اجتماع مجلس الوزراء بكامل هيئته أمس الأول برئاسة الرئيس حسني مبارك حمل رسالة قوية وواضحة للأمة المصرية في هذا التوقيت الذي تناسينا فيه الكثير من قضايا التنمية وانجرفنا نحو متابعة حوار الانتخابات دون غيره. ثلاث ساعات من الحوار والنقاش حول قضايا الوطن وهموم المواطن انتهت إلي خطة عمل سوف تخضع لمتابعة الرئيس في الأيام المقبلة. وكان مبارك حازما ومحددا ومتابعا تفاصيل الكثير من القضايا التي تمثل في مجموعها محور التنمية المصرية وفق برنامج الرئيس الانتخابي الذي طرحه قبل خمس سنوات. وتأتي رسالة الرئيس في وقت خضعت فيه ساحة العمل السياسي للجدل المبني علي التوقعات والتخمينات والأقوال بشأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. لم يلق هذا الجدل الكثير من الانتباه أو الاهتمام بقضايا الوطن وهموم المواطنين من جانب كثير من وسائل الإعلام ولدي كثيرين من السياسيين أيضا. وجاءت تلك الرسالة لتذكر الجميع بأن هناك مهام وطنية تستحق الاهتمام والمتابعة مثل غيرها من القضايا التي سادت حياتنا السياسية خلال الفترة الأخيرة. فلا يمكن أن يتوقف كل شيء من أجل أن يستمر الجدل والنقاش حول الانتخابات المقبلة. جاءت رسالة الرئيس لتذكر المصريين جميعا بأن خمس سنوات قد انقضت, وبقي نحو عام واحد علي الفترة الرئاسية التي تم فيها ولأول مرة في تاريخنا انتخاب رأس الدولة انتخابا حرا مباشرا. وأجريت تلك الانتخابات علي أساس برنامج سياسي شامل طرحه مبارك. وأصبح عهدا بين طرفي الحكم في مصر. وكان اهتمامه في اجتماع مجلس الوزراء بما تم وبما لم يتم من برنامجه الانتخابي تعبيرا عن تقدير واحترام بالغين لكل ناخب مصري منحه الثقة فيما وعد به. وقد أظهر الرئيس الكثير من الحرص علي ترسيخ مبدأ البرامج الانتخابية في حياتنا السياسية التي أصبحت تحمل الكثير من الملامح الجديدة وغير المسبوقة في تاريخنا. وإذا كانت التقارير التي عرضتها الوزارات المختلفة تشير إلي تنفيذ كامل البرنامج في بعض القطاعات, وتحقيق أكثر مما جاء به في قطاعات أخري, فإن هذا البرنامج في نهاية عامه السادس يستحق منا أن نتوقف عنده لنري الذي تحقق منه والذي لم يتحقق, وأن ننظر وندرس لنعرف كيف استطعنا تحقيق ماكان يبدو صعبا ومستحيلا قبل خمس سنوات. إن ما تحقق من برنامج الرئيس مبارك أسهم في تدعيم قدراتنا في مختلف المجالات علي تحقيق معدلات أداء أفضل, وتحسين مستويات الحياة في هذا البلد. وعلي الذين اعتادوا التشكيك في كل شيء أن يعودوا إلي الحقائق أينما كانت ليدركوا كم غير هذا البرنامج وجه الحياة في مصر. ثم إن إنجازات برنامج الرئيس تؤسس قاعدة صلبة نبني عليها المزيد من الإنجازات وننطلق منها إلي آفاق أوسع وأهداف أكبر في المرحلة المقبلة. ولم يتوقف الرئيس مبارك في حديثه القاطع وتكليفاته المحددة للوزراء عند البرنامج الانتخابي, بل تعداه إلي الكثير من القضايا التي استجدت في الحياة المصرية. حيث طالب الحكومة بأن تتخذ من الإجراءات ما يكفل انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة, وأن تواجه الحكومة تساؤلات الرأي العام بالاهتمام الواجب والحقائق المؤكدة. وشدد الرئيس علي الاهتمام بأراضي الدولة بما يضمن الاستغلال الأمثل لها دون إخلال بالحق العام أوالملكية الخاصة. وحدد للحكومة مهلة محددة تنتهي فيها من وضع نظام شامل ودقيق للتعامل مع أراضي الدولة تنتفي معه كل شبهة استغلال أو انحراف.. نظام يجعل أرض الدولة متاحة لكل من يستخدمها ليضيف بها ما يدعم قدراتنا علي الإنتاج, ويوفر أفضل سبل للاستثمار. وحدد أيضا للحكومة مهلة شهرين تنتهي خلالهما من تقديم تقرير كامل عن تنفيذ عدد من المناطق التجارية والخدمية في كل محافظات مصر, ويتم اختيار هذه المناطق بالتنسيق مع المحافظين, وتحديد قواعد طرحها خلال الشهور الستة المقبلة. والحكومة مطالبة أيضا بتقديم تقرير إلي الرئيس عن إنشاء تجمعات زراعية وصناعية متكاملة تتيح المزيد من فرص العمل ويتم استصلاح250 ألف فدان في المرحلة الأولي لإقامتها. كذلك فالحكومة مطالبة وفق تعليمات الرئيس بضخ المزيد من الاستثمارات في مشاريع البنية الأساسية من تعليم وصحة ومياه وصرف صحي وطرق وكباري. وهي استثمارات تقدر بنحو58 مليار جنيه لابد من البحث عن مصادر توفيرها من خلال المشاركة مع القطاع الخاص. قائمة المهام التي حددها الرئيس للحكومة في هذا الاجتماع تمثل مرحلة جديدة ونقطة انطلاق لعمل وطني يواجه الكثير من التحديات في الداخل والخارج علي السواء. لقد وضع الرئيس حسني مبارك الحكومة في مواجهة قائمة طويلة من القضايا تحتاج إلي رؤية جديدة, وقدرة فائقة علي مواجهة الصعوبات. ولعل الإصرار الذي صدرت به توجيهات الرئيس للحكومة والجداول الزمنية المحددة لها يمثلان الآن الضمان الأكبر لأن نري المزيد من الإنجازات في هذا البلد. [email protected] المزيد من مقالات أسامه سرايا