إيناس عبد الغني يرتبط شهر رمضان المعظم بكثير من الطقوس والعبادات والعادات التي تنعكس وتؤثر علي الحالة النفسية للإنسان, وهذه التأثيرات تساعدنا علي تخطي الأزمات والتوترات النفسية وتحمينا من الأمراض النفسية. ويؤكد الدكتور ممتاز محمد عبدالوهاب أستاذ الأمراض النفسية والعصبية بكلية طب قصر العيني أن التقرب من الله يعطينا الأمل ويمنحنا الراحة النفسية والطمأنينة, فالإنسان يحتاج إلي الحماية من قوة كبيرة تدفع عنه الشر والضرر وتحميه من مستقبل غامض لا يعرف عنه شيئا, ولاشك أن المجهول هو أكثر ما يخيف الإنسان ويربكه ويسبب له التوتر والقلق وعندما يقترب الإنسان من ربه, فإن هذا يعطيه إحساسا بالطمأنينة والإحساس بالعدالة يجعل الإنسان يتحمل ظروفه الصعبة التي تواجهه في الدنيا وما قد يتعرض له من ضغوط وأحيانا إحساسه بالظلم لاقتناعه بأن الله سوف يعوضه مما يعطيه الراحة النفسية والهدوء والصبر علي الابتلاء طمعا في الأجر عند الله. ويشير د. ممتاز عبدالوهاب إلي أن المرضي النفسيين في حاجة إلي هذا الشهر الكريم حيث يساعدهم علي استعادة توازنهم النفسي, فالاقتراب من الآخرين والتفاعل معهم هو من أهم العوامل التي تساعد علي الراحة النفسية, فكثير من المرضي النفسيين يعانون من الوحدة والانعزالية وهي من أكثر الأعراض التي يعاني منها المريض النفسي, فاجتماع الأسرة علي الطعام في وقت واحد والصلاة في جماعة والزيارات الأسرية كلها تساعد المريض النفسي علي الاندماج في المجتمع والخروج من عزلته فيتفاعل ويشارك مع الآخرين,. كما أن رمضان يتيح الفرصة للأسرة لاستعادة روابطها فنادرا ما يجمع أفراد الأسرة أو يلتقون في الأحوال العادية, حيث ينشغل كل واحد في حياته ومشاكله ولكن في رمضان هناك فرصة كبيرة للاجتماع وقت الإفطار وفيها يستعيد الجميع التعرف علي بعضهم ويقتربون أكثر بالمناقشة واللقاء بعد الإفطار وتبادل الأخبار الأسرية وغيرها, كما أن صلة الرحم تزداد في رمضان مع دعوات الإفطار والسحور مما يزيد من الترابط الإنساني بين الأصدقاء والأقارب, ولقد وجد أن من أكثر العوامل التي تقي الإنسان وتحميه هو وجود شبكة اجتماعية من الأصدقاء والأقارب تدعمه وتساعده وهو ما يتوافر في هذا الشهر الكريم, كما أن رمضان فرصة لتطهير النفس والتخلص من الذنوب مما يضفي علي الإنسان راحة نفسية ويخلصه من مشاعر تأنيب الضمير. ورمضان فرصة للتخلص من العادات السيئة مثل التدخين, فالإنسان يستطيع استغلال فرصة الصيام للامتناع عن السجائر مستغلا فترات الصيام والإنشغال بالعبادات, وهناك بعض العادات السيئة المرتبطة بهذا الشهر الكريم التي قد تجرده من معانيه السامية مثل الإفراط في الطعام مما يربك الجهاز الهضمي والمعدة ويصيبه بالوخم, وكذلك الكسل والتراخي في العمل بحجة الصيام والسهر طوال الليل والنوم بالنهار, كما أن العصبية والتهور بحجة عدم التدخين أو الجوع وكلها تخرج الصائم من صومه لأن الصوم يعلمنا الصبر والاجتهاد وهو ليس صوما للجوع فقط, ولكنه صوم عن كل الأشياء والعادات والممارسات السيئة ويضيف د. ممتاز محمد عبدالوهاب أن هناك بعض المرضي النفسيين الذين تتعارض حالتهم مع الصيام لضرورة تناولهم العلاج بطريقة منتظمة فأحيانا يكون مفعول الدواء لمدة8 ساعات, وبالتالي لابد من تناوله ثلاث مرات في اليوم وتقليل جرعة الدواء أو التأخر عن تناوله في موعده يزيد من فرص الانتكاسة وعودة الأعراض المرضية مرة أخري, ولهذا فقد ينصح المريض بعدم الصيام وفي حالة تصميم المريض علي الالتزام بالصوم يمكن للطبيب أن يفكر في تغيير الدواء إلي آخر طويل المفعول أو استبداله بحقن طويلة المفعول ولو أنني من الأفضل دائما الالتزام بالعلاج والجرعات التي تحسن عليها المريض.