أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في4 يونيو2009 بجامعة القاهرة عن رغبة الولاياتالمتحدة في تعميق علاقاتها بالعالم الإسلامي.. وقال الرئيس أوباما ان الابتكار والتعليم وجهان للعملة الجديدة في القرن الحادي والعشرين, ووعد أوباما باستضافة مؤتمر قمة لمنظمي المشاريع وهو المصطلح الجديد المتعارف عليه في قاموس الاممالمتحدة للمنظم أو رواد الصناعة في واشنطن وجعلهم همزة الوصل الجديدة بين الولاياتالمتحدة والمجتمعات الإسلامية في إطار نظام العولمة, بما اسماه عولمة منظمي المشاريع, وتم عقد قمة تنظيم المشاريع في الفترة من26 27 ابريل2010 في واشنطن ووجهت الإدارة الأمريكية الدعوة فيها إلي مجموعة جديدة من الدول وهي ما اطلق عليها الرئيس أوباما بالدول ذات الاغلبية الإسلامية. والأمر يتطلب وقفة قصيرة علي هامش حديثنا, حيث يعيد ذلك إلي الاذهان مفهوما آخر مبتكرا من إدارة بوش السابقة, ألا وهو مفهوم الشرق الأوسط الكبير الذي يشمل دولا مثل باكستان وتركيا وافغانستان وايران, وقد ظل ذلك المفهوم تائها في المنطقة غير معروف مغزاه أو مقصده, فما هذا التمويه الذي تواجهنا به الادارة الأمريكية من حين لآخر, الشرق الأوسط الكبير أو الدول ذات الاغلبية الإسلامية. ولنرجع بحديثنا إلي منظمي المشاريع, فقد شاركت مصر في القمة المذكورة باكبر وفد من شباب رجال الأعمال من بين الدول المشاركة, وتم اختيار مصر لتكون الدولة الرائدة التي سيبدأ بها تدشين البرنامج العالمي لمنظمي المشاريع, للرئيس الأمريكي مما يلقي علي عاتقها مسئولية مضاعفة لكي تكون التجربة الأولي بين الدول ذات الاغلبية الإسلامية للاستفادة من البرنامج وتنفيذه, فهل نحن علي استعداد للتعامل مع مشروع الرئيس أوباما؟ وهل نعلم ما هو المطلوب منا اساسا؟ يضع العمل في إطار هذا البرنامج مصر امام تحديات كبيرة ولكنه يضعها ايضا امام فرص جديدة, والتحدي الأول هو مسئولية مصر في التوصل إلي مصطلح لمنظمي المشاريع يتواءم مع طبيعة مصر خاصة, والشعوب الإسلامية عامة, ويصبح القدوة الجديدة لرجال الاعمال في بلادنا, لاسيما الشباب من بينهم, اما التحدي الثاني فهو تفعيل مبادرة الرئيس الأمريكي من خلال وضع اساس حقيقي وفعال لاقامة التعاون بين منظمي المشاريع في كل من مصر والدول ذات الاغلبية الإسلامية والولاياتالمتحدة, بما يعمل علي تفعيل المصطلح الجديد والخاص بعولمة منظمي المشاريع ويدفع إلي اقامة اواصر جديدة للترابط بين الولاياتالمتحدة والدول ذات الاغلبية المسلمة تقوم علي التجارة والتعليم والتكنولوجيا الجديدة والمبتكرة, اما التحدي الثالث فهو إيجاد البيئة المواتية لتشجيع منظمي المشاريع وتمكينهم من الابتكار والتجديد من خلال متابعة الفكرة والتفاني في العمل علي تنفيذها وتحويلها إلي مشروع يفيد المجتمع, وهنا تكمن الفرصة الحقيقية لمصر من وراء هذا المشروع, حيث يجري جعل مصر صاحبة التجربة الرائدة فيه. ان من المؤكد ان مصر نجحت في اصلاح بيئة العمل, وقام البنك الدولي بتصنيف مصر ضمن الدول العشر الأكثر سعيا نحو اصلاح بيئة العمل لديها في السنوات الاربع الأخيرة, ولكن هل نجحت مصر في إيجاد ثقافة منظمي المشاريع والبيئة الملائمة التي تساعدهم علي الازدهار وافادة مجتمعنا؟ ان هناك عددا من المنظمات غير الحكومية التي تعمل علي مساعدة وتمكين جيل جديد من الشباب ذوي الفكر الابداعي وروح المبادرة في دعم روح العمل الحر وثقافة الابتكار, بحيث يستطيعون إيجاد التوظيف الذاتي وتكوين فرص للعمل الحر من خلال متابعة مبادراتهم بجدية ومساعدتهم علي النهوض بها, غير ان هذا ليس كافيا فالمطلوب هو وجود تحالف قوي بين رجال الأعمال والحكومة لانشاء جيل جديد من منظمي المشاريع القادرين علي الابتكار وتشجيعهم علي المبادرة والتجديد وخوض المخاطر المحسوبة من واقع الاقتناع والايمان القوي بان هناك امكانية جادة لتحقيقهم للنجاح المطلوب والمستحق, فيجب ألا نكتفي بان منظمي المشاريع اصبحوا لغة العصر أو القاطرة الجديدة وفقا لرؤية الرئيس الأمريكي للاقتصاد القومي, فمن وقت ليس ببعيد كان رجال الأعمال هم بمثابة هذه القاطرة وكانت الرأسمالية تؤكد الربحية باعتبارها العامل الاساسي, غير ان التحول الذي نشاهده من رجال الاعمال إلي منظمي المشاريع هو تحديث في الفكر وفي المضمون, فلم يعد الربح هو الاساس بقدر ما اصبح الابتكار والتجديد لصالح التشغيل والمجتمع والنهوض بالشباب هما المحركان الرئيسيان للاقتصاد. ان اختيار مصر لتدشين هذه الحقبة الجديدة لم يأت من فراغ فنحن علي اقتناع بان مصر لديها من المؤهلات الكافية التي تمكنها من ان تصبح النموذج المرتقب لعولمة منظمي المشاريع. وامامنا سنة باكملها حتي القمة القادمة المزمع عقدها في تركيا لطرح هذا النموذج, ودور كل من رجال الاعمال والحكومة دور اساسي في هذا المجال, من حيث تقديم العون المادي والمعنوي واللوجستيكي وتبني الافكار الجديدة وتشجيعها علي الظهور والازدهار, من ناحية, كما انه علي الحكومة ان تعمل علي اقامة النظام المتكافئ لتشجيع منظمي المشاريع من خلال الاطار القانوني اللازم والقواعد التي تحمي اعمالهم وابتكاراتهم وتضمن لهم حقوقهم, من ناحية اخري, ان المشاركة الفعالة بين القطاع الخاص والحكومة مشاركة لاغني عنها لإيجاد جيل جديد من منظمي المشاريع الشباب واساس لاي نموذج ناجح في هذا الشأن.