... وتاهت أعمال الرواد... في هيئة الكتاب! لا ينكر أحد النقلة المتقدمة التي شهدتها الهيئة العامة للكتاب في الفترة الأخيرة بتوسيع دائرة نشر الكتب والمراجع والدراسات والترجمات وغيرها من ألوان المعرفة المختلفة. وفتج مجالات النشر ايضا لأدبائنا الشبان الذين عانوا من عدم نشر مصنفاتهم الأدبية والفنية في فترات سابقة, وقد ظهر ذلك بوضوح في الدورة الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب التي أعد لها مسبقا د.صابر عرب رئيس الهيئة بالنيابة الي جانب عمله كرئيس لدار الكتب والوثائق القومية, ولا ينكر أحد هذا الكم الكبير من الكتب الذي شاركت به دور النشر الحكومية والخاصة في هذه الدورة وفتحت به شهية القراء لاقتناء العديد منها خاصة ان كثيرا منها. كان في متناول القدرة الشرائية للشباب والبسطاء من عشاق الثقافة, ناهيك عن الندوات والأمسيات واللقاءات الفكرية التي أقيمت علي هامشه وتناولت عددا كبيرا من قضايا النشر بصفة خاصة وقضايا الثقافة بصفة عامة. * ورغم هذا كله فقد تلقيت عديدا من الرسائل والاتصالات الهاتفية التي توالت ولاتزال تتوالي بين حين وآخر, ويأتي معظمها من ورثة كبار مفكرينا وأدبائنا الراحلين من زوجاتهم وأبنائهم وأحفادهم بالاضافة الي شباب المثقفين الجدد الذين تتلمذوا علي أعمال هؤلاء الرواد ونهلوا وارتووا من ابداعاتهم الرائعة كما دارت رسائلهم واتصالاتهم حول سؤال واحد هو اين الأعمال الكاملة لهؤلاء الرواد ولماذا لا تتبني وزارة الثقافة الأعمال الكاملة لهؤلاء المبدين الكبار الذين شكلوا وجدان القارئ المصري والعربي, وأصبح لهم عشاقهم في جميع الأقطار العربية الذين يأتون من بلادهم بحثا عن هذه الأعمال في معرض القاهرة للكتاب كل عام باعتباره المعرض الأكبر في الوطن العربي ولكن دون جدوي باستثناء بعض الكتب والقصص والروايات المنفردة, ورغم ذلك يحرصون علي شرائها ايمانا منهم بقول فقيهنا القانوني السنهوري رحمه الله ما لايدرك كله لا يترك كله وقبل ان نعرض بعض مقترحاتنا لدعم هذا المشروع وتأكيد أهميته وامكانية تنفيذه نعرض بعض ملاحظاتنا الآتية: * د,سمير سرحان: رئيس هيئة الكتاب الأسبق كان يحلم بعد نجاح مشروع مكتبة الأسرة أن يتمكن في حياته من جمع الأعمال الكاملة لجيل كبار الكتاب الراحلين الذين اثروا حياتنا الثقافية والأدبية والفنية بأعمالهم الرائعة بحيث تكون هذه الأعمال جميعها مطروحة أمام القراء في معرض القاهرة الدولي للكتاب, وان تصدر في طبعات فاخرة كنوع من التقدير والتكريم لهم لما قدمه لبلدهم وأمتهم العربية, وبالفعل شرع د.سمير سرحان في تنفيذ هذا المشروع الكبير وأصدر تعليماته للمسئولين من هيئة الكتاب باتخاذ الخطوات اللازمة وتقديم بيان تفصيلي بأعمال كل رائد من هؤلاء الرواد تمهيدا لاتخاذ اجراءات طبعها وإصدارها لتكون بين أيدي القراء في معرض الكتاب, ولكن هذا المشروع الفكري التنويري الكبير توقف للأسف بعد رحيله, وتأكيدا لأهميته واحيائه من جديد لنا بعض المقترحات الآتية: * أن يصدر وزير الثقافة فاروق حسني تعليماته الي رئيس الهيئة العامة للكتاب بإعداد قائمة بأسماء كبار المفكرين الراحلين الذين شرفت الهيئة بإصدار عدد من أعمالهم وإبداعاتهم الأدبية من جيل الرواد الكبار أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويحيي حقي ويوسف السباعي وزكي نجيب محمود وعبد المنعم الصاوي ولويس عوض ويوسف ادريس وثروت أباظة وسعد وهبة وغيرهم وجمع الأعمال الكاملة لكل منهم واصدارها في طباعة فاخرة تتناسب مع مكانتهم الأدبية والفكرية بحيث تكون بين أيدي القراء في معرض القاهرة الدولي للكتاب في يناير القادم. * الاتصال بورثة هؤلاء الرواد لبحث ما لديهم من أعمال لمورثيهم لم تنشر بعد أو حالت الظروف دون خروجها للنور لتكون ضمن الأعمال الكاملة الموجودة لدي الهيئة تمهيدا لطبعها في عمل متكامل. * أن تقوم دور النشر الأخري الحكومية والخاصة ومنها المؤسسات الصحفية ودار المعارف والمجلس الأعلي للثقافة وهيئة الاستعلامات والشروق والنهضة ودار غريب وغيرها بإصدار الأعمال المتكاملة للرواد الذين تعاملوا مع هذه الجهات بحيث تكون ايضا جاهزة للعرض في معرض الكتاب القادم, ويحسب لهذه الجهات جميعا هذه المشاركة الايجابية التي سيكون لها مردودها الايجابي علي عشاق كل هؤلاء الرواد وتكون أعمالهم إضافة ثرية لمكتبات المثقفين العرب وكنزا ثقافيا رائعا تتبادله الأجيال جيلا بعد جيل في مجال الابداع الفكري الرفيع. * وأخيرا أقول ان صدور هذه الأعمال المتكاملة لهؤلاء الرواد الراحلين بمشاركة جميع دور النشر الحكومية والخاصة هو تكريم حقيقي لهم وتخليد لذكراهم وتقدير من الدولة ممثلة في وزارة الثقافة لما قدموه لبلدهم ووطنهم العربي من أعمال إبداعية أسهمت بقدر كبير في اثراء الوجدان وحماية في نفس الوقت لهذه الأعمال حتي لا تتوه وتضيع في دهاليز ومخازن هيئة الكتاب ودور النشر الأخري.