بيان منتصف اليوم الثاني لغرفة العمليات المركزية لحزب المؤتمر    انتخابات النواب 2025، غرفة عمليات "المؤتمر" تصدر بيانا بشأن مخالفات العملية الانتخابية حتى منتصف اليوم    محافظ كفر الشيخ ومساعد وزير الخارجية يطلقان مكتب التصديقات الجديد بالغرفة التجارية    أوقاف الشرقية تنظّم ندوة توعوية بالمدارس حول توقير كبار السن    وفاة معلم أثناء طابور الصباح في القاهرة    انخفاض الصويا والذرة المستوردة، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم الخميس    إعلام إسرائيلي: مقتل ياسر أبو شباب قائد ميلشيات مناهضة ل«حماس» في غزة متأثرًا بجروح    القومي للمرأة ينعي الحاجة سبيلة علي أحمد عجيزة رمز العطاء الوطني    الكرملين: الهند شريك رئيسي لروسيا.. والعلاقات بين البلدين متعددة الأوجه    كأس العرب| منتخب تونس يتقدم على فلسطين بهدف في الشوط الأول «شاهد»    اسكواش - ثلاثي مصري يتأهل إلى نصف نهائي هونج كونج المفتوحة    بيان من نادي كهرباء الإسماعيلية بسبب الشائعات بين المرشحين على مواقع التواصل    هانيا الحمامي تتأهل لنصف نهائي بطولة ميلووكي هونغ كونغ للإسكواش    ضبط تاجر بكفر الشيخ استولى على مقررات تموينية ب76 ألف جنيه    إجراءات التقديم لامتحان الشهادة الإعدادية 2026    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية الإثنين 22 ديسمبر    ياسمين الخيام تكشف التفاصيل الكاملة لوصية والدها بشأن أعمال الخير    مسلسلات رمضان 2026.. هالة صدقى تجسد دور والدة كزبرة فى بيبو    نيكول سابا تكشف كواليس أحدث أعمالها «تلج تلج »    دار الإفتاء عن البشعة : ليس لها أصل فى الشرع والتعامل بها حرام ولا يجوز شرعا    مستشار الرئيس للصحة: مستشفى صدر العباسية له الفضل فى خفض حالات الدرن بمصر    صحة شمال سيناء تتعاون مع جامعة شرق بورسعيد الأهلية لتعزيز الرعاية الطبية والتدريب    خالد جلال: تكريمي من وزارة الثقافة يمنحي طاقة جديدة لمواصلة مسؤوليتي تجاه الفن والشباب    تحويلات مرورية في القاهرة.. تعرف عليها    مصر تستهدف جذب الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع التعليم    حمدان وبن رمضان وجهًا لوجه.. التشكيل الرسمي لمباراة فلسطين ضد تونس    نائب رئيس الوزراء: القيادة السياسية تضع الملف الصحي على رأس الأولويات الوطنية    الإمارات تطلق مصنع متطور للمولدات الصديقة للبيئة ينضم إلى القطاع الصناعي في الشارقة    بوتين يؤكد توسيع السيطرة الروسية نحو نوفوراسيا وخاركيف وأوديسا    السفيرة الأمريكية بالقاهرة: نسعى لدعم وتوسيع الشراكة الاستراتيجية مع مصر    البورصة تسجل مستوى تاريخي جديد مقتربة من 41500 نقطة بختام الأسبوع    «التجاري الدولي» يحصد جائزة بنك العام في مصر من مؤسسة The Banker    الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل ياسر أبو شباب على يد مسلحين فى غزة    الداخلية تضبط شخصا يوزع أموالا على الناخبين بطهطا    كرة طائرة - تواجد الصفقات الجديدة وغياب مريم مصطفى في قائمة سيدات الزمالك بمونديال الأندية    الطقس غدا.. تغيرات مفاجئة وتحذير من شبورة كثيفة وأمطار ونشاط رياح وأتربة    لجان لفحص شكوى أهالي قرية بالشرقية من وجود تماسيح    القاهرة الإخبارية: انتظام التصويت بدائرة الرمل في الإسكندرية.. والشباب يتصدرون    وفاة الشاعر والإذاعي فوزي خضر وتشييع جثمانه اليوم بعد صلاة العصر    رغم إصابته في أحداث 7 أكتوبر.. نتنياهو يدافع عن قرار تعيين سكرتيره العسكري رئيسا للموساد    رئيس الوزراء يصدر 10 قرارات جديدة اليوم    أبو الغيط: جائزة التميز الحكومي رافعة أساسية للتطوير وتحسين جودة حياة المواطن العربي    في غياب الدوليين.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة إنبي بكأس العاصمة    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    استقرار أسعار الذهب اليوم الخميس.. والجنيه يسجل 45440 جنيهًا    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل وعالم مابعد أمريكا

