145 ألف للطب و75 للهندسة.. المصروفات الدراسية لكليات جامعة المنصورة الجديدة    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    سعر الذهب اليوم الخميس 31 يوليو 2025.. عيار 21 بكام الآن في الصاغة؟    مصر توقع اتفاقية جديدة لتعزيز أنشطة استكشاف الغاز في البحر المتوسط    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: إعلان حركة رؤساء مباحث الثغر.. وزوج يطعن زوجته بالمحكمة لرفعها قضية خلع ضده    بعد المشاركة في تظاهرات بتل أبيب ضد مصر.. كمال الخطيب يغلق التعليقات على «إكس»    الخارجية: لا توجد دولة بالعالم قدمت تضحيات للقضية الفلسطينية مثلما قدمت مصر    منظمة التحرير الفلسطينية تطالب بإنهاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة    البرتغال تدرس "الاعتراف بدولة فلسطين"    سانشو يخطط للعودة إلى بوروسيا دورتموند    نيكولاس جاكسون يدخل دائرة اهتمامات برشلونة    هويلوند: مستمر مع مانشستر يونايتد وجاهز للمنافسة مع أى لاعب    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة على طريق أسوان الصحراوي الغربي    دخلا العناية المركزة معًا.. زوج بالبحيرة يلحق بزوجته بعد 3 أيام من وفاتها    إزالة إشغالات وأكشاك مخالفة وعربات كارو ورفع تراكمات قمامة خلال حملة موسعة في القليوبية    قرارات تكليف لقيادات جديدة بكليات جامعة بنها    ترفض الانكسار.. مي فاروق تطرح أغنية «أنا اللي مشيت» من ألبوم «تاريخي»    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    «انصحوهم بالحسنى».. أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقيموا الصلاة (فيديو)    «صحة شمال سيناء»: زيارات مفاجئة للمستشفيات للارتقاء بصحة المواطنين    جامعة بنها تعقد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشري    ب مكونات منزلية.. وصفة سحرية لتنظيف القولون وتعزيز صحة الجهاز الهضمي    دياز: كومباني أخبرني بأنني سألعب على الجناح الأيسر.. وهذه تفاصيل محادثتي مع فيرتز    جثمت على صدره.. الإعدام لربة منزل قتلت طفلها انتقامًا بالبحيرة    اسكواش - دون خسارة أي مباراة.. مصر إلى نهائي بطولة العالم للناشئات    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    رئيس جامعة دمياط يترأس اجتماع مجلس الجامعة بجلسته رقم 233    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء وألغام في حياة فؤاد قنديل
نشر في الأهرام اليومي يوم 05 - 07 - 2010

بحصاد ابداعي غزير‏,‏ يشارف ثلاثين عملا روائيا ومجموعة قصصية‏,‏ يشق فؤاد قنديل خطا مميزا في خارطة السرد العربي في مصر‏,‏ مرتكزا علي وعي غائر في صميم الواقع‏,‏ وخيال مجنح فيما وراءه‏,‏ ضمير يقظ لاسئلته ومشكلاته‏.‏ وها هو يقدم في العقد السابع من عمره تجربة متفردة لرواية سيرته الذاتية‏,‏ موظفا لها جماع طاقاته الفنية والفكرية‏.‏
ومنذ ان قرأت الجزء الاول منها بعنوان المفتون وانا انتظر الاجزاء التالية بتشوق واهتمام‏,‏ لانه نجح في مزج الشخصي بالعام‏,‏ والجمالي بالسياسي‏,‏ والروح المصرية بالرؤية الانسانية‏.‏ وكنت لا اريد ان اتعجل محاسبته علي افتتان الشباب غير المشروط بالزعيم الملهم‏,‏ واستثارة حسه النقدي تجاه الماضي حتي تكتمل رؤيته لتجربة جيله‏.‏ وبالفعل جاء الجزء الثاني مفعما بخبرات انضج في السياسة والفن‏,‏ والولع بالجمال والاقتدار علي تمثيله‏,‏ جاء بعنوان مثير نساء وألغام ليوازن مثالية الجزء الاول‏,‏ ويشهد علي مرارة ثماره‏,‏ ويعتصر طرفا من محنة الانسان المصري في مقامه وغربته‏,‏ في اشواقه للحرية وسذاجته في البحث عنها‏.‏
شعرية المزاج
