النائبان التمامي وأبوحجازي يوافقان على خطة التنمية الاقتصادية والاجتما    «إسكان النواب» تُعلن تفاصيل مد التصالح على مخالفات البناء 6 أشهر    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يكشف نتائج تجربة دمج الذرة الرفيعة مع القمح في إنتاج الخبز    وزير الخارجية يشارك في اجتماع عربي - أوروبي لبحث جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حافظ على لقبه ب102 نقطة.. جالاتا سراي يتوج رسميا بالدوري التركي    عاجل.. رومانو يكشف موعد الإعلان عن مدرب برشلونة الجديد    وزير الشباب والرياضة يشهد مراسم توقيع عقد رعاية ل 4 من أبطال مصر لأولمبياد 2024 و2028    تعرف مواعيد برنامج إبراهيم فايق الجديد والقناة الناقلة    نشوب حريق بمنزل في الأقصر    مصطفى كامل يكرم نقيب موسيقيين لبنان    شيماء سيف تحكي عن موقف كوميدي بسبب تعرضها للمعاكسة    أمينة الفتوى: المطلقة تستأذن طليقها قبل السفر للحج في هذه الحالة    ما هو سِنّ الأضحية المقررة شرعًا؟.. الأزهر للفتوى يوضح    نقابة الصيادلة تكشف حقيقة ارتفاع أسعار الدواء    رئيس «الرقابة والاعتماد» يبحث مع محافظ الغربية سبل اعتماد المنشآت الصحية    للحفاظ على سلامتهم.. القومي للتغذية يقدم نصائح للحجاج أثناء أداء مناسك الحج    وزير التعليم عن مواجهة تسريب الامتحانات: «اللي بيصور ويشيّر بيتجاب في 5 دقايق»    مراسل إكسترا نيوز: شاحنات المواد الغذائية المقدمة لغزة مساعدات مصرية خالصة    «كاف» يحسم جدل 3 لقطات تحكيمية مثيرة في مباراة الأهلي والترجي    رئيس مدينة الأقصر يشهد تكريم الأطباء المثاليين    تصل ل9 أيام متتابعة.. موعد إجازة عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    أيهما أفضل الاستثمار في الذهب أم الشهادات؟.. خبير يوضح    الجامعة العربية تشارك في حفل تنصيب رئيس جمهورية القمر المتحدة    هل يجوز الدعاء بالزواج من شخص محدد؟ أمين الفتوى يرد    وزير الخارجية يشدد على ضرورة وقف اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين بالضفة    أفضل طرق التعبير عن حبك للطرف الآخر على حسب برجه الفلكي    تراجع إيرادات فيلم "Kingdom of the Planet of the Apes"    رئيس الوزراء الباكستاني يشيد بقوات الأمن بعد نجاح عملية ضد إرهابيين    وزير التعليم يشهد حلقة نقاشية عن «مشاركة الخبرات»    في ذكرى وفاتها.. تعرف على أعمال فايزة كمال    وزارتا الصحة المصرية والكوبية تناقشان مستجدات التعاون فى تصنيع الأدوية    وحدات السكان بشمال سيناء تعقد ندوات توعوية تحت مظلة مبادرة «تحدث معه»    غرق شاب بشاطئ بورسعيد    عمرو دياب يرصد تطور شكل الموسيقى التي يقدمها في "جديد×جديد"    وزير الأوقاف يلتقي بالأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    عميد الدراسات الأفريقية: "البريكس وأفريقيا" يبحث دور مصر المحوري في التكتل الدولي    دعوة للتمرد على قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي.. ما علاقة نجل نتنياهو؟    