خرج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أخيرا عن صمته بشأن فضيحة بيتنكور- فيرت المتورط فيها وزير العمل الفرنسي إريك فيرت والمتهم بتلقي تبرعات غير شرعية من سيدة الأعمال الثرية ليليان بيتنكور. وريثة مجموعة شركات مستحضرات التجميل الفرنسية لوريال لتمويل الحملة الانتخابية الرئاسية لساركوزي في7002, فقد نفي ساركوزي بشكل قاطع حصوله علي أموال من بيتنكور, مؤكدا ثقته الكاملة في فيرت بعد أن تمت تبرئته من الوقوع في أي ممارسات مخالفة بشأن التهرب الضريبي لبيتنكور, لكنه نصحه بترك منصبه كمسئول خزانة حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم لتجنب أي شبهة في تضارب المصالح وفي استجابة للضغوط السياسية من أجل إقالته, كما أعلن عن إنشاء لجنة خاصة تضم ممثلين عن جميع الأحزاب السياسية تتولي مهمة تجنب حدوث تعارض في المصالح الشخصية والعامة للوزراء والبرلمانيين والمسئولين, مشيرا إلي أنه سيجري تعديلا وزاريا خلال أكتوبر المقبل عقب الانتهاء من تبني إصلاح نظام المعاشات. وفي الوقت الذي انتظر فيه الفرنسيون ردودا واضحة حول قضية بيتنكور, لم يتناول حوار ساركوزي مع قناة فرانس2, الذي أذيع الليلة قبل الماضية ولمدة ساعة وعشر دقائق, القضية الرئيسية سوي دقائق معدودة, وركز علي قضية رفع سن التقاعد بهدف تحويل أنظار الفرنسيين عن الفضيحة من منطلق علمه بأن الفرنسيين لا يرغبون في تطبيق هذا القانون وسبق أن اعترضت عليه المعارضة والنقابات بمظاهرة شعبية ضخمة. وذكر ساركوزي أن فيرت رجل صادق وكفؤ ويتعرض حاليا لحملة شائعات وادعاءات كاذبة, مؤكدا أنه لا يزال يتمتع بالثقة الكاملة بعد أن تمت تبرئته من كل الشبهات, وسيظل مسئولا عن مشروع إصلاح حاسم في نظام معاشات التقاعد الذي يتوقع إقراره في أكتوبر المقبل. وأكد أن الهجمات علي فيرت تستهدف نسف خطة إصلاح معاشات التقاعد وهي جزء رئيسي من تعهد حكومته بخفض عجز الميزانية لتصبح في الحدود التي يقضي بها الاتحاد الاوروبي في السنوات الثلاث القادمة. وقال إنه عازم علي تنفيذ خطة رفع سن التقاعد من06 الي26 عاما رغم أنها لا تحظي بشعبية ومع توقع اندلاع احتجاجات في سبتمبر المقبل لمنع إقراره. وأشار الي ان مشروع قانون التقاعد الجديد سيعرض علي مجلس الوزراء خلال ساعات ليتم التصويت عليه تحت في البرلمان قبل نهاية اكتوبر, معتبرا أنه من أهم التدابير في النصف الثاني من ولايته. وأشار ساركوزي إلي أن هناك العديد من القضايا المهمة التي يتعين التركيز عليها ومن بينها الأمن والتعليم والاقتصاد والصحة ومكافحة الهجرة غير الشرعية وغيرها, بدلا من الالتفات إلي الأقاويل والادعاءات, مشيرا إلي أنه تم انتخابه رئيسا لفرنسا لحل مشاكل الفرنسيين وبالتالي فإنه لا يتعين إضاعة الوقت في قضايا فرعية. وفيما يخص جزئية تضارب المصالح والمرتبطة بالقضية حول تولي زوجة الوزير فلورانس فيرت مديرة لإحدي شركات بيتنكور, وعد ساركوزي بتشكيل لجنة من كل الأحزاب السياسية للتحقيق في الموضوع. وقال إن فرنسا ليست فاسدة لكن توجد العديد من الممارسات السيئة في السياسة وانه عازم علي القضاء عليها. وحول تورطه هو شخصيا في القضية, قال ساركوزي إنه من العار أن يتم اتهامه بتلقي اموال من بيتنكور, كما ادعت المحاسبة السابقة لها كلير تيبو, وتساءل كيف يتقاضي أموالا من عائلة بيتنكور في الوقت الذي أكد فيه مدير المنزل علي أنه لم يذهب إليهم سوي مرتين أو ثلاثة لتناول العشاء معهم, وكيف يتوخي له ان يخرج امام المدعوين بمظروف وفيه مبالغ نقدية كما اثير في تصريحات تيبو. وحول سؤال عن سبب تأخير اتخاذ ساركوزي القرار في اقالة الوزراء الذين يستغلون مناصبهم قال انه ليس من السهل اتخاذ قرار كهذا قبيل تقصي الحقائق. وأعلن أنه لا يؤيد تغير القاضي المكلف بالتحقيق في قضية بيتنكور بالرغم من توجيه اللوم الشديد له بكون أن القاضي من أصدقائه المقربين وهو ما يعرض القضية لعدم الشفافية. وحول شروع ساركوزي في تخفيض العمالة بإلغاء34 الف منصب وظيفي من مؤسسات الدولة, وعدم تطبيق ذلك علي الاليزيه ورئاسة الوزراء ماتنيون اكد الرئيس الفرنسي ان ما يسري علي دواوين الدولة تخضع له الجهتان, مشيرا إلي أن الاليزيه والماتينيون قللتا بالفعل من حجم العاملين والمتعاملين معهما. ومن جهة مطلب الفرنسيين والمعارضة بضرورة اجراء تغير وزاري, قال ساركوزي انه سيقوم بهذا التغير الوزاري في اكتوبر المقبل. وربما يكون تمسك ساركوزي بفيرت لتمرير قانون المعاشات الذي لا يلاقي قبولا شعبيا, وفي حال فشل تمرير القانون يكون العداء لفيرت, ليطيح به ككبش فداء في أكتوبر المقبل. وفيما يخص قضية التهرب الضريبي لبيتنكور, أكد ساركوزي أنها تدفع اكثر من مليون يورو شهريا ضرائب لخزانة الدولة, مشددا علي رغبته في الحفاظ علي إبقاء مجموعة لوريال بفرنسا نظرا لما تدره علي البلاد من عائد يصل الي17 مليار يورو سنويا تقريبا, محذرا من غياب شركة عملاقة بحجمها عن البلاد وتداعياته السلبية علي العمالة بفرنسا.