تعود رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي أن يلقي علي مسامعنا دروسا في الديمقراطية بمنتهي الأستاذية والاحتقان و الزرزرة, وقد جاءت الأحداث إلينا بواقعة تمنحنا أكثر من فرصة لرد الجميل وتلقين ذلك الرجل درسا في تلك الديمقراطية هو أوقع من كل محاضراته.. فقد تابعنا علي شاشات التليفزيون يوم السبت الفائت المظاهرات الكردية الغاضبة في لندن وباريس احتجاجا علي مقتل ثلاث من الناشطات الكرديات في مكان قريب من محال لا فاييت الشهيرة بميدان الأوبرا( بلاس دي لوبرا) في العاصمة الفرنسية, ولفتني التبرير الساذج الذي ساقه أردوغان إلينا, حين ألصق الحادث بتنظيم الذئاب الرمادية من الحزب القومي التركي المتطرف, مؤكدا أنها محاولة لإفساد مفاوضات الحكومة التركية مع عبد الله أوجلان( زعيم حزب العمال الكردستاني اليساري) للوصول إلي هدنة أو حل.. ومبعث سذاجة ذلك التبرير تنتظمه النقاط التالية: نعم.. هناك اتهامات ضد الذئاب الرمادية وقد شارك فيها أردوغان كما قلنا فضلا عن إلحاحه في مطالبة فرنسا بكشف غموض الحادث, ولكن احتمال دفع المخابرات التركية وتحريضها لتلك الجماعة العنصرية يظل حاضرا بأكثر من غيره رغم نفيها المتواصل, وذلك بغية توجيه رسالة رادعة إلي مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتحصنين في جبل قنديل لإجبارهم علي التوقف عن قصف الأتراك. الموضوع كله يدخل في نطاق تخويف حزب العمال الكردستاني لقبول فكرة الإدارة التركية بتوفير( مخرج آمن) للأكراد من الأراضي التركية, رغم أن الأتراك قصفوهم عام9991 بعدما أعطوهم ذات الوعد, والآن وهم يتفاوضون معهم.. يقصفونهم في جنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا, وقد تعقبوا عناصر حزب العمال الكردستاني في العراق لأكثر من مرة داخل الأراضي العراقية, وذلك يدخل في نطاق عدم اعتراف الأتراك بحق الأكراد الإنساني والقانوني في تقرير مصيرهم, وهو حق( ديمقراطي) يتجاهله أردوغان ملصقا تهمة الإرهاب بالأكراد الذين حملوا السلاح دفاعا عن أنفسهم, ضاغطا عليهم للخروج من تركيا, وهو ما يوصف في القانون الدولي بالتطهير العرقي. أردوغان مصر علي عدم احترام الأماني القومية للأكراد في إنشاء وطنهم( كردستان) بين تركيا وسوريا والعراق وإيران, وهي الأماني التي تتكيء علي سنادات منطقية و( ديمقراطية) نكرر( ديمقراطية) ينبغي علي رئيس الوزراء التركي المتزرزر الطاووس أن يتعلم احترامها إن كان يعي المعاني الحقيقية للديمقراطية, وأن يتوقف تماما عن وصف دفاع الأكراد الشرعي عن أنفسهم ضد الغارات التركية الجوية وتوغلات القوات البرية التركية خلفهم بأنها( حرب ضد الارهاب).. وبيقين فإن قوي عديدة في مصر تعترف بحقوق الأكراد, وينبغي لها تصعيد التعبير عن اعترافها. المزيد من أعمدة د. عمرو عبد السميع