أطعمة تحميك من انسداد الشرايين- تناولها بانتظام    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل برنامج المستشار المالي الآلي للاستثمار    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    فرقة مكتبة دمنهور للتراث الشعبي تمثل محافظة البحيرة بمهرجان طبول الدولي    الأحوال المدنية تستخرج بطاقات الرقم القومي للمواطنين بمحل إقامتهم    ترحيل زوج المذيعة المتسبب فى مصرع جاره لأحد السجون بعد تأييد حبسه 6 أشهر    محطات مهمة بواقعة دهس عصام صاصا لعامل بسيارته بعد إحالته للجنايات    اعرف قبل الحج.. الركن الثاني الوقوف بعرفة: متى يبدأ والمستحب فعله    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة    وزير قطاع الأعمال يتابع تنفيذ اشتراطات التصنيع الجيد بشركة القاهرة للأدوية    وداعًا للأخضر.. واتساب يتيح للمستخدمين تغيير لون الشات قريبًا    النائب أيمن محسب: الدفاع عن القضية الفلسطينية جزء من العقيدة المصرية الراسخة    سعر الريال السعودى اليوم الأحد 26-5-2024 أمام الجنيه المصرى    الرئيس الفرنسي يتوجه إلى ألمانيا في زيارة دولة نادرة    مصطفى شوبير: لا توجد مشكلة مع الشناوي.. وكولر حذرنا مما فعلناه ضد الوداد    أول تعليق من مدرب الترجي بعد الخسارة أمام الأهلي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    مروان عطية: هدف رامي ربيعة «ريحنا».. وتفاجأت بنزول ديانج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوامش حرة
في معركة الدستور كلنا خاسرون
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 12 - 2012

انتهت معركة الاستفتاء علي الدستور وتركت خلفها جراحا عميقة في جسد المجتمع المصري بكل طوائفه وفئاته‏..‏ لا يوجد منتصر أو مهزوم في معركة الدستور‏, وقد يبدو ان هناك تيارا حقق ما اراد واقتنص لحظة تاريخية حلم بها يوما ولكن المؤكد ان في النصر مرارة تعادل تماما مرارة الهزيمة..
كان ينبغي ان يكون الدستور الجديد عرسا لكل المصريين امام وفاق اجتماعي متكامل يصنع أساسا لبناء وطن جديد.
كان ينبغي ان نتصافح جميعا ونحن نقرأ مواد دستورنا الجديد بفخر وإعتزاز.
كان ينبغي ان يكون هذا الدستور بداية صفحة جديدة من تاريخ مصر فقد انتظرنا هذا اليوم زمنا طويلا.. ولكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن وكان الانقسام الحاد الذي أصاب المجتمع المصري امام أحداث وتطورات تلاحقت بشدة ابتداء بالحشود التي رفضت الدستور وانتهاء بحشود أخري وافقت عليه..
نحن امام حقيقة مؤكدة حذرنا منها كثيرا ولم يسمع أحد وهي ان قصة الدستور من البداية فتحت كل ابواب الانقسامات بين القوي السياسية في مصر ولم تعد مقصورة علي النخبة التي انقسمت ولكن الأحداث اصابت المصريين جميعا.
لا يهم الآن ان نقرأ الأرقام ومن رفضوا ومن وافقوا وبينهما فريق كبير لم يشارك
ان الحقيقة المؤلمة ان الإنقسام الذي أطاح بالمجتمع المصري كله دخل في مناطق لم تكن يوما مجالا للإختلاف أو الانقسامات.. في هذا الاستفتاء ظهر الانقسام الديني في ابشع صوره حين وجدنا انفسنا امام مصطلحات لم تدخل يوما قاموس الحياة المصرية وهي المؤمنون والكفار وقد جاءت هذه المفردات علي لسان مشايخنا الأجلاء في صورة خطب منبرية,حيث تحولت مساجد مصر إلي ساحات للصراع السياسي وانتقلت بالضرورة امام الصخب الإعلامي المجنون إلي دائرة الفتاوي واستباحت الكذب والتضليل في سبيل الوصول إلي غايات مشبوهة..
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد, شهدت مصر لأول مرة إشعال حرب بالحجارة داخل بيوت الله وجاءت غزوات بين المدن المصرية تشبه غزوتي بدر وأحد وفتح مكة.. وشاهدنا علي شاشات الفضائيات معارك المسلمين والكفار وكأن حمزة رضي الله عنه يحارب ابا لهب.