أثار الكتاب الذي أصدره الكاتب الأمريكي الشهير فريد زكريا‏(‏مسلم من أصل هندي‏)‏ الذي يرأس تحرير الطبعة الدولية في مجلة النيوزويك الأمريكية‏,‏ والذي حمل عنوان‏:‏ عالم مابعد أمريكا اهتماما اسرائيليا فائقا. لدرجة أن افرايم هاليفي رئيس جهاز الموساد السابق حرص علي أن يكتب مقدمة لترجمته العبرية قال فيها كل من يريد التطلع الي مستقبل العلاقات الأمريكية الاسرائيلية عليه قراءة هذا الكتاب لاسيما وأنه يضع خريطة طريق لبناء علاقات دولية لاسرائيل في مرحلة مابعد أمريكا‏,‏ مايحتم عليها استخلاص الدروس والعبر السياسية والتاريخية‏.‏
من يقرأ بعناية هذه الفقرة من مقدمة هاليفي لكتاب فريد زكريا في مقدوره أن يتعرف بسهولة علي أهم مايشغله في هذا الكتاب‏,‏ فالاسرائيليون لايشغلون أنفسهم كثيرا ببقاء أمريكا أو سقوطها كقيادة للعالم‏,‏ أو كقوة عالمية أحادية مسيطرة بقدر ماهم منشغلون أولا بالوصول الي يقين بخصوص مستقبل القوة الأمريكية لمعرفة الي أي مدي يمكن أن يعول الاسرائيليون علي هذه القوة الأمريكية كسند وكحليف يعتمد عليه‏,‏ كما أنهم منشغلون ثانيا بقراءة عالم مابعد أمريكا في حالة ما اذا كان الأفول الأمريكي قد أضحي واقعا لافكاك منه‏,‏ والتعرف علي مصادر القوة الحقيقية فيه‏,‏ ومن ثم رسم مااسماه هاليفي خريطة طريق لعلاقات اسرائيل الدولية في مرحلة مابعد الأفول الأمريكي‏.‏
قد لايكون كتاب فريد زكريا هو الأول من نوعه‏,‏ أو الأكثر دقة وريادة في ميدانه البحثي‏,‏ فقد سبقة كثيرون خاصة العالم الأمريكي الشهير بول كيندي صاحب صعود وأفول الامبراطوريات الكبري وقد لايكون ماكتبه هاليفي‏,‏ ومايمثله من خبرات ضمن الدائرة الضيقة لصنع القرار في الدولة الصهيونية‏,‏ حول اسرائيل وعالم مابعد أمريكا هو الأول من نوعه‏,‏ فقد سبقه كثيرون تحدثوا عن ضرورة تنويع مصادر التحالفات الاسرائيلية‏,‏ وهناك من تحدثوا باستفاضة عن أولوية روسيا كبديل للولايات المتحدة‏,‏ لكن ماكتبه هاليفي يكتسب أهمية استثنائية علي ضوء ثلاثة أمور مهمة‏.‏
أول هذه الأمور الثلاثة ماتضمنه كتاب فريد زكريا من حديث حول خريطة توازن القوي الدولية في عالم مابعد أمريكا‏,‏ حيث يرجح أن يحدث انتشار للقوة وعدم تركزها في قوة عالمية أحادية بديلة للولايات المتحدة أو ظهور عالم ثنائي القطبية تظهر فيه قوة دولية أخري قادرة علي منافسة الولايات المتحدة ولكن نجاح قوي اقليمية كبري عديدة صاعدة في أن تفرض نفسها كقوي دولية كبري خاصة الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا الي جانب روسيا والاتحاد الأوروبي‏.‏
حدوث ذلك يمثل تحديا لاسرائيل التي سيكون عليها أن تصبح حليفا استراتيجيا لعدد كبير من هذه القوي الجديدة كي تضمن تحقيق ماكانت قادرة علي تحقيقه من سياسات في ظل الهيمنة الأمريكية والتحالف الاستراتيجي الأمريكي الاسرائيلي خصوصا في ظل ماتحدث عنه فريد زكريا من أن الولايات المتحدة باتت مطالبة في ظل ما أصاب قوتها الكلية‏(‏ الاقتصادية بعد الأزمة المالية العالمية والعسكرية بعد الفشل في العراق وأفغانستان والسياسية بعدما أصاب هيبتها ونزاهتها من تجريح بسبب ماارتكبته من جرائم وفظائع تحت راية الحروب ضد الارهاب والكيل بمكاييل متعددة وغير عادلة في علاقاتها الدولية‏)‏ بعدم التوجه نحو خوض حروب مستقبلية أو مواجهات عسكرية وحدها تحت اي ظرف من الظروف‏,‏ وانما عليها العمل الدائم لبناء تحالفات واسعة النطاق علي مستوي العالم‏,‏ لأنها بحاجة فعلية لها‏,‏ ولاتستطيع القيام بعمليات عسكرية متوقعة وحدها دون شراكة من الآخرين‏.