مشهد مألوف يتكرر عادة قرب الاعياد شاب وفتاة تطل من عيونهما السعادة وتتشابك اصابعهما علي استحياء وهما بجوار فاترينة عرض المجوهرات في محاولة لاختيار الشبكة التي سوف يقدمها العريس لعروسه في حفل خطوبتهما في العيد حتي تصبح الفرحة فرحتين. وفاتورة الشبكة بالطبع باسم العريس حتي ولو ساهم اهل العروس في شرائها, فقد اصبحوا اهلا. ولم يعد هناك فرق والناس بيشتروا راجل, والمليان يكب علي الفاضي كما قال اهل زمان. وقد يستمر تفهم العروسين ويتم الزواج, واحيانا يحدث الاختلاف لان احد الاطراف اخل بالاتفاقات او لان احد العروسين او كليهما اكتشف عيوبا في الطرف الاخر يصعب معها استمرار الحياة بينهما.. هنا يتفنن كل طرف في الضغط علي الاخر حتي يبدو هو الرافض, ويسقط حقه في الشبكة, فاذا كان الرفض من جهة العريس اصبحت الشبكة من حق العروس, أما اذا كان العكس فللعريس الحق في استردادها.. هذا وفقا للعرف الذي اكده مقترح قانون الاحوال الشخصية الذي قارب علي الخروج للنور والذي مازالت الجمعيات الاهلية تجاهد لإخراجه بصورة جيدة خالية من ايه ثغرات تحقيقا لاستقرار الاسرة المصرية. اخر هذه الجهود قامت بها جمعية المرأة والمجتمع من خلال لقاء مع الإعلاميين علي مدي ثلاثة ايام لمناقشة الدليل الارشادي لتعديلات قوانين الاحوال الشخصية وكيفية تناول الاعلام والمجتمع المدني لقضايا حقوق المرأة, الذي اعدته شبكة الجمعيات العاملة في مجال حقوق المرأة والذي جاء نتيجة عمل الشبكة علي مدي ثلاث سنوات في19 محافظة. ولان الإعلاميين المشاركين في اللقاء من المتخصصين المهتمين بحقوق المرأة وقضايا الاحوال الشخصية فقد طرحوا العديد من الاقتراحات كان احدث مافيها هو المطالبة بتحرير عقد للخطبة كما يحدث في بعض المجتمعات الريفية, يتم فيه اثبات شروط اتمام الزواج من التزامات بشأن تجهيز بيت الزوجية ومكان سكن العروسين وموعد اتمام الزفاف ولو بالتقريب وقيمة الشبكة واثبات ما اذا كان اهل العروس قد ساهموا في ثمنها ام لا. كما سجل الإعلاميون ملاحظاتهم علي العديد من القضايا الشائكة مثل اقتسام الثروة بين الزوجين في حالة انفصالهما وأحكام النفقة ومصادر تمويلها وقانون الرؤية وتغييره الي نظام الاستضافة وتحديد افراد العائلة الذين لهم حق رعاية الابناء في حالة عدم انطباق شروط الحضانة علي الوالدين في الاستفادة من هذا النظام مثل الجدود والاعمام والعمات والخالات. وتأتي اهمية مناقشة هذا القانون كما تقول سهام نجم رئيسة جمعية المرأة والمجتمع عضو شبكة الجمعيات العاملة في مجال حقوق المرأة من انه يمس اربعا ونصف مليون اسرة. لذا حرصت الشبكة علي مناقشة القانون مع البرلمانيين و القانونيين والإعلاميين في اطار اعداد هذا الدليل الذي يرتكز علي مباديء الدستور المصري والمعايير الدولية لحقوق الانسان والتراث الفقهي والقضائي المستنير والاجتهادات القانونية في مجتمعات عربية واسلامية اخري وواقع المجتمع المصري ويقدم رؤية منهجية لقضايا الخطبة والزواج والطاعة والنفقة والحضانة والرؤية والطلاق والتطليق والخلع وتعدد الزوجات والثروة المشتركة للزوجين. واشار المشاركون في اللقاء من جهة اخري الي ان الشبكة اهتمت بقضايا المرأة لانها غالبا هي الطرف الاضعف في اي مشكلة من مشاكل المجتمع, كما اهتمت بقانون الاحوال الشخصية لانه يمس كل افراد الاسرة, ولان عدم استقرارها هو المسئول عن الظواهر الاجتماعية السلبية مثل التطرف والعنف واطفال الشوارع وهي ظواهر يضعها المجتمع المدني في مقدمة اولوياته فالمجتمع المدني قد لا يستطيع تبني مشروع قومي ولكنه يستطيع تهيئة المجتمع لهذا المشروع ورفع اصوات المهمشين. كما اكد هاني الجبالي المحامي بالاستئناف العام اهمية مناقشة قانون الاحوال الشخصية واحترام كل الاجتهادات لاخراجه بصورة تضمن استقرار الاسرة مسجلا ملاحظات مهمة بشأن القانون من بينها ان قانون الاحوال الشخصية لم يحدد مواصفات عقد الزواج وان القانون ليس له لائحة تنفيذية, واقترح تخصيص صندوق تأمين للاسرة لفك التشابك في تنفيذ احكام النفقة الحائرة بين مكاتب تسوية المنازعات وبنك ناصر, لان البنك لا ينفذ محاضر او عقود الصلح, وإنما ينفذ احكاما قضائية, كما ايد الاقتراح بتحرير عقد للخطبة, لاثبات الحقوق بدلا من اللجوء الي الاستشهاد بالصور وشهادة الشهود في حالة رفع قضية لاسترداد الشبكة موضحا أن اهم ما يجب ان يتضمنه هو النص علي تعويض الفتاة في حالة فسخ الخطبة بعد فترة زمنية طويلة. ولان مشاكل الاحوال الشخصية عادة ما يحيطها العنف لانها انعكاس لخلافات داخل الاسرة فقد طرحت د. ايناس ابو يوسف الاستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة دراسة تحليلية لنتائج المرصد الإعلامي للمجلس القومي للمرأة وكان من بين نتائجها التوصيه بالعمل علي تصحيح المفاهيم بالنسبة للعنف داخل الاسرة, واستخدام المدخل الحقوقي عند التحدث عن العنف ضد المرأة وتخطيط حملة اعلامية علي المستوي القومي تستهدف رفع مستوي وعي المواطنين باشكال العنف داخل الاسرة( الختان الضرب التحرش زنا المحارم الاجبار علي الاجهاض الاهانة التحقير سوء المعاملة التمييز). وجاءت التوصيات متوافقة مع مقترحات كل من خبيرة تنمية النوع الاجتماعي امل محمود فايد ومصطفي خضير رئيس القناة الرابعة القنال التي دارت في اطار السعي للوصول الي قانون اسرة متكامل. حيث اكدت امل محمود فايد ان حقوق الانسان هي المعايير الاساسية التي تكفل الحياة الكريمة والحكومة هي الكافل لهذه الحقوق والمجتمع المدني عليه دور مهم في بناء الوعي بهذه الحقوق لدي المجتمع بشكل عام وللمرأة بشكل خاص, وقال مصطفي خضير ان برامج المرأة في الإعلام يجب ان تتضمن معلومات تنمي افكارها ووعيها وتناقش ما يخصها من موضوعات لتعريفها بحقوقها ادوارها, وان تخاطب هذه البرامج المرأة في جميع مراحل عمرها. ومرحلة الخطوبة والشبكة بالطبع مرحلة مهمة يجب ألا نغفل الاهتمام بها.