شهد الأسبوع الفائت تطورين لافتين في المربع السلفي.. أولهما كان المبادرة الممتازة التي أطلقها الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور لنبذ العنف, والتي رفعت كذلك سلم مطالبات سياسية جديدة إزاء السلطة, في إطار الأزمة المستحكمة التي يمر بها الوطن, وقبل ذلك والأهم تفاعل النور مع قيادات جبهة الانقاذ الذين تبنوا مبادرة الحزب السلفي ورأوها تطورا في فكره وحركته, كما اعتبروها أساسا مناسبا لتحرك مشترك.. أما ثاني التطورين فكان بيانين صادرين من الجماعة الإسلامية والشيخ حازم صلاح أبواسماعيل يومي الأربعاء والخميس الماضيين, وقد وصف أحدهما( بيان الجماعة) التحركات الأخيرة للمعارضة: الفجور العلماني الشيوعي الناصري التخريبي الحاقد علي الإسلام ومشروعهم الإسلامي, وهدد بدخول التيار الثوري الإسلامي في مواجهة الفوضويين والعلمانيين مباشرة, حينها سيتنحي الإخوان بسلميتهم المعهودة ولن يصبح هناك حاكم سوي قوة السلاح.. أما بيان الشيخ حازم فتوعد الثوار والقوي السياسية الرافضة لنهج الرئيس الحالي, وألمح الي استعداد ميليشياته لمعالجة الموضوع بنفسها في الشارع وعلي طريقتها الخاصة!! وكأنما باتت الأحداث الحالية التي يمر بها الوطن فضاء مناسبا لفرز سلفي تأخذ فيه القوي التي تنتمي إلي ذلك المربع أشكالها الأكثر تحديدا وعلي نحو يتجاوز الهلاميات التي كانت تطرح بها رؤاها من قبل, فنحن اليوم أمام قوة تنضج( وهي حزب النور) وتتحرك في إطار سياسي, وتتفهم حتمية الحوار والتنسيق بين القوي السياسية, وتتخلص وتحاول تخليصنا من الاستقطاب المقيت حول ثنائية( مدني) و(ديني). وفي مواجهته نحن بإزاء قوي سلفية أخري( الجماعة والشيخ حازم) رأت لنفسها دور الفتوة الذي يهدد ويتوعد خارج الأطر القانونية بمواجهة خصومه السياسيين بالعنف, وفي جميع الأحوال فإن فكر وفقه العنف يبدو مخيفا وغير قانوني, ومواصلة التلويح به تهدد بدون نقاش الحالة الديمقراطية بكاملها.. ومن مؤشرات الفرز السلفي كذلك أن حزب النور بدا أكثر استقلالية عن جماعة الاخوان, في حين ظهرت الجماعة والشيخ حازم في حال تنسيق وتوزيع أدوار, بحيث اذا لم تنفع( سلمية) الاخوان من وجهة نظرهم يدخلون هم بالعنف.. وأيضا أصبح حزب النور الآن علي الطريق لأن يلعب دور الوسيط المرتجي بين الفسطاطين في هذا البلد, قاصدا تحقيق المصالح العليا للبلاد, أما الجماعة والشيخ حازم فقد عمقا عزلتهما التي نشأت عبر ممارسات حصار الدستورية, ومدينة الإنتاج الإعلامي, وخرجا من المجتمع السياسي( طواعية) الي تيه العنف والميليشيات ومخاصمة الشعب.. المزيد من أعمدة د. عمرو عبد السميع