في الإسكندرية مدينة الفكر والثقافة وواحدة من أقدم وأعرق مراكز الحضارة الإنسانية القديمة والمعاصرة.. كانت حرب المساجد من أسوأ المشاهد في معركة الدستور وفيها استخدم كل فريق أحط الوسائل السلوكية واللفظية ابتداء بالاتهامات وانتهاء بالتكفير.
في تقديري ان معركة الدستور تركت الجسد المصري منهكا ومقسما ومشوها علي كل المستويات وهنا غابت تماما معارك الفكر وخصومات الرأي والجدل حول مواد الدستور لتحل مكانها معارك دينية هي ابعد ما تكون عن ثوابت العقل المصري الرشيد وإيمانه الوسطي المترفع.
في معركة الدستور كما أكدت لا يوجد منتصر ولا مهزوم, فكلنا فيها خاسرون.. ان التيارات الدينية, التي كانت تري في هذه الموقعة الدامية نصرا محتما,لم تحقق الأهداف التي تصورتها, فقد خرجت من المعركة دون ان تحصل علي الأرقام التي حققتها من قبل وهذا يعني ان هناك تغيرا في موقف القوي السياسية وقدراتها التنظيمية في الشارع المصري, لقد تراجع رصيد القوي الإسلامية في الشارع المصري امام متغيرات كثيرة في المواقف والإتجاهات.
علي الجانب الآخر.. فإن المعارضة رغم انها لم تكسب الرهان فإنها حققت إنجازا غير مسبوق حين وقفت ندا للتيارات الدينية وامام ملايين المواطنين الذين يعانون الأمية وملايين أخري لم تشارك في الاستفتاء فإننا امام معادلة جديدة لأننا امام16.7 مليون مواطن شاركوا في الاستفتاء من بين51 مليون مواطن يمثلون القوة التصويتية وهذا يعني ان ثلثي هذه القوة لم يشاركوا في الإستفتاء.. ان الذين شاركوا في الإستفتاء أقل من33% من إجمالي الكتلة البشرية, وهذا يعني ان نصف المجتمع كان خارج هذه المعركة وهذا يعني ايضا اننا كنا امام نسبة قليلة من هذه الكتلة.. ولو اننا اضفنا الملايين التي قالت لا للدستور والملايين التي لم تشارك في الاستفتاء فنحن امام الأغلبية..
لا شك ان استخدام الدين في هذه المعركة اعطي للتيارات الدينية فرصة نادرة امام مجتمع لا يقرأ ولا يكتب ويعاني أمية ثقافية عتيقة ومزمنة.
وتبقي امامنا سلبيات أخري في إدارة عملية الاستفتاء وهي لم تخل من أمراض قديمة تأصلت سنوات في ظل منظومة الحزب الوطني والعهد البائد.. كانت هناك عمليات تلاعب وصلت أحيانا إلي التزوير في بعض اللجان وهذه الظواهر امام النائب العام والجهات القضائية ومؤسسات حقوق الإنسان ونرجو ان تتسم احكامها بالشفافية بما في ذلك استخدام الدين كفزاعة لكل رأي مخالف.
من ابرز إيجابيات هذه المعركة هو الحضور الطاغي للمرأة المصرية التي شاركت بكل إمكانياتها ونرجو من الأجهزة المسئولة ان تحدد لنا الرقم الحقيقي لدور المرأة وهو في تقديري يتجاوز كل الفئات الأخري.. فقد شاركت المرأة في الاستفتاء في كل المحافظات سواء المعارضين أو الموافقون علي الدستور..
