تحقيق:محمود النوبي جاء هذا الكورس التدريبي عقب توقيع عدد من دول المنبع علي اتفاق عنتيبي الشهر الماضي حول مياه نهر النيل. حول أهمية هذا البرنامج ومساهمته في رفع قدر الدبلوماسيين الافارقة وعدم التعاون بين مصر ودول الحوض. وعما إذا كان له علاقة بالأزمة الأخيرة بين دول المنبع والمصب ورؤيتهم الشخصية في هذا الخصوص, كان للأهرام هذه الحوارات القصيرة مع المتدربين والمسئولين بوزارة الخارجية. في البداية سألت دبلوماسية شابة تدعي آن أوكندا من أوغندا حول استفادتها من الدورة التدريبية الخاصة, فقالت إن هذه أول مرة تزور فيها القاهرة, وهي سعيدة جدا, معربة عن شكرها لوزارة الخارجية علي تنظيم هذه الدورة التدريبية المكثفة التي تعلمت منها الكثير خاصة أن المحاضرين كانوا من كبار الدبلوماسيين المصريين. تضيف أن البرنامج أتاح لها الفرصة للالتقاء بالعديد من الدبلوماسيين من دول حوض النيل وتبادل الحوار بعضهم ببعض علي أرض مصر. تؤكد آن أن العلاقات بين مصر وأوغندا وطيدة وتاريخية نظرا لأن البلدين يجمعهما حوض النيل مؤكدة أنه لا يوجد أي انعكاس للأزمة الأخيرة بسبب الإتفاق الاطاري الذي تم توقيعه من جانب عدد من دول المنبع حول نهر النيل في عنتيبي علي العلاقات الوثيقة بين بلدها ومصر. أما زميلتها عائشة إسماعيل نائب رئيس البعثة الأوغندية في ليبيا فتقول إنها تعلمت من البرنامج التدريبي الدبلوماسي الكثير من المعلومات التي تفيد الدبلوماسي في عمله. وحول العلاقات بين مصر وبلادها أوضحت ان القاهرة هي شريك كبير لأوغندا في العديد من المشروعات علي المستوي الثنائي, وكذلك الدولي معربة عن أملها في أن تزداد هذه العلاقات في المستقبل وتصبح أكثر من فوق الممتازة. وأشارت إسماعيل الي أنه قد تكون هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر فيما يتعلق بموضوعات شئون النيل, غير أن اللقاءات المتعددة بين المسئولين في البلدين مثل هذا التجمع سيؤدي بلا شك الي وجود تفاهم أكثر لأننا جميعا لدينا مصالح في هذا النهر العظيم ويمكن لنا أن نحقق جميع هذه المصالح دون مساس بمصالح الآخرين مؤكدة عدم وجود أي مشاكل بين البلدين بسبب النيل متمنية أن يصل البلدان الي حلول من خلال التفاهم المباشر بين الحكومتين الشقيقتين. بأتي شيرون سكرتير أول بسفارة كينيا بالقاهرة وإحدي المتدربات أشادت بالبرنامج التدريبي مؤكدة انها استفادت جدا من الخبرات الدبلوماسية وتبادل المعلومات. وقالت إن وجود25 من الدبلوماسيين من الدرجات المختلفة من دول الحوض علي مائدة واحدة دليل علي مانشعر به من الاخوة الصادقة التي لا تتزعزع ولا يمكن أن تنفصم عراها, كما أود أن أشكر وزارة الخارجية علي تنظيم هذا البرنامج التدريبي الذي أتاح لنا الفرصة للقاء وجها لوجه, وهي الطريقة المثلي لمنع حدوث أي سوء فهم بين الأشقاء. أكدت شيرون انه لا يمكن لأي إنسان عاقل أن يوقف سريان وتدفق مياه النيل الي مصر لانه ببساطة سوف يعني ذلك غرق الجزء الأكبر من الاراضي الكينية, كما أن ذلك ضد الطبيعة, ومصر وكينيا بلدان كبيران شقيقان تعود علاقاتهما الي أمد بعيد لذلك لا يمكن ان تسبب كينيا في أي اضرار بمصر التي وقفت الي جانبها حتي نالت الاستقلال, وأنهم في بلادهما لا يمكن أن ينسوا ذلك للشعب المصري مهما طال الزمن, فمصر بالنسبة لكينيا هي الشقيقة الكبري. تضيف شيرون قائلة: علي العكس إن ماتقيمه كينيا من سدود تساعد علي رفع الطمي من مجري النهر وبذلك تصل المياه الي مصر صافية, ولن يحدث أبدا ان تقف كينيا في طريق تدفق ماء النهر الي مصر وهو ما أقوله دائما لمن يسألوني عن ذلك. ومن أثيوبيا يقول الدبلوماسي الشاب شيرموما أنه يشكر وزارة الخارجية علي تنظيم هذا البرنامج التدريبي والذي أتاح الفرصة له لزيارة القاهرة والإلتقاء بزملائه الدبلوماسيين من دول حوض النيل, إلا أنه اعتذر عن الحديث فيما يتعلق بالأزمة الحالية حول اتفاق مياه النهر, مؤكدا انه يكن كل التقدير للدبلوماسية المصرية. يشير الدبلوماسي أليكس من رواندا إلي أن المحاضرات كانت جيدة جدا وتطرقت لجميع الموضوعات التي تهم الدبلوماسي وتساعده علي بناء مستقبله المهني