ولما كانت الأمية تستحق عن جدارة لقب الراعي الرسمي لكافة مشكلاتنا بل وكوارثنا, ولما كانت علامات الأسي تظهر دوما علي وجوهنا, ونحن نري انبعاثاتها السامة تطل علينا من خلال صناديق الانتخابات والتصويت بنعم أو بلا, وكذلك من كون الأميين صيد ثمين لكل دعاة الفتنة والتشدق بالشعارات الكاذبة والوعود البراقة, فقد استحقت منا أن نعطيها المساحة مرة أخري للتناول كي ندق ناقوس الخطر علي زوايا غائبة, أخطرها وهم محو الأمية في بعض القري وأمية المتعلمين التي نعلم يقينا وجودها بيننا, ونغض الطرف عنها ولكننا لانخجل من أن نتساءل في دهشة, عن كيفية وجود جيوش من الخريجين من أنصاف المتعلمين؟! رصدنا هذا الواقع باعتباره الوجه الآخر للمشكلة, أو الأمية المستترة, وكذلك خطورة التسرب من التعليم كما يصفها شيخ التربويين في مصر بأنها أهم روافد الأمية والارتداد إليها بعد التخلص من آفاتها, كما يرصد أوجه الفساد التي تعاني منها المنظومة برمتها, و في النهاية يرسم لنا خارطة الطريق للخروج من النفق المظلم ويظل الأمل معقودا وأن كان الطريق مازال طويلا....... إن مجموع الأميات التي ينوء بها مجتمعنا منذ بداية تاريخه الحديث من أمية القراءة والكتابة إلي الأمية الأسرية والديمقراطية والسياسية والمعرفية والتكنولوجية, جميعها مترتب وصادر عن الأمية القرائية, والتي دعانا المولي سبحانه وتعالي للتخلص منها في أول سورة من قرآنه المجيد( اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم..).