‏ ثاني هذه الأمور هو استثنائية الحليف الأمريكي الذي يصعب تعويضه‏,‏ استثنائية الحليف الأمريكي تحدث عنها فريد زكريا في معرض اشارته للسبب الحقيقي لصمود اسرائيل في ظل تداعيات حربها علي لبنان صيف‏2006‏ وحربها علي قطاع غزة‏(‏ ديسمبر‏2008‏ يناير‏2009)‏ بسؤاله وجوابه علي النحو التالي ماالذي جعل الحياة في اسرائيل والاقتصاد في اسرائيل يخرجان قويين من هاتين الحربين دون أن يتأثرا؟ أليس هو الدعم الأمريكي رغم ذلك فإن ماجاء في كتاب فريد زكريا لايمكن مقارنته أبدا بما سبق أن ورد علي ألسنة جميع الرؤساء الأمريكيين وكبار وزرائهم أو بالدعم الفعلي والأمريكي الاقتصادي والعسكري لاسرائيل‏,‏ وهو مايمكن تلمس بعض معالمه بما جاء علي لسان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عندما أكدت في‏(2010/3/16)‏ أن الولايات المتحدة واسرائيل بينهما رباط وثيق لا انفصام له وأن واشنطن لاتزال ملتزمة مطلقا بأمن اسرائيل‏.‏
أما الأمر الثالث الذي له علاقة بقلق هاليفي من محتوي كتاب فريد زكريا فهو أن الحديث عن أفول القوة الأمريكية جاء مقترنا بادراك اسرائيلي أخذ في التصاعد من وجود تحول في الدعم الأمريكي لاسرائيل وبالذات من جانب ادارة الرئيس الحالي باراك أوباما‏.‏
هذا التحول يتحدث عنه الاسرائيليون بسبب مايرونه من ميول لدي الرئيس أوباما للتقارب مع العالمين العربي والاسلامي انطلاقا من خطابه للمسلمين بجامعة القاهرة‏,‏ بغض النظر عن مدي حدوث محتوي هذا الخطاب‏,‏ ومن ميول لتحقيق حل القضية الفلسطينية عبر فرض حل الدولتين علي حساب ماتريده أو تفعله اسرائيل‏,‏ وأخيرا التراخي الأمريكي عن الدفاع وبقوة عن السياسة النووية الاسرائيلية‏,‏ وقبله التردد في القبول بخيار الحرب ضد ايران للقضاء علي فرص امتلاكها أسلحة نووية‏.‏
مشكلة اسرائيل بالنسبة لما تسميه من تحولات في الموقف الأمريكي أنها لاتقبل من الولايات المتحدة غير الدعم الكامل والانحياز المطلق‏,‏ لذلك فإن الانزعاج الاسرائيلي كان شديدا من مجرد قبول الولايات المتحدة‏,‏ نظريا‏,‏ بدعوة جعل الشرق الأوسط خاليا من الأسلحة النووية‏,‏ رغم الدفاع الأمريكي المستميت لمنع صدور أي توصية من اجتماع مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي عقد في نيويورك بمقر الأمم المتحدة‏(3‏ 28‏ مايو الماضي‏)‏ ضد القدرات النووية الاسرائيلية‏,‏ ورغم نجاح الولايات المتحدة في تفريغ التوصية التي صدرت بهذا الخصوص من مضمونها وبالذات مايتعلق بدعوة عقد مؤتمر عام‏2012‏ لمناقشة دعوة جعل الشرق الأوسط اقليميا خاليا من الأسلحة النووية عندما نزعت الصفة الالزامية عن هذه التوصية ومن ثم اعطت لاسرائيل فرصة رفض حضور هذا المؤتمر أو الالتزام بقراراته‏.‏ تطورات مهمة تحدث جعلت اسرائيل تنشغل بنفسها وخياراتها في مرحلة مابعد أفول العصر الأمريكي انشغال يحمل من هموم اسرائيل أكثر مما يحمل من هموم الولايات المتحدة وأفولها ويكاد يحمل صراخا مكتوما من احتمالات أفول اسرائيل التي لم تنتصر في أي حرب خاضتها منذ حرب يونيو‏1967‏ والتي أضحت مصداقيتها عارية بعد مؤتمر المراجعة النووية‏,‏ وباتت دولة مارقة بعد جريمتها ضد أسطول الحرية وماأحدثته من تحولات درامية في العلاقات التركية الاسرائيلية‏.‏
لم تقتصر فقط علي مراجعة علاقات تركيا باسرائيل لدرجة جعلت رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية يصف نجمة اسرائيل الداودية‏(‏ شعار دولة اسرائيل‏)‏ بأنها أصبحت تتماثل مع الشعار الناري‏,‏ بل امتدت لتجعل من تركيا حليفا لايران العدو الأبرز لاسرائيل ومدافعا صلبا عن حقوق الشعب الفلسطيني لدرجة جعلت كاتبا اسرائيليا شهيرا مثل بن كسبت يخرج عن توازنه العقلي ليصف أردوغان بأنه أصبح هداما وديماجوجيا خطيرا وكارثة استراتيجية تتجسد امام أنظارنا انه أحمدي نجاد الثاني‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.