من قبيل التكرار الممل القول بأن الموقف العربي مع الاستقرار السياسي في لبنان وسيادة اللبنانيين الكاملة علي أراضيهم. فهذا ما تأكد قبل اشتباكات الجنوب الأخيرة, وأيضا بعدها, سواء عبر القمة الثلاثية اللبنانية السعودية السورية. التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت قبل تلك الأحداث بأيام قليلة, أو عبر التصريحات التي خرجت من العواصم العربية تعقيبا علي ما حدث. وكانت قمة بعبدا التي جمعت الملك عبد الله بن عبد العزيز عاهل السعودية والرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني ميشيل سليمان وانضم إليها رئيس الوزراء سعد الحريري بمثابة تطور إيجابي بالغ الأهمية يسجل في خانة التضامن والدعم العربي للتأكيد علي استقرار لبنان, ووصفت الرئاسة اللبنانية هذه القمة في بيان لها بأنها خطوة غير مسبوقة من حيث الشكل والدلالات والرسائل التي حملتها ووجهتها لكل الأطراف الداخلية والخارجية. وأكدت قمة بعبدا أن لبنان جمهورية مستقلة ذات سيادة, ومن الضروري الحفاظ علي استقلالها واستقرارها, كما أكدت ضرورة احترام المواثيق الوطنية التي اتفق عليها اللبنانيون من قبل في اتفاق الطائف, وما تعاهدوا عليه أيضا في لقاء الدوحة, خاصة ما يتعلق بالعمل علي عدم تحويل لبنان إلي ساحة لتصفية النزاعات الإقليمية والدولية, والابتعاد عن لغة زس أسلوب الحوار والتخاطب الهادئ لحل أوجه الخلاف بين اللبنانيين. ووقف حملات التخوين هذه كانت من النقاط العديدة المشتركة التي ظهرت في بيان القمة الثلاثية وتحدث عنها الرئيس اللبناني في خطابه إلي اللبنانيين بمناسبة عيد الجيش, وهو ما يؤكد التناغم بين الموقف الرسمي اللبناني والموقف العربي. وكان هناك توافق عربي أيضا علي ضرورة مواصلة التمسك بالمحكمة الدولية لكشف الحقيقة في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري, والتمسك أيضا بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي باعتبارهما القاعدتين الأساسيتين لكل تقدم واستقرار وطني. وفيما يتصل بالخطر القادم من الجنوب إسرائيل تأكد وجود توافق عربي علي أهمية أن تبقي الأطراف اللبنانية المختلفة علي أهبة الاستعداد والتنبه لما تحاول إسرائيل أن تحيكه للإيقاع بين أبناء لبنان بمختلف أطيافهم, وما تخطط له بشكل متواصل من فتن ودسائس. ولا ريب في أن بعض اللبنانيين حملوا قمة س.س., أي التي جمعت بين سوريا والسعودية علي أرض لبنان, فوق معناها, فتارة قالوا إنها مباركة سعودية لإطلاق يد سوريا في لبنان, وتارة أخري قيل إنها عودة سورية رسمية إلي لبنان, وقيل إنها تمهيد لتحركات أخري, ولكن أدق ما يمكن أن يقال عن هذه القمة أنها كانت تعبر عن رسم ملامح موقف عربي منسق وموحد استعدادا لخريف لبنان الساخن الذي سيشهد إصدار حكم المحكمة الدولية بشأن قضية اغتيال الحريري, والذي يفترض أن يدين أطرافا فاعلة علي الساحة. مصر من جانبها بوصفها طرفا عربيا فاعلا علي الساحة اللبنانية أكدت من جانبها علي لسان الوزير أحمد أبو الغيط في اتصاله الهاتفي مع رئيس الوزراء اللبناني تضامنها الكامل مع الحكومة اللبنانية في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية بعد أحداث العديسة... هذا هو الموقف العربي الآن, ولكن ماذا لو تصاعدت الأمور أكثر علي الحدود الجنوبية للبنان في الأيام الأخيرة؟ وما هي حدود التضامن العربي مع لبنان من ناحية الأفعال لا الكلمات؟ وماذا سيكون شكل هذا الموقف في حالة صدور قرارات من محكمة الحريري من شأنها أن تهدد بالفعل بزعزعة استقرار لبنان؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام في حينه. [email protected]