لأن القائمين عليه لديهم خبرات واسعة ومتراكمة في هذا المجال من خلال عملهم كدبلوماسيين لمصر في الخارج. ويعرب أليكس عن الأسف لعدم وجود بعثة دبلوماسية لبلده في القاهرة نظرا لظروف الحرب الطويلة التي خاضتها بلاده في السنوات الماضية وبسبب الظروف الاقتصادية إلا أنه تنمي أن يكون لرواندا سفارة لأن مصر هي قلب القارة الافريقية. ويقول الدبلوماسي أحمد سفيان من تنزانيا ان الجانب الثقافي في البرنامج كان ممتازا حيث اتيحت له الفرصة ولزملائه زيارة العديد من المواقع الاثرية الاسلامية والفرعونية كما زاروا مدينة الاسكندرية حيث اطلعوا علي عظمة مصر منذ فجر التاريخ, مشيرا الي ان البرنامج التدريبي الذي استمر أسبوعين متواصلين أتاح وجود أرضية مشتركة للقاء الدبلوماسيين من دول حوض النيل ولقاء الدبلوماسيين المصريين ويحقق العمل المتقارب. ويقول آدم محمد برهان من دولة اريتريا إن التدريب كان ممتازا في كل المجالات من حيث المحاضرات والمدربين, مؤكدا أن هذه البرامج تسهم بشكل كبير في دعم وتعميق التعاون بين دول حوض النيل وبعضها البعض. يقول السفير د. هشام خليل نائب مساعد وزير الخارجية لشئون معهد الدراسات الدبلوماسية إن الدبلوماسيين المتدربين سألوا لماذا لم يتضمن الكورس موضوعات حول مشكلة نهر النيل التي تواجه دول الحوض حاليا, فقلنا لهم إن هذا البرنامج ليس له أي علاقة بهذا الموضوع تماما لأننا أولا وأخيرا أشقاء سواء كنا دولا أنجلوفون أو فرانكوفون أو دول الحوض والتعاون قائم بيننا منذ بداية استقلال دولهم ولم يكن لمصر في ذلك الوقت أي أهداف مثلما لا يوجد لنا الآن أي أغراض أخري سوي التعاون لتحقيق التنمية لدولنا. يشير الدكتور هشام خليل الي ان المعهد الدبلوماسي بالتعاون مع الصندوق المصري للتعاون الفني مع افريقيا أعد برنامجا مكثفا للمتدربين تضمن كل ما يحتاجه الدبلوماسي من معلومات سواء فيما يتعلق بالمراسم والبروتوكول والكتابات الدبلوماسية بجميع أنواعها والمراسلات الدبلوماسية وعقد المؤتمرات, موضحا ان النقاش دار حول العديد من القضايا الإفريقية التنمية وحل النزاعات الافريقية بالطرق السلمية ودور مصر الاقليمي في عملية السلام في الشرق الأوسط وحظر انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط. يضيف أن التدريب تضمن جانبا ثقافيا قام خلاله المتدربون بزيارة الآثار الفرعونية التي تشهد علي قيام حضارة عظيمة لمصر هي أم إفريقيا كلها علي النهر الخالد الذي منح الحضارة قوتها علي مدار سبعة آلاف عام, ولن يستطيع أحد أن يعكر صفو النيل, مؤكدا أن هذه البرامج تدعم العلاقات بين مصر والدول الافريقية بدون استثناء ودول الحوض بصفة خاصة. واعتبر السفير هشام خليل أن العلاقات السياسية لا تخلو من جانب انساني وشخصي نعلمه جيدا كون أن هؤلاء الدبلوماسيين وهم من درجات متوسطة وكبيرة سيكونون في يوم من الأيام سفراء لبلادهم في دول كبيرة قد تكون من بينها مصر, لأن التاريخ علمنا انه لا يمكن ايجاد علاقات صداقة بين ليلة وضحاها, وإنما تكون عبر السنين والتواصل بين الأجيال, مشيرا الي ان هذه المجموعة لن تنسي مصر والحفاوة التي قوبلوا بها, وأن هذه البلد هي وطنهم الثاني والشقيقة الكبري والمساندة لهم كما انهم مساندون لها ومصر ستبقي في تحالف مع شقيقاتها الافريقيات. ومن جانبه يقول السفير ماهر العدوي نائب الأمين العام للصندوق المصري للتعاون الفني مع افريقيا ان الهدف من تنظيم هذا البرنامج تكثيف التعاون بين الدول الافريقية, لافتا الي ان الصندوق الافريقي يقوم بتنظيم هذه البرامج والدورات منذ فترات طويلة وليست مرتبطة بموضوع المياه, مؤكدا أن الهدف الأساسي أن يكون هناك تعاون بين الدول الافريقية, لأن إفريقيا لن تتقدم بدون وجود تعاون بين دولها, وهو الهدف الأصيل الذي من أجله تم إنشاء الصندوق بوزارة الخارجية ويحظي برعاية خاصة من أحمد أبوالغيط وزير الخارجية. ويشير العدوي الي ان مصر ستواصل بذل الجهد مع شقيقاتها بأقصي ما تستطيع في جميع المجالات وهو الأمر المستمر منذ استقلال هذه الدول وحتي الآن وفي المستقبل مهما يحدث من أزمات يمكن حلها في اطار الاشقاء.