في عدد من المحافظات ارتفعت اصوات كثيرة ترفض الدستور ومنها القاهرة والغربية والمنوفية ولا شك ان دور المرأة في هذا الرفض كان واضحا في هذه المحافظات.. علي الجانب الأخر فإن هناك محافظات أخري مثل الفيوم ومطروح والمنيا كانت نسبة تأييد الدستور فيها أعلي المحافظات وهذه المؤشرات تحتاج إلي قراءة صحيحة حيث جاءت القاهرة في مقدمة محافظات الرفض بينما كانت الفيوم أعلي معدلات القبول وهذا يعكس حقيقة مهمة وهي ان التيارات الدينية أكثر تأثيرا في المحافظات الريفية وبعض مناطق الصعيد والمناطق النائية مثل مطروح وسيناء والوادي الجديد.. وقبل هذا كله تبقي المرأة المصرية صاحبة الدور الأكبر في هذا الاستفتاء..
هناك فصيل غاب تماما في هذا الاستفتاء رغم انه من حيث القيمة العددية يعتبر من الفئات المؤثرة ولا أحد يعرف سبب إختفائه وهو مواكب الصوفية.. ان في مصر عشرات الطرق الصوفية التي تضم عدة ملايين من البشر ويبدو انهم انسحبوا تماما من المشهد السياسي بما في ذلك الاستفتاء اما خشية من الصدام مع السلفيين أو الاخوان المسلمين أو عدم الرغبة في الاقتراب من المستنقع السياسي وان كان غيابهم قد ترك أثرا كبيرا علي المشهد العام..
إذا كان تيار الإخوان المسلمين هو الأكبر عددا والأكثر تنظيما فإن تيار السلفيين يضم أكثر من جبهة وأكثر من رمز وايضا أكثر من مدينة.. ولكن الصوفية لها تاريخ طويل في مصر يسبق الإخوان والسلفيين معا من حيث العمر الزمني والمد التاريخي والقوة العددية.
هل كانت الصوفية من القوي الاجتماعية التي لم تشارك ودخلت في زمرة الممتنعين فلا هي رفضت ولا هي وافقت ؟.. هذا سؤال يطرح نفسه علي مستقبل القوي الدينية في مصر في المرحلة المقبلة..
يأتي بعد ذلك دور الشباب المصري امام الانقسام الحاد في الساحة السياسية.. ان شباب مصر هو الذي قام بالثورة وكلنا يعلم ان من يتصارعون اليوم علي جمع الغنائم كانوا شركاء للعهد البائد ولا يستطيع أحد منهم ان يتبرأ من تاريخه أو يتنكر له.. لقد شاركوا في إصدار القوانين سيئة السمعة وجلسوا تحت سقف واحد مع الحزب الوطني المنحل والكثيرون منهم استفادوا وجمعوا الملايين في هذا العهد الفاسد.. وهنا ينبغي ان يراجع الشباب مكانه ومكانته ولا يتحول إلي لعبة في يد المغامرين في مليونيات وحشود يقتل فيها الشباب بعضهم بعضا كما حدث في أكثر من مكان ولعل موقعة الاتحادية كانت شاهدا علي ذلك.. ان المطلوب من الشباب الأن ان يوحدوا كلمتهم وان يجمعوا صفوفهم وليس هناك ما يمنع من ظهور انقسامات داخل التيارات السياسية التي تتصارع علي الغنائم بحيث يخرج الشباب من هذه التكتلات ويقيمون لأنفسهم صرحا سياسيا جديدا يقوم علي احترام المواطنة والمعارضة وثقافة الإختلاف.. ان المستقبل من حق هؤلاء الشباب أما تلك الأجيال التي تتصارع علي الغنائم فهم شموس غاربة.
