ليس عرس الدم وحده الذي شاهدته لك هذا الأسبوع من خلال الباليه الأسباني الذي تعرضه دار الأوبرا المصرية, ولكن شاهدت الجزء الثاني من هذا العرض الأسباني, وهو متتالية الفلامنكو. . ولعل هذا التوقيت بالذات كي تعرض مصر أعمال أسبانيا الرائعة مناسبا للغاية, حيث خلال هذا الشهر احتفلت أسبانيا برئاسة الاتحاد الأوروبي. الفرقة الزائره هي فرقة انطونيو جاديس والتي استطاعت المؤسسة الي تحمل اسمه بعد وفاته أن تحافظ علي الجدية في ابداع هذا الفنان لتقوم بنشره في جميع أنحاء العالم. استطاع جاديس ومؤسسته من بعده تطوير الفن الاسباني وتطوير الباليه المعلق علي روح الفلامنكو لتشاهده بصورة مختلفة إلي حد ما عن الماضي. بالطبع الميزاتسين وتصميم الرقصات يؤكد لنا أن هذا فن اسباني خاصة مع الملابس التي اشتهرت بها اسبانيا سواء بالنسبة للراقصات أو الراقصين وأيضا نلتمس بوضوح شديد هذه القوة التي تنبعث من كل حركة ولفتة من الراقصين والراقصات والتي تماثل خاصة بالنسبة للأفضل قوة وصلابة, تماثل رشاقة مصارعي الثيران. نفس القوة والحماس والاعتزاز بالقدرة الجسمانية بصورة واضحة. عرس الدم قدمته الفرقة اعتمادا علي أحداث مسرحية جارثيا لوركا والتي استوحاها بدوره من أحداث حقيقية حدثت في قرية اسبانية عام28 من القرن الماضي. القصة تضم أو تتناول المشاعر الإنسانية خاصة في الحالة التي نحن بصددها وهي حب فتاة لشاب ليتدخل الغريم ويتصارع الشابان لتكون وفاة الاثنين المحبين للفتاة التي لم تستطع أن تحول دون هذه الكارثة. في الجزء الآخر من هذا الباليه شاهدنا ربما لأول مرة مشهدا فريدا يقدم الحركة البطيئة للغاية لقتال الغريمين والتي تستغرق ما يقرب من10 دقائق والتي تنتهي بوفاتهما, الحرب هنا أو القتال كان بالسكاكين تلك التي نفذت إلي قلب الأول وظهر الثاني لترديهما قتيلين أمام الفتاة أو العروس التي تحول عرسها إلي اسم الباليه وهو عرس الدم. الجزء الثاني من برنامج الفرقة الاسبانية كان متمثلا في الفلامنكو والذي أيضا حظي بحركات جديدة وتصميم وإن حافظ علي الروح الاصيلة التي نعلمها جميعا ولكن هناك بعضا من التفصيلات التي تقدم الجديد والمتطور لهذا الفن الشهير. اهتمام بالاضاءة واضح تماما واهتمام بالأغنية وبالطبع واضح أيضا ثم كان من أهم المشاهد تلك التي تقدم بمصاحبة عزف الجيتار من خلال فرقة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها خمسة ولكنها تقدم لنا الاحساس المتدفق للفن الاسباني. مع هذه الفرقة وأيضا مع الموسيقي التسجيلية لباقي مشاهد العرض كان الايقاع المنبعث من أرجل كل الراقصين والراقصات حقيقيا بمعني أنه يصل إلينا بالضبط من خلال الحديد المركب في كعب الحذاء والجزء الأمامي منه. إيقاع سريع وبالغ القوة والتأثير بالطبع لأرجل مدربة منذ الصغر وهو نفس ما يتم بالنسبة للباليه الذي يعتمد علي تدريبات منذ الصغر حتي يمكن للراقص أو الراقصة أن تقوم بهذه الحركات بالغة الصعوبة وبالغة الدقة أيضا عندما نستمع إلي مايشبه الطبلة المنبعثة من الحذاء. وبعد المجاميع التي قدمت الجزء الثاني من العرض في متتالية الفلامنكو تحرك أفراد الفرقة الموسيقية وهم عازفو الجيتار تلك الآلة التي اشتهرت بها اسبانيا, تحركوا أمام الراقصين لتحية الجمهور من خلال أداء رقصاتهم أيضا بالأرجل بينما هم إما كبير في السن وإما بدين وإما أصلع وهكذا ولكن يبدو أن الجميع في اسبانيا يجيد هذا الرقص الذي يصعب علي غيرهم أداؤه. الديكورات لدينا بسيطة للغاية, ولكنها تقدم الايحاء المطلوب لنجد أنفسنا وقد انتقلنا جميعا إلي قلب اسبانيا. عمل لا أقول جيداولكن متميزا في بداية العام الجديد وأيضا في بداية تولي أسبانيا لرئاسة الاتحاد الأوروبي وربما لهذا كانت مقاعد دار الأوبرا مشغولة بالكامل.