخمسة أطفال أكبرهم أحمد15 سنة تعمل في محل البقالة الذي يملكه زوجها كل احلامها تتلخص في إستكمال اولادها مراحل التعليم الذي يقتصر في القرية علي التعليم الأزهري والمتوسط وتؤكد بأنها يمر عليها أوقات كثيرة تجد نفسها متأزمة أمام الاحتياجات الغذائية الضرورية لاسرتها في حين لا تملك القدرة عي توفيرها فالنساء في القرية لا يعرفن شيئا في الدنيا الا تربية الأطفال والأهتمام بالأعمال المنزلية. أما قمر عبدالعزيز فمشكلتها الرئيسية ليست في تعليم أولادها وأنما في إنعدام فرص العمل أمام زوجها الكفيف صلاح وصفي السيد ربيع الحافظ للقرآن الكريم. تقول قمر: معي3 أولاد( ولد وبنتان) تتراوح اعمارهم بين9 و13 سنة يتعلمون والوحدة الصحية الموجودة هنا لا يباشرها الأطباء بصفة مستمرة فضلا عن النظرة الدونية التي ينظرون لنا بها ولم يعد لنا الحق حتي في المتابعة وليس بمقدوري الاستفسار عن الحالة المرضية لزوجي لأنني غير قادرة صحيا وماديا علي الذهاب الي المستشفي الرئيسي بمركز أبو كبير وكل أملي الحصول علي أي فرصة ليعمل زوجي في مسجد القرية ولكن دون جدوي ونحن نعيش الآن علي ما يجود به أهل الخير... لكن إلي متي يستمر هذا الوضع؟ أحلام للأبناء أما جمالات توفيق45 عاما ربة منزل زوجها متوفي منذ خمس سنوات ولديها اربعة من الشباب فلم تحلم يوما لأولادها بأن يسكنوا في إحدي الشقق التي تحتل إعلاناتها مساحات في صفحات الجرائد ولم يخطر ببالها ان يركبوا سيارات حتي لو كانت متهالكة كل ما تريده من هذه الدنيا ان يجد أولادها فرصة للعمل. وتشاركها في نفس الهموم زينات عبدالسلام التي تقول أنا مستعدة ان يقلعوا عينا من عيوني وابني يشتغل.. بدل ما هو نايم في الدار طول اليوم, أنا خايفة المعاش ينقطع, احنا فلاحين غلابة. وبنكافح في الحياة من لا شئ. أما عاطف عبد الباسط22 سنة حاصل علي دبلوم صنايع فيعمل والده عاملا زراعيا بالأجرة ويلجأ الي السلف من أجل تلبية احتياجاته الشخصية فحياته أصبحت عبارة عن مجموعة من الفواتير والكمبيالات لتسديد الديون والقروض ونظرا لأنه يعمل باليومية كعامل بناء في مركز أبو كبير فأن أي مكسب يضيع معظمه في المواصلات والمصاريف النثرية لهذا فهو يحلم بالهجرة الي الخارج ربما يجد فرصة عمل أفضل! ويقول محمد أحمد ابراهيم الذي يبلغ من العمر20 عاما وحاصل علي الدبلوم إنه لا يرغب في أن يرث من أسرته مهنة الزراعة بل يسعي للالتحاق بوظيفة حكومية أو في القطاع الخاص. أما سلامة محمد زكي42 عاما خريج عام86 لم يترك أي مكتب من مكاتب التشغيل إلا وطرق بابه حتي طلبه الحصول علي قرض من البنك لعمل مشروع متناهي الصغر قوبل بالرفض لعدم وجود الضمانات الكافية, كما أن ما حدث مع أحد شباب القرية الذي استفاد من القروض التي يتيحها الصندوق الاجتماعي للتنمية لنقل الخضروات ولا ينام من أقساطها وتكاليف تصليحها فالعربات المخصصة للشباب في المشروع ضعيفة ولا تتحمل بيئة القريةلايشجع علي تكرار تلك التجربة, فهو يملك عربة. وسعيد زكريا35 عاما متزوج ومعه4 أطفال فيؤكد بأنه مهدد