أي زائر لمصر بمجرد ان تطأ اقدامه شوارع القاهرة الكبري الرئيسية منها أو الفرعية يلاحظ علي الفور كم الفوضي والعشوائية التي أصبحت من أهم سمات وسائل المواصلات. العشوائية ترجع إلي عشرات الأسباب لكن تبقي وسائل المواصلات المخالفة والعشوائية هي السبب الابرز لتفاقم حالة الفوضي في الشارع المصري. هناك ميكروباصات تمارس البلطجة وأخري تعمل في بعض المناطق دون تراخيص وهناك مشكلة التكاتك التي يبدو أنها تحتاج إلي تدخل الرئيس مبارك.. هناك فوضي الجري العشوائي وعدم الالتزام بالطريق يمينا أو يسارا, فمثلا تجد السباق محتدما بين سيارة نقل وأخري ولا رادع. هناك الوقوف في عرض الشارع والمواقف العشوائية.. وهناك وهناك.. ولاحياة لمن تنادي. المشكلة في تقديري انه لاتوجد رقابة علي وسائل النقل العشوائية ولايوجد حساب رادع.. لماذا لاتتم مصادرة وسائل النقل غير المرخصة والمخالفة سواء كانت التكاتك أو غيرها. قبل الدخول في تفاصيل نشير إلي ان هناك محاولات كثيرة وافكارا تطرح ليل نهار لتخفيف الزحام.. لكن قبل هذه الحلول يجب ان تنجح الحكومة في تطهير الشارع المصري من العشوائية. وإذا لم يحدث ذلك فلا فائدة لكل هذه الحلول. وهنا نشير إلي أزمة التكاتك التي أصبحت امرا واقعا, فقد تركت هذه المسألة للمحافظين فأحدهم يوافق علي التراخيص لالتوك توك ويحدد له خط سير واحد يلتزم والبعض الآخر يحدد مناطق ولا احد يلتزم.. وهناك من يفكر في المصادرة فتقوم الدنيا ولاتقعد.. تجربة المصادرة فعلها محافظ القاهرة علي استحياء بحي المقطم الذي يعد من الأحياء الراقية, فقد اعطي المحافظات تحذيرات شديدة اللهجة بعدم سير الالتوك توكفي شارع9 وهو الشارع الرئيسي بالمقطم ولم يلتزم انصار العشوائية بل وجدوا من يداري عليهم ويحميهم لبعض الوقت وتفاقمت الأزمة فأصدر المحافظ قرارا بمصادرة150 توك توك, بعد فرض غرامات عليها في المرة الأولي وصلت إلي500 جنيه, ولم تنجح محافظة القاهرة في قرار المصادرة فقد حصل أصحاب التكاتك علي قرار من النيابة بتسلم هذه المركبة غير المرخصة لانها ملكية خاصة لهم وكانت النتيجة انه تم الافراج عنهم وعادت ريمة إلي عادتها القديمة, كما يقولون هذه التجربة تكشف مدي حالة الفوضي والعشوائية التي يعيش فيها الشارع المصري إذن ماهو الحل؟ الإجابة: جاءت علي لسان الدكتور مصطفي صبري أستاذ تخطيط النقل وهندسة المرور بجامعة عين شمس وأحد أعضاء اللجنة التي أعدت دراسة تطوير القاهرة الكبري, مؤكدا أن الأزمة المرورية في مصر لن تحل وسوف تتفاقم ما لم يتم القضاء علي عشوائية الإدارات, فيجب مثلا إنشاء جهاز بكل محافظة لإدارة هندسة الطرق علي مستوي كل محافظة والموارد اللازمة لهذه المشاريع يمكن تدبيرها ويكون لهذا الجهاز رؤية هندسية وصلاحيات معينة وفقا للعلاقة بين المدن والربط بين الطرق لكن مايسمي بإدارة الطرق الموجودة في الأحياء لها دور آخر يتعلق بالرصف وغير ذلك. المهم ان نقضي علي عشوائية الفكر.. لكن الذي يحدث انك تجد منطقة ما بعيدة عن اعين المسئولين فتجدها فجأة تحولت إلي وكر من الزحام والباعة والسيارات المخالفة وغير المرخصة وهذا يستدعي رقابة حقيقية.. ثم تأتي بعد ذلك الحلول الأخري مثل المحاور وإكمال مشروعات المترو الجديدة, ووسائل النقل الجماعي والترام السريع كل هذا يمكن ان يتم بنظام وينجح في حل الأزمة ما لم تكن هناك عشوائية. أحد المحافظين كشف لنا عن واقعة مأساوية تؤكد غياب الدولة وربما هيبة القانون والواقعة تتمثل في كونه أراد وقف بلطجة الميكروباص والتي وصفها بأنها مافيا, وكان يذهب بنفسه هو والسكرتير العام وبعد ذلك بدأ السكرتير العام يتردد لكي يتم تطهير المنطقة وعمل التعديلات اللازمة بالمنطقة ورغم وجود أفراد الأمن معه إلا ان بلطجية الميكروباض تربصوا بالسكرتير العام وهو في مكان آخر وحاولوا الاعتداء عليه وقد نجا من أيديهم بأعجوبة وأصيب وهذه كارثة.. ان كل فئة تريد ان تفرض لنفسها قانونا وليس مهما الآخرين. وسائل المواصلات العشوائية لاتوجد في القاهرة الكبري فقط بل في جميع محافظات مصر في سوهاج وأسيوط والمنيا وكذلك محافظات الوجه البحري.. كل منطقة تعاني أشكالا مختلفة من الاهمال والفوضي, الأمر الذي يستدعي فعليا ضرورة تدخل الدولة وإيجاد حل رادع.. قد يبدأ بالمصادرة, ولكن المصادرة علي حسب قول محافظ المنيا الدكتورأحمد ضياء الدين يجب ان تتم بموجب قانون محدد وواضح ويسبقها عقوبة الغرامة, أو تكون هناك ضوابط قانونية محددة ما الذي يجب مصادرته أين ومتي وما هي حجم المخالفات التي ترتكب؟! حتي لاتحدث زوبعات دون سند قانوني واضح!!