أصبحت السينما تفاجئنا من وقت لآخر وعلي غير العادة بفيلم جيد, والغريب أن هذا الفيلم الجيد يكون علي عكس المتوقع منه أو يأتي في غفلة من الزمن دون أن يشعر بوجوده أحد. وذلك بعكس أفلام كثيرة وكبيرة من حيث تكاليفها, نجومها ودعايتها ثم نكتشف بعد عرضها أنها كالجمل الذي تمخص فولد فأرا.. وكم من أمثلة عديدة علي هذه النوعية من الأفلام والتي صدمنا فيها وكان أفرادها هذا الموسم الصيفي, لكن فيلم عائلة ميكي ليس من هذه النوعية من الأفلام, بل هو من النوعية الأولي التي لم يشعر بوجودها أحد سواء وهي مجرد خبر أو حتي عند تصويرها وربما يرجع السبب في ذلك لأنه فيلم قليل التكلفة قليل النجوم أقصد طبعا النجوم الكبار أو السوبر حيث إن أبطاله جميعا من الوجوه الشابةالجديدة باستثناء لبلبة وأحمد فؤاد سليم والفنانة القديرة رجاء حسين. { ورغم أن الفيلم لم يجد من يتحمس له أو لدخوله في البداية مثله مثل باقي الأفلام المعروضة والمعروفة بأفلام موسم عيد الفطر أو الموسم سيئ السمعة لما يعرضه من أفلام لا تخرج عن كونها أفلام مقاولات بتوقيع السبكي مثل أولاد البلد. ولكن مع فيلم عائلة ميكي الأمر مختلف حيث إنه فيلم بعيد عن السينما الهابطة بل هو فيلم بجد وبحق حقيقي والأهم أنه محترم ويحترم عقلية من يشاهده. { الفيلم قد يكون بسيطا لكنه ليس تافها والأهم أنه غير مدع وغير متفلسف حيث إنه يادوب يعرض المشكلة ولا يفتي في حلها والفيلم كله نقدر نقول عليه إنه علي نفس وزن فيلمي كل من امبراطورية ميم وعائلة زيزي ولكن مع مراعاة فروق التوقيت بين زمن زيزي زمان وزمن ميكي الآن! وعلي فكرة الفيلم ليس كما يبدو من اسمه أنه فيلم أطفال فهذا فقط مجرد اسم أما الفعل فهو اجتماعي وصالح لكل الأعمار حيث يضم كل المراحل العمرية تقريبا بدءا من الجدة رجاء حسين ومرورا بالأم لبلبة والأب أحمد فؤاد سليم وانتهاء بالاحفاد أو الأولاد الخمسة الضابط وطالب الهندسة وطالب الإعدادي وطالبة الثانوي, وأخيرا التلميذ الصغير ميكي ويتعرض الفيلم من خلال هؤلاء الأولاد لكل مشاكل الشباب بمن هم في مثل أعمارهم, وإذا قارنا من خلال هذا الفيلم بين المشاكل الموجودة حاليا والمشاكل التي كانت موجودة في زمن فيلمي امبراطورية ميم وعائلة زيزي نجد علي الفور مدي التغييرات المهولة التي طرأت علي المجتمع عموما وعلي الشباب خصوصا, فزمان عندما ذهبت مها ليلي حمادة إلي منزل صديقها في امبراطورية ميم رغم أنها كما اعترفت مها لأمها بأنها زيارة بريئة إلا أن الأم فاتن حمامة اعتبرت مجرد دخول بنت لمنزل الولد جريمة في حد ذاتها, أما الآن وفي فيلم ميكي فالبنت لم تعد هي التي تذهب إلي الولد وهو بالمناسبة ليس حبيبها بل مجرد صديق تعرفت عليه علي الفيس بوك ومع ذلك يأتي إليها في منزلها منزل العائلة وعلي أية حال فالفيس بوك أصبح يغني عن الذهاب أو العودة حيث أصبح يفي بالغرض حتي لو كان كل واحد جالس في بيته. { كان الأداء التمثيلي في الفيلم هو البطل الحقيقي, أما البطولة الجماعية فكانت هي البطل الوحيد حيث تفوق جميع الأولاد علي أنفسهم بتلقائيتهم وخفة دمهم التي لا تشعرك بأنهم يمثلون ولأول مرة وطبعا لبلبة كعادتها جديدة ومتجددة في دور الأم المحجبة التي تعاني الامرين كموظفة وأم لخمسة أولاد يجننوا بلد بحالها. { لقطة ظريفة جاءت في الفيلم تكشف عن مدي عالمنا الذي أصبح مزيفا في كل شيء حتي جائزة الأسرة المثالية لم تأتيللأسرة في الفيلم إلا بالرشوة فدفعوا فيها100 ألف جنيه لكي يحصلوا عليها. مفاجأة اخري جميلة جاء بها الفيلم متمثلة في وجود الفنانة القديرة رجاء حسين فاحيا من خلالها دور الجدة مرة اخري لتكتمل بها جميع اضلاع الاسرة الفيلم كله مكسب جديد لسينما افتقدناها كثيرا الآن وهي الافلام الاجتماعية العائلية والاسرية والتي اصبحت مفقودة في افلامنا, وكأنها موضة قديمة وعفا عليها الزمن وها هي تعود علي احدث موضة مع ميكي المصري.