تدريب الدفعة الخامسة من مبادرة "30 ألف معلم" بدمياط    لينك الحلقة 2.. رانيا يوسف وسيد رجب يكتشفان أنهما ضحيتان لنفس الهاكر    البريد يوقع بروتوكول تعاون مع «المصري لتمويل المشروعات» لدعم الشمول المالي    بعد اقترح ترامب مشاركته.. نتنياهو لن يشارك فى قمة السلام بشرم الشيخ    مشادات في الكنيست الإسرائيلي أثناء خطاب ترامب    إنجاز تاريخي.. منتخب مصر يتأهل للمونديال دون هزيمة للمرة الأولى منذ 91 عامًا    جهاز الزمالك يدرس الدفع بالجزيري في هجوم الأبيض أمام بطل الصومال    أمن القليوبية يكشف لغز السطو المسلح على عمال محطة بنزين    تأجيل إستئناف أحمد عبد المنعم أبو الفتوح علي حكم سجنه لسماع أقوال الشاهد    حبس ربة منزل قتلت زوجها وأحرقته أثناء نومه بالشرقية    محمد كرم يكشف تفاصيل الدورة الرابعة ل مهرجان حفل جوائز الأفضل عربيًا    تفاصيل تعاون هيئة التأمين الصحي الشامل مع منظومة الشكاوى الحكومية    فرجاني ساسي يسجل هدفا لتونس أمام نامبيا في تصفيات كأس العالم    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    تأكيدًا لما نشرته «المصري اليوم».. «الأطباء» تعلن نتائج انتخابات التجديد النصفي رسميًا    الرئيس السيسي يؤكد لرئيسة وزراء إيطاليا أهمية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    «ارمي نفسي في النار عشانه».. سيدة تنقذ طفلها من الغرق في ترعة بالغربية    قمة شرم الشيخ.. الآثار الإيجابية المحتملة على الاقتصاد المصري بعد اتفاق وقف الحرب في غزة    طارق الشناوي عن عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة: «دليل على انحياز الرقيب الجديد لحرية التعبير»    بالصور.. تطوير شامل بمنطقتي "السلام الجديد والتصنيع" في بورسعيد    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    فحص 1256 مواطنًا وإحالة 10 مرضى لاستكمال العلاج ضمن القافلة الطبية بكفر الشيخ    المشدد 3 سنوات لعصابة تتزعمها سيدة بتهمة سرقة موظف بالإكراه فى مدينة نصر    الأهلي يدعو أعضاء النادي لانتخاب مجلس إدارة جديد 31 أكتوبر    محافظ الوادي الجديد يشارك فى مؤتمر الابتكار العالمى للأغذية الزراعية بالصين    إلهام شاهين لاليوم السابع عن قمة شرم الشيخ: تحيا مصر عظيمة دايما    ترامب: ويتكوف شخص عظيم الكل يحبه وهو مفاوض جيد جلب السلام للشرق الأوسط    ضوابط جديدة من المهن الموسيقية لمطربي المهرجانات، وعقوبات صارمة ل2 من المطربين الشعبيين    وزير الري: مصر كانت وما زالت منبرًا للتعاون والعمل العربي والإسلامي المشترك    دار الإفتاء توضح حكم التدخين بعد الوضوء وهل يبطل الصلاة؟    جامعة بنها تتلقى 4705 شكوى خلال 9 أشهر    حسام زكى: نهاية الحرب على غزة تلوح فى الأفق واتفاق شرم الشيخ خطوة حاسمة للسلام    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    قمة شرم الشيخ| ندى ثابت: الاتفاق يؤكد دور مصر المحوري في الدفاع عن الاستقرار الإقليمي    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    إعلام إسرائيلى: ترامب يعقد اجتماع عمل مع نتنياهو فى الكنيست    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    فحص 1256 مواطنا وإحالة 10 مرضى لاستكمال الفحوصات بقافلة طبية فى مطوبس    استمرار تلقي طلبات الترشح لمجلس النواب بالشرقية    إشادة بالتعاون بين «السياحة والآثار» والسفارة الإيطالية في الترويج للمقاصد المصرية    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    «أسير» و«دورا».. عروض متنوعة تستقبل جمهور مهرجان نقابة المهن التمثيلية    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام» بمناسبة خطابه في المجلس (صور)    «أننا أمام محك حقيقي».. ماذا قال رينار قبل مواجهة السعودية والعراق؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    القوات الإسرائيلية تداهم منازل أسرى فلسطينيين من المقرر الإفراج عنهم    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    عبد المنعم سعيد: الطريق لدولة فلسطينية موجود في خطة ترامب    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حياة وعبادة التعايش ( 4 - 1 )
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 12 - 2012

التعايش من الموضوعات المهمة، التي يكثر تناولها في وسائل الإعلام، وتحتاج إلى طرحها على بساط الحديث، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن، لا سيما بعد الثورة وتوابعها، وما أحدثته من هزة عنيفة في المجتمع، إذ بدون التعايش يبرز الخلاف، وربما التحارب، بين أبناء الوطن، وبالتالي : تنهيار الأمة، ويضيع الدين. لقد كان أحد شعارات الثورة المصرية :"عيش..حرية..عدالة اجتاعية..كرامة إنسانية". وجاء في ديباجة الدستور الجديد :"نحن جماهير شعب مصر، وقد جهرنا بحقوقنا الكاملة :"عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية" مشفوعة بدماء شهدائنا، وآلام مصابينا، وأحلام أطفالنا، وجهاد رجالنا ونسائنا".
