أردت أن أعلق علي رسالة أخت البنات التي نشرت في بريد السبت للفتاة التي تتولي مسئولية أخواتها البنات بعد وفاة والديها. فإذا بي أجدني مضطرا إلي أن أعلق علي الرسالة الملاصقة لها تحت عنوان الليالي الحالكة عن الفتاة التي انجرفت إلي اهوائها الشخصية, وتخلت عن خطيبها ضاربة عرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية. فالحقيقة أن هناك ارتباطا بين القصتين, مع الفارق الجوهري بينهما بالطبع, حيث إن البطل في الليالي الحالكة محام ارتبط في خطبة مع فتاة وكالعادة اندفع إليها دون أن يتفحص ظروفها الشخصية والعائلية, وحينما تأكد من عمق الفوارق وانحطاط المستوي الأخلاقي فسخ الخطبة مرتين, ويشعر مع ذلك أنه يعيش الليالي الحالكة ويسير في طريق مسدود والواقع انه يصفها بالليالي الحالكة لأنه قد لا يعوض مفاتن الجسد الذي يصفه بالرائع, أي أن مسعاه للجنس والشهوة كان في مرتبة أعلي من مسعاه للروح والأخلاقيات, وكأن الأدلة الدافعة التي قدمها في قصته لم تقنعه كرجل قبل أن تقنعه كمحام درس القانون وهو من العلوم الإنسانية, وكأن القانون عنده مرتبط بالعود والكمنجة, وأن مفاتن الجسد ستضئ له لياليه الحالكة علي الدوام ولا يدرك أن الخطيئة والخيانة وقد لمسهما قد تدفعاه ذات يوم للنهاية والانتحار.. وفي المقابل هناك أمثلة مشرفة لفتيات كثيرات حتي لا تكون الصورة حالكة أمام شباب متردد قبل أن يقدم علي الارتباط والزواج ومثال ذلك ما قرأته في رسالة أخت البنات عن كفاح ونضال فتاة لا يتعدي عمرها21 عاما وفقدت أبويها وتواجه صراع الحياة والفقر مع شقيقتيها اللتين في مرحلة الدراسة والمراهقة وتحاول استمرارهما في دراستهما وحمايتهما وحماية نفسها من الذئاب التي تنهش لحم وجسد البنات, وقد بدأت هذه المحاولات الخسيسة بمحاولة صاحب شقة سكنهن طردهن منها. هذا هو الارتباط مع الفارق الذي قصدته بين قصة المحامي وفتاته المفتونة بجسدها وتتاجر بمفاتن أنوثتها, وفتاة تمثل الشريحة العظمي التي تنحت الصخر لحماية مبادئها وشرفها, وأيضا شرف ومستقبل أخوتها وتطلب النصح والمساعدة. حقيقة يا سيدي كانت سطورك في التعليق علي قصتها دفعات معنوية لتتدفق ينابيع الأمل والثقة والإيمان لديها, ولكن في هذا الزمان الأغبر تحتاج المعنويات الي مساندات مادية ملموسة, حتي لا ينتصر اليأس مرة أخري, والحقيقة أيضا أن مناشدة ضمير صاحب الشقة قد لا يجد استجابة لديه, وهو الذي لم يراع الظروف منذ البداية, ولذلك أحسست بالراحة النفسية حينما أشرت أيضا بجانب النصيحة ورفع المعنويات إلي حلول عملية حاسمة باللجوء إلي أحد المحامين مساعدة منكم في الدفاع عن حقوق هؤلاء الفتيات اليتيمات, وطلبك من الشقيقة الكبري ذات العشرين عاما بزيارتك في مكتبك لترتيب بعض الأمور مع أهل الخير.. وهكذا تعود الابتسامة والطمأنينة والثقة, ويعود النور والأمل داخل جدار قلوب تريد أن تعيش بشرف, بعيدة عن الليالي الحالكة وبطلتها الفاتنة!. * تلقيت هذه الرسالة من الأستاذ مجدي جورج دميان.. وأرجو إبلاغه بأن صاحبة رسالة أخت البنات سوف يأتيها الفرج قريبا, حيث إنني مازلت أتلقي لها تبرعات من أهل الخير الذين يرغبون في مساندة فتيات يتيمات لا عائل لهن, كما تلقيت بعض العروض من شباب للزواج منها, والأمر متروك لها, وأشكرك علي تعليقك الجميل وربطك الرائع بين القصتين اللتين ترويان حكايتين لفتاتين احداهما ملتزمة دينيا وأخلاقيا, والأخري مندفعة نحو أهوائها, وهناك فارق جوهري بينهما وشتان بين المصير الذي ينتظر كل منهما.