كتب:محمد فؤاد: برغم وجود فارق ضئيل بينه وبين منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي ورئيس الوزراء الأسبق وسط اتهامات بالتزوير. ولاشك أن إيران شهدت حالة لم تشهدها من قبل بعد تلك الانتخابات التي جاءت في9 يونيو من عام2009 فقد أصاب النظام الإيراني شرخ من الداخل, وليس نتيجة ضربة شديدة تلقاها من الخارج. فرجال النظام السابقين من أمثال مير حسين موسوي, ورئيس البرلمان مهدي كروبي, والرئيس السابق محمد خاتمي وعلي هاشمي رافسنجاني شكلوا شبه قاعدة للتحرك ضد رجال النظام المتشددين من أمثال الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد, والمرشد الحالي علي خامنئي. وتلك الحالة تزامنت مع تحرك الآلاف في الشارع الإيراني للمطالبة بالإصلاح السياسي في النظام متهمين النظام الإسلامي بأنه في حالة شيخوخة ويحتاج إلي تجديد دماء. تلك الحالة جاءت أيضا وسط مطالب المجتمع الدولي للنظام الإيراني بضرورة الكشف بكل دقة عن دوافع البرنامج النووي الإيراني وإيقاف المضي قدما في عمليات تخصيب اليورانيوم الجارية علي قدم وساق في إيران. وهنا اكتسبت مطالب النخبة الإصلاحية في إيران والخارجة من رحم النظام الإيراني الحالي قوة زخم جديدة جعلها تدعو للتظاهر وتصدر بيانات علي الانترنت ضد النظام متحدية رقابة النظام الصارمة علي وسائل الإعلام. وبالفعل اشتعلت الشوارع الإيرانية ضد النظام الذي لم يجد سوي استخدام القوي لقمع ثورة الشارع مما جعله يظهر بصورة سيئة أمام المجتمع الدولي وأمام شعبه. وفي ظل هذه الحالة حاول مير حسين موسوي, ومهدي كروبي تشكيل جبهة مع القوي الإصلاحية الأخري, ولكن تلك الجبهة لم تكن بالقوة الكافية للوقوف أمام الحرس الثوري الذي نزل الشوارع لضبط الأوضاع التي خرجت بالفعل عن السيطرة, حيث سقط العديد من القتلي خلال تلك المظاهرات الدامية. ووصف قائد الحرس الثوري الإيراني ما حدث بأنه وصل من الخطورة إلي درجة كبيرة علي أركان النظام وهو خطر أقل بكثير من خطورة الحرب الإيرانية العراقية علي نظام الخوميني. وقد شاهدنا لأول مرة منذ مجئ نظام الخوميني إلي إيران رجال من أبناء النظام الإيراني ينتقدون بشدة أسلوب النظام في التعامل مع القضايا الدولية التي تخص بلادهم بالإضافة إلي انتقادات لكثير من السياسات الداخلية. وهذه الانتقادات كانت دائما تكتسب قوة دفع وزخم من كثير من الأصوات المعارضة من الخارج التي تحدثت وعبرت عن رفضها للانتخابات وصفتها بأنها مزورة. ولكن وبعد عام علي هذه الحالة أصبحت المعارضة الإيرانية مترددة وغير منظمة. فالمعارضة التي وعدت باسترداد الأصوات المسروقة, و السير تجاه الحرية, فقدت الزخم بعد عام من المسيرات الاحتجاجية علي انتخاب محمود أحمدي نجاد ومع مرور الوقت تخلي معظم المتمردين عن تمردهم ضد الحكومة. وبعد عام أيضا علي تعبئة للمعارضة لم يسبق لها مثيل, إلا أن السلطة تمكنت من كسر معنوياتها. ويمكن وصف حركة المعارضة بأنها هشة ويلزمها إعادة بناء هيكلها من أجل الاستمرار. فما الذي حدث ؟ فالحقيقة وحسب كلام هيومان رايتس ووتش قامت إيران بشكل ممنهج خلال العام الماضي بتحطيم كافة أشكال المعارضة داخل البلاد. ولم يتوقف الأمر علي ذلك فالصحفيون ومنظمات حقوق الإنسان, ازداد ترددهم في التواصل خشية مراقبة المكالمات الهاتفية والإنترنت. إذن فالحملة ضد المعارضة لم تدع صغيرا ولاكبيرا إلا وتعرضت له العام الماضي حتي إن مير حسين موسوي تم تهديده أكثر من مرة بالاعتقال وتعرض ابن اخته للقتل خلال إحدي المظاهرات. واستهدفت الحملة أيضا جميع أركان المعارضة, حتي يتم تكسير عظامها بشكل ممنهج لتبدو ضعيفة كما هي الآن. لقد حاولت القوي الداخلية الإيرانية أن تتصدي للنظام الإيراني خلال العام الماضي إلا أنه تحرك بسرعة لتقويض أي تحركات تقوم بها المعارضة مما جعلها تبدو كسيحة بعد عام من الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة.