يعنيها ان تكون أكثر شخصية سياسية مكروهة في إسرائيل لأنها تعمد دائما أن تقتحم قلب العاصفة العربية الإسرائيلية السياسية. ونتيجة لذلك فقد تكون أكثر سياسية مكروهة لدي الأغلبية من اليهود، لكنها في الوقت ذاته أكثر سياسية محبوبة لدي الأقلية العربية. إنها بكل بساطة حنين زعبي النائبة العربية في الكنيست وأول امرأة فلسطينية تحصل علي مقعد في هذا الكيان السياسي. وصراعها لتوصيل صوت الأقلية وحقوقهم في بلدها المستعمر لا يتوقف, وكانت آخر حلقة به عندما حاول اليمين الإسرائيلي منعها من الترشح مجددا في الانتخابات الأخيرة التي جرت في الثاني والعشرين من يناير الماضي باعتبار أنهاتقوض دولة اسرائيل حتي أصدرت المحكمة العليا قرارها بمنع شطبها من قوائم المرشحين. ومع أنها صغيرة في الحجم وعمرها يكاد يناهز ال43 عاما فإنها قادرة دائما بثقافتها وذكائها علي حشد السكان المحليين لاستخدام كل الأدوات الديمقراطية المتاحة للوقوف أمام ما يطلقه عليهم الإسرائيليون ب العرب الجيدون أو أولئك الذين يجب أن يشكروا إسرائيل كل يوم لعدم طردهم في عام1948 والذين يعتقدون أنهم لا يقفون علي حد المساواة مع المواطنين اليهود. ومع أنها تنحدر من واحدة من أبرز العائلات في المجتمع العربي الإسرائيلي لكنها ما تلبث أن تسدد اللكمات واحدة تلو الأخري ضد الوجود الإسرائيلي حتي أصبحت مصدر توتر وتهديد دائمين لحكومتها. إنها ليست من المدافعين عن الإرهاب أو إقصاء إسرائيل لكن ذلك لم يبعدها عن جهود إزاحتها من الخريطة السياسية المدافعة عن مواطني الدرجة الثانية من عرب إسرائيل. وهي ترفض إسرائيل كدولة تأسست علي التطهير العرقي للفلسطينيين, وتدافع عن حق العودة إلي إسرائيل لملايين اللاجئين الفلسطينيين وأبنائهم, وتريد تحويل البلاد من دولة يهودية إلي دولة ديمقراطية لجميع مواطنيها. وتؤمن حنين بإمكان استخدام وسائل متعددة في المستقبل من أجل تحقيق الأهداف, كالعصيان المدني مثلا, لكن النضال من داخل الكنيست له جدوي كبيرة, حسب تعبيرها. وذلك كله لم يمنع تعرض النائبة لانتقادات من بعض المواطنين العرب بسبب عجزها عن الإسهام في تخفيض نسبة البطالة ومستوي الجريمة في الوسط العربي وحل بعض المشكلات التي يعانيها المواطن العربي كمشكلة السكن لكن وجودها أمر أساسي بالدرجة الأولي, حيث لم يسبق أن شارك أي حزب عربي في الحكومة الإسرائيلية مثل الحزب الذي تنتمي إليه حنين وهو حزب التجمع. والحقيقة فإن حنين ليست الوحيدة التي تتعرض للانتقادات الدائمة. فقد أصبح عرب إسرائيل, الذين يشكلون21% من8 ملايين شخص في إسرائيل مصدرا لعدم الثقة والكراهية من قبل المجتمع اليهودي. ومع فوز حكومة الليكود التي ينتمي إليها رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو مجددا في الانتخابات الأخيرة فقد أصبحت حنين بمثابة مانعة الصواعق لهذه الروح العدائية في البلاد. فهي في الأساس تحتل المرتبة الأولي كعدو إسرائيل الشعبي منذ الأول من مايو عام2010 أي بعد عام من انتخابها في الكنيست بسبب مشاركتها في الاسطول الإنساني الدولي الذي حاول كسر حصار غزة. ومنذ تلك اللحظة, أخذت زعبي تتلقي تهديدات بواسطة رسائل, وعبر الهاتف والبريد الإلكتروني. وفي يوليو2011 وعندما اعترضت علي مضمون بيان كان يدلي به نيتانياهو, طردت من قاعة الكنيست بأمر من رئيسه, الذي قرر أيضا منعها من العودة للمشاركة في تلك الجلسة مستندا إلي تهمة مبالغ بها بصورة فاضحة, وهي أنها اعتدت علي أحد حجاب الكنيست. وسحب منها أيضا جواز سفرها الدبلوماسي وحقها في التصويت بمناقشات اللجان ولم تدرج في الائتلاف الحكومي. وفي هذا السياق تآمر أعضاء في حزب رئيس الوزراء الليكود لحرمان حنين من الترشح في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة حتي صدر قرار المحكمة العليا. وحتي خلال توجهها للمحكمة انتظارا لقرارها احيطت بحراسة مشددة وهتف بعض المتطرفين اليمينيين ضدها باعتبارها إرهابية. ورغم انها مهددة بالاعتقال في أي لحظة فإنها لا تعرف الخوف وتخوض حملة قوية وعلنية من أجل حقوق مواطنة كاملة للفلسطينيين في إسرائيل, كما عارضت بنشاط حركة الاستيطان الإسرائيلية وسياسات الاحتلال. إنها تريد أن يري العالم الصورة الحقيقية لإسرائيل. ولهذا السبب تحاول الحكومة الإسرائيلية تحطيم حنين زعبي.