هنا ايضا يظهر دور المرأة لأنها بحكم الأمومة والتكوين والمشاركة هي الأقرب إلي أجيال جديدة تسعي لبناء هذا الوطن.. وليس من الحكمة ان تترك الأم ابنها يمضي في رحلة صراع غامضة أو معارك مغرضة سواء كان اخوانيا أو سلفيا أو ليبراليا لأنهم جميعا ابناؤنا وحمايتهم فرض علينا.. ينبغي ألا تسمح الأم بأن ينتزع أحد ابنها تحت شعارات كاذبة أو دعاوي مضللة ليعود إليها جسدا هامدا بلا روح.. ان العمل السياسي حق مشروع وحين يلجأ إلي العنف والقتل والوصاية فإنه يتحول إلي إرهاب مرفوض وحين نواجه الفكر بالحجارة ونواجه الرأي بالتكفير فهذه مناطق ينبغي ان نبعد شبابنا عنها وخاصة إذا كانت هناك اياد تدفع بهؤلاء الشباب دفعا إلي مواجهات دموية تحت شعارات' كالشهادة' لأن المسلمان إذا اقتتلا فكلاهما في النار
وتبقي عندي نقطة أخيرة أرجو ان يقوم بها مركز إعداد القرار في مجلس الوزراء وهي ان يقدم لنا قراءة موضوعية لما حدث في معركة الدستور وحجم القوي التصويتية التي شاركت فيها والقوي التي غابت عنها ومنها قوي العمال والصوفية.. وهنا لا بد ان نرصد الأرقام الحقيقية لمشاركة المرأة المصرية فقد كانت من أهم وأخطر المؤشرات في معركة الدستور.
والخلاصة عندي.. لابد للفرقاء ان يجتمعوا علي كلمة سواء إذا كنا نريد لهذا الوطن الأمن والإستقرار والمشاركة
..ويبقي الشعر
يقولون: سافر.. وجرب وحاول
ففوق الرءوس.. تدور المعاول
وفي الأفق غيم.. صراخ.. عويل
وفي الأرض بركان سخط طويل
وفوق الزهور يموت الجمال..
وتحت السفوح.. تئن الجبال
ويخبو مع القهرعزم الرجال
وما زلت تحمل سيفا عتيقا..
تصارع بالحلم.. جيش الضلال
يقولون: سافر.. فمهما عشقت
نهاية عشقك حزن ثقيل
ستغدو عليها زمانا مشاعا
فحلمك بالصبح وهم جميل
فكل السواقي التي أطربتك
تلاشي غناها
وكل الأماني التي أرقتك..
نسيت ضياها
ووجه الحياة القديم البريء
تكسر منك.. مضي.. لن يجيء
يقولون: سافر..
فمهما تمادي بك العمر فيها
وحلقت بالناس بين الأمل
ستصبح يوما نشيدا قديما
ويطويك بالصمت كهف الأجل
زمانك ولي وأصبحت ضيفا
ولن ينجب الزيف.. إلا الدجل..
يقولون سافر.. ولا يعلمون
بأني أموت... وهم يضحكون
فمازلت أسمع عنك الحكايا
وما أسوأ الموت بين الظنون
ويخفيك عني ليل طويل
أخبئ وجهك بين العيون
وتعطين قلبك للعابثين
ويشقي بصدك من يخلصون
ويقصيك عني زمان لقيط
ويهنأ بالوصل... من يخدعون
و أنثر عمري ذرات ضوء
وأسكب دمي.. وهم يسكرون
و أحمل عينيك في كل أرض
وأغرس حلمي.. وهم يسرقون
تساوت لديك دماء الشهيد
وعطر الغواني وكأس المجون
ثلاثون عاما وسبع عجاف
يبيعون فيك.. ولا يخجلون
فلا تتركي الفجر للسارقين
فعار علي النيل ما يفعلون
لأنك مهما تناءيت عني
وهان علي القلب ما لا يهون
و أصبحت فيك المغني القديم
أطوف بلحني.. ولا يسمعون
أموت عليك شهيدا بعشقي
وإن كان عشقي بعض الجنون
فكل البلاد التي أسكرتني
أراها بقلبي.. تراتيل نيل
وكل الجمال الذي زار عيني
وأرق عمري.. ظلال النخيل
وكل الأماني التي راودتني
و أدمت مع اليأس قلبي العليل
رأيتك فيها شبابا حزينا
تسابيح شوق.. لعمر جميل
يقولون سافر..
أموت عليك.. وقبل الرحيل
سأكتب سطرا وحيدا بدمي
أحبك أنت..
زمانا من الحلم.. والمستحيل
[email protected]
المزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.