هكذا نحتاج إلى صناعة التعايش فيما بيننا، والطريق إليه يبدأ من ترسيخه في ذواتنا، بالاتساق مع أنفسنا، ثم ترسيخه بيننا نحن المسلمين، بحيث نلتزم بالاخوة الإيمانية، ثم تأصيله مع المخالفين في العقيدة والمذهب.
ولأهميته، وردت كلمة "عيش" في القرآن الكريم ثماني مرات، بمشتقات ثلاثة. ومن هذه الثماني خمس مرات تتحدث عن عيش الدنيا، ومعيشتها، وثلاث مرات عن العيش في الآخرة، على طريقة القرآن في التوازن بين الدنيا والآخرة.
عن الدنيا جاء قوله تعالى "معاشا": مرة واحدة في "وجعلنا النهار معاشا". (النبأ:11)، فيما وردت كلمة "معيشة" ثلاث مرات، منها مرتان تخصان الدنيا على النحو التالي: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا".(الزخرف: 32)، وقوله تعالى :"وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها". (القصص:58)، بينما وردت كلمة "معايش" مرتين، كالتالي :"ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش".(الأعراف:10)، وقوله تعالى :"وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين". (الحجر :20).
والمقصود بالمعايش: المطاعم ، والمشارب ، والملابس، وجميع ما تستقيم به الحياة البشرية. في الوقت نفسه حدثنا القرآن عن نوعين من العيشة والمعيشة، كما في قوله تعالى :"فهو في عيشة راضية * في جنة عالية".(الحاقة:21، و22). وقوله :"فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية". (القارعة:7).و"العيشة الراضية" ذات الرضا التي تأتي على حال يرضاها صاحبها.
وهناك "المعيشة الضنك"، التي تحدث عنها القرآن في قوله تعالى بسورة طه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى".(طه:124)، وهذا وعيد شديد لمن أعرض عن ذكر الله، فتكون معيشته ضنكا، وإن كان ذا مال كثير وسعة، نظرا لما يقع في قلبه من الضيق والحرج والمشقة، فلا ينفعه وجود المال، ثم يُحشر يوم القيامة أعمى.
هكذا ارتبط "العيش" في القرآن بالدنيا، والنهار، والأرض، وبالتحذير من بطر المعيشة، وبالارتباط بين ثقل موازين الدنيا بالحسنات، والعيشة الراضية، وعلى العكس ارتبط الإعراض عن الذكر بالمعيشة "الضنك".
هذا في القرآن، أما عن اللغة فيُشتق التعايش من مادة "عيش" في المعجم، والعيش هو الحياة. والتعايش (على وزن تفاعل)، ويفيد وجود علاقة متبادلة بين الطرفين، والاشتراك في الحياة الواحدة على الألفة والمودة.
أما اصطلاحا فيقصد بالتعايش: العيش المتبادل مع الآخرين القائم على المسالمة والمهادنة. وقد يعبر عنه بعبارات: التسامح، التقارب، التساكن، التكامل، التلاقي، التجانس..إلخ.
ومن منظور شرعي يُعتبر التعايش عبادة من أجل العبادات، لأنه يرتبط بالوازع الديني، ومراقبة الله. فالمسلم يمارسه بدافع التقوى، والإيمان بالله عز وجل، ومصدره في هذا الوحيان: الكتاب والسنة. وبدايته إيمان المسلم بجميع ما أنزل الله من كتاب، وما أرسل من رسل.
وللتعايش بين أفراد المجتمع ثمرات كثيرة، فهو سبب لنشر التماسك والانسجام فيما بينهم، كما أنه سبب لتحقيق الرفاهية والمصالح المشتركة وتقاسم الثروات والعيش الرغيد، فضلا عن استقرار المجتمع، واستتباب الأمن، ونشر الدعوة الإسلامية نتيجة اختلاط غير المسلمين بالمسلمين، وتفهمهم لطبيعة الإسلام السمحة، ومعرفتهم بمبادئه العظيمة، التي تظهر بوضوح في حرص المسلم على الاعتراف بالمخالفين، ومساعدة الآخرين، واحترام الجيران، وحسن التعامل مع البشر كافة، بغض النظر عن أجناسهم، وألوانهم، وعقائدهم.
وللتعايش نوعان: نوع مشروع يُؤخذ من نصوص الكتاب والسنة، وهو وسيلة من وسائل دعوة غير المسلمين للإسلام، ويُبنى معهم في حالات السلم على البر، والتسامح، والتعامل الحسن، وتأمين مصالحهم الدنيوية، وتمكينهم من المشاركة في خدمة المجتمع، والعمل على تطويره ورفعته، والمحافظة على أمنه واستقراره.
والنوع الثاني تعايش ممنوع، وهو المخالف للكتاب والسنة، ومن مظاهره: الدعوة لما يُسمى بوحدة الأديان، ومبادلة المعتدين الحب والمودة، وأمور أخرى ذكرها أهل العلم، وتشتد حرمتها إذ غلب الجهل وضعف الإيمان على النفوس.
[email protected]
المزيد من مقالات عبدالرحمن سعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.