يستهل فؤاد قنديل حكاية المرحلة الثانية من سيرتة المكثفة بشرط مصور‏,‏ يختلط فيه رؤي الماضي بكوابيس الحاضر‏,‏ وتتطابق تجربة الوقوع من فوق سطح المنزل عبثا في صباه الباكر بتجربة اصطدام سيارة مسرعة به خلال مطاردة شرطة امن الدولة للقبض عليه خلال احداث سبتمبر الثمانيني‏,‏ بينما تنهمر علي ذاكرته مشاهد متقطعة مما سيملأ صفحات هذا الجزء الثاني من غوايات النساء وكيد السياسة وعجائب الاسفار‏,‏ بما يضع القاريء امام دهشة ادب غرائبي منتزع من صميم الحياة‏,‏ كما يختمه بأبيات مثيرة من انغام صلاح جاهين السبتمبرية يقول فيها‏:‏ خللي المكنجي يرجع المشهد‏,‏ عايز اشوف نفسي زمان وانا شب‏/‏ داخل في رهط الثورة متمرد‏/‏ ومش عاجبني ملك ولا اب‏/‏ عايز اشوف من تاني واتذكر‏/‏ ليه ضربة من ضرباتي صابت‏/‏ وضربة من ضرباتي خابت‏/‏ وضربة وقفت الشريط في وضع ثابت وكان قد حكي في البداية قصة لقائه في مطلع شبابه بشاعر مصر الكبير‏,‏ وكيف عرض عليه قصائده بالفصحي والعامية وسأله الرأي فيها‏,‏ فاكتفي صلاح جاهين بان اخرج من درج مكتبه ثلاث ورقات تحوي شعر واحد من ابناء جيله هو عبد الرحمن الابنودي‏,‏ وطلب منه ان يحكم بنفسه علي كتابته‏,‏ فانصرف بعد ان عزم علي هجر الشعر لكنه لم يلبث ان اذاب نور طاقته الشعرية في سردياته‏,‏ المفعمة بنبض الحياة وايقاع الفن ووهج الضمير الوطني‏,‏ وظل صلاح جاهين مثله النادر في الابداع والجمال والانسانية من هنا ندرك كيف تتضمخ صور فؤاد السردية بعطر الشعر وتتألق بافتتانه‏,‏ حتي وهو يحكي معاناته مع كل المصريين خلال العمل في السبعينيات في ليبيا‏.‏
ومع انه كان محظوظا في ادوار البطولة المهنية التي يقوم بها كمحاسب ومدير في الشركات الليبية‏,‏ غير ان تقلب الاوضاع‏,‏ وتناقض المواقف كان السمة الغالبة في سلوك الطبيعة والبشر معا‏,‏ فالجبل الوديع يدهمهم بسيولة الطوفانية‏,‏ وقنديل يدير الموقف في معسكر الشركة بمهارة فائقة‏,‏ فيمتطي البلدوزر الصغير ليهدم به السور حتي تنفرج المياه علي الرغم من خوف السائقين المحترفين‏.‏
سلطة الجمال والحكم
لم تتسع سنوات ليبيا الاربع‏,‏ ولا تقاليدها العربية‏,‏ لتجارب الكاتب العاطفية‏,‏ سوي مغامرة واحدة مع بنت مهندس فرنسي يرافقه في العمل شبت بينهما علاقة ساخنة وتبين له ان الاب علي علم بها ويباركها‏,‏ ولكنه رفض تحويلها الي زواج رسمي مكتفيا بالصداقة‏,‏ متعللا بالفوارق الفاصلة‏,‏ ولست ادري من اين جاء فؤاد قنديل بهؤلاء الاسماء الغربيين لان النموذج يتكرر معه في ايطاليا بشكل افدح‏,‏ حيث يتلذذ الاب بتصوير ابنته وهي تعانق وتقبل بطلنا المغوار ومبلغ ظني ان رجال البحر الابيض المتوسط شماله وجنوبه لديهم حمية تمنعهم من ذلك‏,‏ لكن رحلة ايطاليا وهي تستغرق اجزاء من الرواية تعطي للكاتب فرصة للتعبير عن ولعه بالجمال وعشقه للفن واستغراقه في مغامرات يبدو ان الخيال يلعب فيها دورا نشطا‏,‏ مما قد يخرج بالسيرة الذاتية عن ميثاق التاريخ الحقيقي للمؤلف‏,‏ اذ تستهويه فتاة ليل فاتنة وتستضيفه في بيتها ليتضح له انها عميلة يهودية‏,‏ وتغرم به ارملة طروب يسحرها برقية تشفي امهامن الالام فتدعوه الي وليمة باذخة‏,‏ حيث يجد نفسه متورطا وسط عصابة مافيا خطيرة مما نراه في الافلام‏,‏ وتعشقه الصبية التي يستعين بأبيها في شراء سيارة فتتعلق برقبته‏.‏ ويبدو ان الايام المعدودة التي قضاها الكاتب في ايطاليا واتاحت له فرصة معرفة بعض كلماتها جعلته يتوهم الحياة هناك سلسلة من مغامرات العشق والمافيا تجعل حياة الرجال والنساء محوطة بالالغام المتفجرة كل لحظة لكن يبقي هناك امران هامان اود ان اخصهما بالذكر في هذه السيرة الجميلة‏:‏
اولهما‏:‏ ما يكشف الكاتب طرفا يسيرا منه في العلاقة الحميمة بين احداث حياته ووقائع قصصه ورواياته‏,‏ فقد حكي مثلا قصة خطيبته الاولي هند وامها التي احبطت مشروع زواجه والتي صورها في قصته أمنا الغولة التي حازت علي جائزته الاولي من نادي القصة‏.‏
وثانيهما‏:‏ حكاية ضابط امن الدولة هشام جمعة الذي رعي قنديل موهبته الشعرية فظل يدين له بالفضل وحاول حمايته من بطش السلطة ايام السادات اثر كتابته لخطاب ساذج يتوهم انه سيجعل الرئيس يقول عن سياسته في تأبيد سلطته والتبعية لامريكا والانفتاح العشوائي وضرب الشيوعيين بالاخوان‏,‏ واهم من الرسالة ما صرح له به الضابط الشاب عن طبيعة الدولة الامنية في عهد عبد الناصر والسادات معا‏,‏ هنا يحق للمفتون ان يستيقظ من غفوته المثالية الحالمة‏,‏ وان يدرك وهو يكتوي بجمر النظام السلطوي ان يعزز ايمانه بالحرية‏,‏ فهي قرين الجمال والابداع في وجدان ومستقبل المصريين‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ صلاح فضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.