في حديث خاص لالأهرام قبيل مغادرته الي لاهاي لحضور اجتماعات مجمع القانون الدولي, تناول الدكتور بطرس غالي سكرتير عام الأممالمتحدة الأسبق قضايا الساعة في مصر وعلي رأسها قضية الشرق الأوسط والعلاقات المصرية الفلسطينية. والموقف علي الحدود المصرية الذي يتطلب رقابة خاصة, والأحداث التي عاشتها نجع حمادي مرورا بعلاقات مصر الإفريقية وأهمية الاتحاد من أجل المتوسط, الي جانب مسار عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان وتمنياته بالنسبة لمصر الوطن خلال العام الحالي2010.. وهذا هو نص الحديث.. * أتطرق لموضوع آخر وهو ارتباط مصر العضوي بإفريقيا وبالذات أنك كنت رائدا في تعزيز العلاقات الإفريقية المصرية.. وهناك رغبة حقيقية في الاهتمام بترسيخ دور مصر في إفريقيا؟ { يجب أن نهتم بالعلاقات المصرية الإفريقية حيث ان منابع نهر النيل تقع في عشرة دول ولا يوجد مصدر آخر للمياه في مصر إلا نهر النيل. ومن ناحية أخري, مصر دولة إفريقية ولها مسئولية كبيرة في إفريقيا واشتركت في مساعدة تحرير جميع الدول الإفريقية حتي حصلت علي استقلالها ويجب ألا ننسي أنه في عام1945 عندما قامت الأممالمتحدة لم تكن في الأممالمتحدة إلا ثلاث دول إفريقية, مصر وإثيوبيا وليبيريا! وبقية الدول الإفريقية كانت خاضعة للاستعمار.وبعد أن استقلت إفريقيا عشنا فترة الحرب الباردة, وحركة عدم الانحياز كانت رابطة أخري.. ولكن انتهت الحرب الباردة.. واهتمامنا بالقضية الفلسطينية كان علي حساب اهتمامنا بالقضايا الإفريقية, وأملنا أن نهتم مرة أخري بالقارة الافريقية. * في بداية عام2010 كيف تقيم الدور الدولي والإقليمي في ضوء التطورات التي جرت علي حدود مصر والتي أسفرت عن أحداث مؤسفة.. وكيف نستطيع احتواء هذه الأجواء المسمومة في العلاقات الفلسطينية الفلسطينية, والإسرائيلية الفلسطينية وبالذات أنك قد لعبت دورا مهما في انطلاق عملية السلام.. { في الواقع أنني متشائم بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية في السنوات المقبلة, وذلك لثلاثة أسباب: السبب الأول, هو أن الجانب الفلسطيني منقسم, هناك حكومة في غزة وحكومة أخري في الضفة الغربية. السبب الثاني, هو أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ضعيفة وبالتالي ستنتهز فرصة وجود أكثر من حكومة, أي في غزة وفي الضفة الغربية لكي تمتنع عن تقديم أي حل حقيقي.. والسبب الثالث, وهو الأخطر أن الوسيط الوحيد الذي يستطيع أن يلعب دورا توفيقيا في هذا الصراع, هو الجانب الأمريكي, والجانب الأمريكي مشغول حاليا بالأزمة الاقتصادية وبالوضع في العراق والوضع في أفغانستان, وبمشكلات بين كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية وبالنسبة للقنبلة الذرية في إيران, الي جانب المشكلات الأخري في أمريكا اللاتينية, فبالتالي لا يستطيع أن يعطي الاهتمام الكافي لمعالجة القضية الفلسطينية.. * ما هي رؤية سيادتكم بالنسبة لموقف مصر إزاء إغلاقها للمعابر وتصميمها علي الحفاظ علي أمنها القومي وبالذات أن هناك بلبلة في الرأي العام؟ { هذا مرتبط بالدفاع عن الحدود المصرية ومن مصلحتنا أن نراقب هذه الحدود ومن خلال هذه الرقابة نستطيع أن نقدم المساعدة اللازمة للجانب الفلسطيني, ودعيني أقل لك هناك مراحل مختلفة في العلاقات المصرية الفلسطينية, وهناك بعض التوتر بالنسبة للأحداث الأخيرة.. وهناك أزمات كثيرة مرت بين الجانب المصري والجانب الفلسطيني علي مدي الخمسين سنة الماضية, ولكن نجد أن في جميع الحالات فإن الجانبين المصري والفلسطيني نجحا في التغلب علي هذه الخلافات لأن هناك تضامنا حقيقيا بين الشعب الفلسطيني والشعب المصري. * ننتقل الي مشروع الاتحاد من أجل المتوسط وكيفية تعزيزه وما هو مدي ايمانك بهذا الاتحاد عقب اقرار سكرتارية للاتحاد.؟ { هذا المشروع في حد ذاته له ميزة لان الاتحاد الأوروبي اهتم بأوروبا الشرقية علي حساب الجنوب المتوسطي وأقصد بذلك مصر ودول المغرب وإفريقيا.. فاهتمام فرنسا ومصر والقارة الأوروبية بالاتحاد من أجل المتوسط هو محاولة للموازنة بين اهتمام الاتحاد الأوروبي بأوروبا الشرقية علي حساب الجنوب, وأملنا أن يؤدي هذا التوازن الي مزيد من اهتمام أوروبا الغربية بالجنوب. * وماذا عن رؤيتكم بالنسبة للنتائج غير المرضية التي أفرزتها قمة كوبنهاجن؟ { مع الأسف مؤتمر كوبنهاجن لم ينجح وآمالنا أن نجد وسائل لكي يستمر في العمل من أجل إيجاد أساليب جديدة لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة التي بدأنا الاهتمام بها بقمة ريو دي جانيرو التي انعقدت عام1992. * كيف تقيم الوعود التي أوحاها لنا الرئيس باراك أوباما خلال خطابه التاريخي بجامعة القاهرة ؟ { لم تعط إدارة أوباما وعودا.. وانما خطاب الرئيس أوباما أعلن فيه اتجاهات جديدة.. ولكن كما أشرت لك فإن الجانب الأمريكي مشغول بمشكلات أخري, وبالتالي لا يستطيع أن يعطي الأهمية اللازمة لمعالجة القضية الفلسطينية. * وماذا عن دور الأممالمتحدة ودور الاتحاد الأوروبي إزاء عملية السلام؟ { الأممالمتحدة لا تستطيع أن تلعب دورا في قضية الشرق الأوسط وعملية السلام في المنطقة ودورها هامشي, ونفس الوضع بالنسبة لأوروبا, والتاريخ أثبت علي مدي الخمسين سنة الماضية أن الوسيط الوحيد هو الولاياتالمتحدةالأمريكية, هناك منازعات دولية نستطيع أن نجد فيها أكثر من وسيط, وهناك منازعات دولية لايمكن معالجتها أو تسويتها بطريقة سلمية إلا من خلال وسيط واحد, وهذا الوسيط الواحد بالنسبة للقضية الفلسطينية هو الولاياتالمتحدةالأمريكية.