بالتشرد فالبيت أيل للسقوط وتحولت جدرانه الي سراديب وجحور مظلمة مخيفة تسكنها الفئران وتعشش فيها العناكب ورغم ذلك فهو مضطر لدفع ايجار شهري بعد أن تبين أن البيت مبني بطريقة عشوائية علي أملاك الدولة! مستوي التعليم ويؤكد أهالي القرية أيضا عدم وجود فصول لمحو الأمية منذ7 سنوات فنسبة الأمية في القرية تصل الي10% فقط علي حد قولهم إلا أن مستويات التعليم محصورة في الدبلوم المتوسط ونسبة قليلة للغاية الحاصلة علي تعليم عال. الصرف الصحي الأهالي قالوا أيضا أن من أكبر مشاكل القرية حاليا هو الصرف الصحي فلا يزال يتم في بيارات مما أدي الي مشاكل كبيرة منها تلوث المياه الجوفية التي يشرب منها الأهالي الي جانب تسرب كميات كبيرة من المياه الملوثة الي الترع والتربة الأرضية مما يؤثر علي صحة الأهالي والزراعة. والأمر المثير للدهشة أن القرية مديونة بغرامات مالية نتيجة استخدامات المياه في حين أن شبكة المياه في القرية متهالكة وقد انتهي عمرها الافتراضي منذ سنوات أي بمعني لا يوجد أي مصدر للمياه في القرية, الوحدة الصحية وعند الاستفسار عن الطبيب المسئول عن الوحدة أكد لنا كاتب الوحدة الصحية أنه في اجتماع وهنا بدأ حوار ساخن بين الكاتب وأحد المواطنين الذي أكد عدم انتظام اطباء الوحدة( الثلاثية) معظم الوقت لتواجدهم باستمرار في الزقازيق أما في عيادات خاصة لكسب أكبر قدر من المال أو للبحث عن واسطة للانتقال من الوحدة الصحية في القرية الي الزقازيق! ويقول المحاسب سعيد عمارة أن المعمل الطبي الموجود في الوحدة الصحية لا تتناسب امكانياته مع علاج الأمراض المتفشية كالبلهارسيا وأن الوحدة تغلق ابوابها قبل أذان العصر. أما الحاج أحمد ابراهيم ويعمل مزارعا فيقول أخذت دواء من التأمين الصحي تعبني خالص ودلوقتي بيتعاقدوا مع أي شركة أدوية الي جانب طبيب الوحدة الصحية غالبا خريج جديد ويباشر عمله في جميع التخصصات وكأنه خبير في علاج كل الأمراض! علاقة الفلاح بالأرض ويقول حسن محمد البارز: كل شئ تغير ليس في قريتنا فقط وإنما في كل القري فالمزارع زمان كان الخبز كثير لديه وفيه بركة من المحصول لكن دلوقتي المكسب قليل وربنا هو اللي بيقضيها وأن كل اللي بتمناه أن أستر بيتي وهمي الأكبر هو جواز البنات. ويشكو ماهر عبد السلام بقال القرية وموزع للسلع التموينية الحال في القرية بأنه راكد وغالبا ما يلجأ الأهالي للقروض البنكية واضطر الي بيع التموين للأهالي بالتقسيط المريح ويضطر الفلاح لبيع قيراط أو قيراطين من الأرض لسداد ديونه. أما الحاج أحمد ابراهيم فيري أن الغاء الدورة الزراعية جعل كل واحد بيزرع ما يريد مما أثر علي جودة المحصول مجتمع القرية والانتخابات ويقول أحمد ابراهيم محمد أن بعض القري ومنها قريتنا يقام فيها ولائم ضخمة اثناء الانتخابات التي أصبحت فرصة للتباهي واظهار القدرة المادية والنفوذ الاجتماعي للمرشحين حيث تقام السرادقات الضخمة ويأتي الناس من كل مكان لإظهار المكانة الاجتماعية للمرشح وبعد الانتخابات يختفي جميع المرشحين وفي مقدمتهم لنائب!