للمرة الثانية ومنذ عام2003 شهدت فرنسا وأوروبا بصفة عامة ارتفاعا شديدا في درجات الحرارة, الا ان موجة الحر التي عانت منها فرنسا منذ أسبوعين تقريبا لم يتمخض عنها وقوع ضحايا كما حدث في المرة السابقة. حيث حصدت موجة حر(2003)17 الف مواطن من كبار السن.وبالرجوع للأسباب التي أدت الي وفاة هذا العدد الضخم من الفرنسيين نجدها متعددة, ففرنسا البلد الأوروبية المعروف عنها كجيرانها ببرودة الطقس والمعاناة من الثلج شتاء, وحتي صيفها غالبا ما لا يتعدي23 درجة وسرعان ما يأتي المطر المصحوب في اغلب الأوقات بضربات البرق لتهبط بعدها درجات الحرارة الي18 درجة تقريبا. كل ذلك جعل تأسس الهندسة المعمارية للبلاد تتواكب مع برودة الطقس الدائم فمن اجل تدفئة المنازل و لتوفير الطاقة كان شيئا بديهيا ان تؤسس مبانيها بأسلوب اقتصادي فلا نجد الأسقف المرتفعة, كما ان بعض اجزاء في البيوت لا يوجد فيها نوافذ كالحمامات مثلا. فضلا عن اختصار عدد النوافذ والبعد عن اتساعها في اغلب الأحيان باستثناء تصميمات المنازل الفاخرة, وبكل تأكيد كان لتصميمات منازل العامة من الفرنسيين وعدم وجود تكييفات باردة عاملا كبيرا في ارتفاع عدد ضحايا2003. اما العامل الثاني فهو ان السواد الاعظم من المسنين بفرنسا يعيشون بمفردهم سواء لعدم إنجابهم او لاستقلال ابنائهم. ومع حلول موجة الحر هذا العام والتي صنفها رجال الارصاد بارتفاع في درجات الحرارة قد يصل الي39 درجة لمدة ثلاث أيام متتالية او اكثر دون هبوطها ليلا.تأهبت البلاد علي الفور لاستقبالها باكثر من وسيلة فمن ناحيتها نزلت وزيرة الصحة لتفقد احوال المستشفيات وبيوت المسنين, كما اقيم في كل منطقة مركز للطوارئ وظيفته الاتصال بكل المسنين والتأكد ان كانوا بخير ام في حاجة للمساعدة, وحثهم للإكثار من شرب المياه الباردة. ومن ناحية أخري لم تكف وسائل الاعلام من بث فقرات للتوعية والنصح بالابتعاد عن الشمس وضرورة تبريد الجسم من وقت لآخر وشرب المياه.ولم تغفل الدولة المعدمين الذين لم يكن لهم مأوي غير أرصفة الشوارع بتوزيع المياه الباردة عليهم ونقلهم في منأي عن أشعة الشمس. كما خصصت الدولة قروضا ضعيفة الفوائد للمواطنين غير القادرين كي يتمكنوا من شراء اجهزة تكييف متحركة من تلك التي امتلأت بها المتاجر بعد ازمة2003, وهو ما لم يكن متوفرا في فرنسا من قبل. وبالطبع جاءت موجة الحر هذا العام لتعيد للأذهان ما عانته السلطات والاهالي اثر مرور موجة2003 وتفاقم اعداد الموتي بالمنازل وبيوت المسنين والمستشفيات,حيث كان لعنصر المفاجأة عامل كبير في الكارثة فلم تكن المشكلة في تفاقم عدد الموتي فحسب انما لم تعتد فرنسا حصد الآلاف من الموتي في خلال يومين- وما يلي ذلك من مراسم للتجهيز والدفن- في ظل عجز التوابيت الخاصة بالدفن مما اضطر البلاد لتكثيف صناعتها انذاك.