امتلأت ساحة المشهد المحيط بعملية الاستفتاء علي الدستور بصراعات قوية, تقوم علي تنفيذها قوي سياسية مختلفة في المعتقدات والاتجاهات. حاولت التيارات الاسلامية استخدام أدواتها لإقناع المواطنين بأهمية نصوص الدستور ومدي تحقيقها لميزان العدل, وقدرتها علي بناء دولة عصرية ترقي لطموح الثورة. وتصدت جبهة الانقاذ الوطني لمضمون الدستور وأخذت تهيل عليه التراب, وتشكك في صدق النوايا التي صاغته ومحاولة اختطافه ليدفع المواطن ثمن إقراره باهظا. تبادل طرفا الصراع الاتهامات علي خلفية انطلاق مسيرة الاستفتاء دون التوصل الي نقطة اتفاق, اتهامات بالتزوير وأخري بوجود تمويل مشبوه جري توظيفه لتشويه الدستور علي غير هدي من الحقيقة. يمتلك الدكتور محمد البلتاجي, أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة وعضو الجمعية التأسيسية للدستور, حقائق عن واقع المشهد المملوء بمغالطات تدفع بالرأي العام صوب المجهول جراء توظيف أموال ضخمة في وسائل الإعلام لبث اكاذيب وتزييف الحقائق والابتعاد عن الحياد والموضوعية وخلق مناخ التشكيك في كل شيء. في حين رفض الدكتور أحمد البرعي, نائب رئيس حزب الدستور وعضو جبهة الانقاذ الوطني, محاولات فرض الأمر الواقع وتغييب الحقائق واتهامات لاتقوم علي دليل والانحراف بالمجتمع عن مساره والقفز فوق التجربة الديمقراطية.. في هذه المواجهة أبعاد الاتهامات. ارتكبت التيارات المناوئة لمشروع الدستور مخالفات في الدعاية لموقفها؟ سارعت القوي المعارضة لنصوص الدستور بالقفز فوق التجربة الديمقراطية واستباق الأحداث وفرض نتائج بذاتها علي أرض الواقع واتخذت مقعدا في المجتمع لتنوب عن الشعب في اتخاد قرار بشأن محتوي ومضمون المواد وصادرت بموقفها علي إدارة حوار مجتمعي حوله.. كان يتعين عليها أن تترك المواطنين كي يقرأوا جيدا ما استقرت عليه الجمعية التأسيسية ليكون القرار بالموافقة أو الرفض نابعا عن اقتناع كامل وليس نتاج ضغط إعلامي يفتقد إلي المهنية والموضوعية في أسلوب التناول. أين التجربة الديمقراطية التي يتحدثون عنها في وقت يصادرون فيه علي حرية تكوين الأفكار حول نصوص الدستور.. لقد حرضوا الجميع عليه وجري تشويه الأفكار وتحول الموقف بكل أبعاده إلي شعارات زائفة لا تستطيع إقامة دولة راسخة تقوم علي حوار بناء يفتح أفق الحياة أمام الناس.. ما يحدث يكشف عن عمليات تضليل وتشويه وطرح أفكار مسمومة علي الرأي العام بينما حقيقة الأمور تختلف عما يشاع حول نصوص الدستور.. لذلك يتعين علي الجميع القراءة أولا. حملات الترويج المنفذة بمعرفة القوي المعارضة.. هدفها التعتيم علي الجوانب المضيئة للدستور؟ حاولت الوقوف علي جسر الحقيقة للاطلاع علي ما يروج له المعارضون من نقاط ضعف في نصوص الدستور ولم أجد شيئا يمكن التوقف أمامه.. يبدو أن الحديث يأتي تجاه محتوي دستور آخر جري إعداده بمعرفة آخرين.. إن الحوار الذي يدور حول مواد الدستور يفتقد إلي الحياد والموضوعية ويؤكد أن القضية تأخذ بعدا غير الهدف الحقيقي الذي يسعي إليه المجتمع لتحقيق استقراره وبناء تقدمه.. كل مايتم الترويج له يسهم في إشاعة مناخ فقدان الثقة, وهذا من شأنه أن يعمق الانقسام ويزيد حدة الفجوة ويجعل الناس تصدر أحكاما علي النصوص دون معرفة مباشرة وحقيقية. هناك جوانب مضيئة في مشروع الدستور وليس كما يصوره البعض أنه يأخذ المجتمع إلي نفق مظلم.. هذا كلام يتردد علي غير هدي من الحقيقية كفي تشويها لجهود وطنية مخلصة أرهقها التعب من أجل صناعة نصوص ترقي لمصر الثورة.. لابد أن نتوقف عن النهج السائد في إهالة التراب عليه وإنصاف حقيقة محتواه وليس من المنطقي الحديث عن مناطق يعتقدون أنها مظلمة دون المضيئة. الشعب انخدع بما روجت له التيارات المعارضة صوب ما وصف بالنقاط المظلمة في نصوص الدستور؟ بذلت القوي المعارضة كل ما تملك ليشيع مناخ الغموض والالتباس تجاه محتوي ومضمون نصوص الدستور واستخدمت في سبيل ذلك كل ما لديها من إمكانات ولو أنها وظفت كل أدواتها لإدارة حوار حول النصوص المختلف عليها لكان أفضل للمجتمع, واستطعنا الوصول إلي نقطة اتفاق.. هناك جهات كثيرة في المجتمع وشخصيات عامة وقانونية شهدت بعظمة ما جاء فيه, وأتصور أنه كان يتعين علي المعارضين النظر بموضوعية تجاه الآراء المؤيدة.. لكنها أرادت اتخاذ موقف مسبق دون الوضع في الاعتبار مقتضيات المصلحة الوطنية وضرورة الاتفاق. لن ينخدع الشعب بمحاولات التشكيك والتزييف التي تجري بشكل ممنهج صوب محتوي مواد الدستور لأنه يعلم تماما أن ما يثار لا يقف علي بينة من الحقيقة, وأن ما جري عرضه لم يستند إلي واقع أو دليل يقضي بأن النصوص التي خرجت إليه ليستفتي عليها, إنما جاءت من أجل بناء واقع جديد يلبي طموحاته واستقراره وتقدمه. تري في حملات الدعاية المناوئة للدستور ما يكشف عن تدفق لأموال مجهولة المصدر؟ لن نوزع التهم كما يوزعها آخرون, ولكن لدينا أسئلة تحتاج إلي إجابة واضحة حول حجم الإعلانات المدفوعة الأجر في كثير من وسائل الإعلام بأنواعها, بينما الأحزاب تشكو ضعف التمويل وقلة الموارد المالية.. ما الذي يدعو القوي المعارضة للدستور إلي إنفاق هذه الأموال علي حملات إعلانية تقوم علي اختلاق وإشاعة الأكاذيب حول أشياء غير موجودة في الدستور, كنت أود أن تنفق هذه الأموال علي توعية الناس بكل مواد الدستور ولا تقف القوي السياسية لتصطاد في الماء العكر وتصنع مناخا غير حقيقي لدفع المواطنين علي عدم التصويت له. هناك أشياء تحدث ومناخ تسعي إلي استمراره القوي المعارضة للدستور وضخت أموالا ضخمة في وسائل الإعلام لمساعدتها علي تحقيق أغراضها, وهذا يزيد من حدة الفرقة السياسية ويهدد استقرار المجتمع ويحول دون التئام جراحه.. ليس من المقبول توظيف أجهزة الإعلام علي نحو يشوه الحقائق ويرسم صورة غير واقعية للدستور. توجد شواهد تقضي بأن الأموال التي أنفقت علي تشويه الدستور تدفقت من مصادر مشبوهة؟ لن أخوض كثيرا في تفاصيل تدخلنا في صراع آخر وتزيد حدة الجدل الدائر وتفريغ القضية من مضمونها الحقيقي الذي يتعين البحث عنه وإعلانه علي الرأي العام حتي يستطيع كل مواطن الوقوف علي حقيقة ما يجري فيما يتعلق بنصوص الدستور, وليس في مصلحة الجميع إسقاط الدستور وتشويه محتواه علي النحو الذي يحدث الآن.. القضية تحتاج إلي لغة حوار عاقلة واحتكام إلي الشعب الذي يرفض أي وصاية عليه.. الحديث عن الديمقراطية أصبح كلاما تحكمه شعارات جوفاء جراء المحاولات المستمرة للمصادرة علي حقوق الرأي العام في تلمس خطي الحقيقة بنفسه.. الشعب لم يسند إلي جبهة الانقاذ أو غيرها الحديث باسمه. الأموال التي أنفقت علي عمليات الدعاية بأنواعها واضحة لكل من يريد المعرفة, ونحن نضع علامات استفهام حولها ولم نجد لها إجابة شافية.. لكني أستطيع القول بأنها جزء من محاولات تبذل صوب مزيد من الصراع السياسي الذي تجافيه الحقائق ويسكنه اختلاق المواقف. تملك القوي المعارضة للدستور أسبابا مقنعة للتصدي للدستور وانفاقها ببذخ علي تحريف مضمونه؟ تعرضت نصوص الدستور في تقديري لأكبر عملية تزييف وتحريف والغريب أن وسائل الإعلام علي مختلف أشكالها أسهمت في ذلك عن قصد أو غير قصد ليس ذلك بيت القصيد المهم أنها شاركت في الترويج لمفاهيم مغلوطة تتعلق بمحتواه ولم تكلف نفسها عناء البحث عن الحقيقة فيما يبث عبر المعارضين لنصوص الدستور.. الموقف يحتم الوقوف علي الصياغة الحقيقية علي اعتبار أننا بصدد دستور يحمل في ثناياه مستقبل البلاد.. لكنها سعت خلف جمع الأموال التي تنفق ببذخ علي الترويج لمحتوي جري تشويهه عن عمد. وعندما أقول أن حملات الترويج المناهضة للدستور جري الإنفاق عليها بمليارات فاني لا أبالغ في هذا القول.. فمن المعروف أن هذه النوعية من الإعلانات تتكلف مبالغ باهظة لكنها اختارت التضحية بهذه الأموال الضخمة في سبيل تحقيق هدفها وإشاعة مغالطات لدي الرأي العام حول الدستور لإسقاطه والتشكيك في النوايا التي صاغت نصوصه.. هذه أمور جرت علي نحو تحريضي استخدم فيه المال الوفير. القوي المناوئة للدستور تمكنت من استغلال وسائل إعلام بذاتها لتحقيق أهدافها؟ مع الأسف الشديد مضت كثير من وسائل الإعلام علي مختلف أنواعها وتوجهاتها في ركاب المعارضين لمواد الدستور دون الوقوف علي حقيقة النصوص وما أشيع حولها من مغالطات وأبسط القواعد المهنية تتطلب التأكد من المحتوي المعروض واستيضاح الأمر, ولن أشكك في صدق النوايا التي تحرك وسائل الإعلام.. لكن نحن أمام وقائع جرت علي أرض الواقع وتمت المساهمة علي نحو أو آخر في تشويه المحتوي الذي خرج عليه الدستور. القضية برمتها تحتاج إلي معالجة منطقية وتغليب المصلحة الوطنية علي الشواهد التي نراها الآن وتعوق عملية التحول الديمقراطي كل الأعذار المطروحة في هذا الشأن يصعب قبولها لأننا نعيش ظروفا سياسية صعبة تتطلب نوعا من الوعي والفهم لحقائق الأمور وعدم الانسياق خلف شعارات لن نحصد منها غير الخلاف والشقاق السياسي.. إن الدور الذي أدته وسائل الإعلام في تحريف نصوص الدستور لايمكن اعتباره دورا وطنيا علي النحو الذي يروج له المعارضون. الحملة الإعلامية التي قادتها القوي المعارضة تسببت في ازعاج من يؤيدون مشروع الدستور؟ تلك الحملة التي جرت لم تستند إلي دليل من الواقع الذي يدور في فلكه محتوي الدستور وارتكزت علي أكاذيب مختلفة من وحي الخيال ولم تضع في اعتبارها المصلحة الوطنية التي تحتم ادارة حوار جاد وتغليب الحقائق ووضعها أمام الناس ليختاروا مصيرهم.. كل الشواهد تقضي بأن الحملة الإعلامية التي أنفق عليها مليارات الجنيهات لم يكن في ثنايا موقفها ما يدعو لنشر الحقائق وهذا ما كان مصدرا للإزعاج.. كون حجم التضليل الذي صاحبها يفوق الوصف. كم كنت أتمني عرض الحقائق مجردة علي الرأي العام عبر شرح كامل لنصوص الدستور والابتعاد عن إصدار أحكام مسبقة علي أشياء ليس لها أصل في الحقيقة.. من حق كل تيار التعبير عن معتقداته وأفكاره ولكن ذلك يتحتم وضعه في اطار من المهنية والمصداقية.. حتي لايصاب المجتمع بحالة من التشكيك في كل ما يعرض عليه.. لذلك كان لابد من حملة مضادة تعرض الحقائق أمام الناس وتدفعهم نحو المشاركة وقد حققت إقبالا كبيرا علي عمليات التصويت. القوي المعارضة لنصوص الدستور استخدمت وسائل وأدوات أعانتها علي استمالة الرأي العام؟ استخدم المعارضون للدستور القشور وظواهر الأشياء للدفع بالرأي العام إلي اعتناق مواقف من نصوصه دون وعي أو فهم وقد أسفرت الحملات الإعلامية الصاخبة التي جرت لمعارضة الدستور عن زيادة وعي الناس وأوجدت بداخلهم رغبة جامحة للتعرف علي حقائق الأمور ولولا ذلك ما كان مشهد الحضور الطاغي للمواطنين أمام لجان الاستفتاء.. وعي الناس أصبح متقدا وكلما زاد الصخب السياسي من حوله كلما اشتد وعيه وروافد معرفته. الرأي العام لم يعد يقبل بالأمور المجردة وإنما يبحث خلف المواقف حتي يستقر يقينه وأتصور أنه لن يتعاطف إلا مع ما يحقق له الاستقرار ويساعد علي بناء واقع جديد للمجتمع.. فمعاناته تقف حائلا دون السير في ركاب الشعارات الجوفاء.. الرأي العام يسعي إلي الاهتداء بالحقائق فيما يتعلق بنصوص الدستور وما طرحه المعارضون لايمت للحقيقة ولو طرحوا أمام الناس المواد الخلافية في حوار حقيقي.. فلن يجدوا من يقف معهم علي ذات الطريق ويؤمن بما يعتنقونه. يؤمن المعارضون بوجود انتهاكات وقعت صوب حث المواطنين علي قبول الدستور تستوجب تطبيق القانون؟ ساحة القضاء رحبة تتسع الجميع, وكل من لديه رصيد يحتوي علي أشياء تشكل انتهاكا عليه وضعها أمام الجهات التي يناط بها المسئولية.. ليس من مصلحة أحد إفساد التجربة الديمقراطية وإشاعة أمور لاتستند إلي حقيقة دامغة.. كل ما يقال في هذا الشأن كلام مرسل لايقبله عقل أو منطق إن التشكيك في النتائج المعلنة عن الاستفتاء ينطوي علي خطر كبير يحول دون تجاوز عقبات المرحلة المحملة بصراعات قاسية. اذا كانت التيارات المعارضة لمشروع الدستور تسعي من خلال موقفها لتأكيد نزاهة الاستفتاء فإن القوي الإسلامية تبذل ما في وسعها لإنجاح مسيرة التجربة الديمقراطية. وأتصور أن الحرص علي توافر ضمانات نزاهته أكبر دليل علي صدق النيات في ظل إجرائه تحت إشراف قضائي كامل وعلي مسمع ومرأي من الرأي العام.. الأمور تسير في النور والتقليل من شأن الجهود المبذولة يبخس المجتمع حقه في حياة ديمقراطية نزيهة. د. أحمد البرعي نائب رئيس حزب الدستور وعضو جبهة الإنقاذ: كشفنا المغالطات أمام المجتمع.. ونراهن علي وعي المواطن وقعت تجاوزات في الدعاية للمطالبة بالموافقة علي نصوص الدستور ؟ وقع الشارع فريسة لضغوط نفسية صعبة وقف وراء شيوعها التيارات الاسلامية ومارست سلوكيات ليس لها أدني علاقة بالتجربة الديمقراطية التي نود للوطن الدخول في رحابها وكانت لها نتائج خطيرة لابد من الالتفات إليها ووضعها في الاعتبار حتي يتسني لنا الوقوف علي أبعاد ما تحقق علي أرض الواقع وما إذا كان ذلك يصب في سبيل المصلحة الوطنية أم يزيد من حدة التناحر السياسي وضرب التجربة الديمقراطية في مقتل والاطاحة بحقوق الأفراد في الحصول علي الحقائق كاملة. لابد ان نضع علامة استفهام كبيرة تجاه ما حدث علي أرض الواقع باستغلال الدين وتوظيفه علي نحو خاطيء لكل القيم والأعراف المجتمعية الراسخة وجعله أداة تأثير علي المواطنين كي يرضخوا للموافقة علي نصوص الدستور وإشاعة أمور علي غير هدي من الحقيقة تصب في هذا الاتجاه.. ان حالة العنف التي سيطرت علي الشارع في كثير من الأوقات التي صاحبت عمليات الاستفتاء تكشف الجوانب السيئة والتي جري استغلال الدين فيها وكذلك وضع المساجد في مواجهة مع الناس وإدخالها طرفا في صراعات سياسية غير مقبولة. الدعاية التي قام علي تنفيذها تيارات إسلامية جاءت بهدف التغطية علي مساوئ الدستور ؟ صنعت التيارات الاسلامية نصوص الدستور وصاغتها علي نحو تراه مناسبا لتحقيق مانصبو إليه وحاولت الترويج له بصورة مغايرة للواقع الذي بدا عليه.. لو كانت تلك التيارات تملك جسور الثقة ما سعت جاهدة الي استخدام جميع وسائل الدعاية للترويج له في وقت تعرف فيه تماما أنه لا يلبي طموحات شعب عاش في كنف نظام طغي وتجبر ولم يكن يؤمن بقيمة وحقوق الأفراد ورسخ لنواياه السيئة وتصدي بإغلاق نوافذ النور أمام المجتمع واطلاق الحريات. لن تسمح التيارات المدنية باختطاف الدستور والعودة الي قواعد ارساها النظام السابق, مجتمع الثورة يبغي من وراء سعيه صناعة دستور يؤسس لدولة ديمقراطية مدنية تقوم علي المشاركة المجتمعية وتحول دون انفراد فصيل سياسي وحيد بالسلطة, والدستور المستفتي عليه يقضي علي ذلك, وكان من الطبيعي الاستعانة بدعاية تصنع من نصوصه صورة مغايرة للحقيقة وتغطي علي مساوئه وتستر عيوبه لتمر الأمور دون اعتراض عليه وأتصور ان آلة الدعاية المستخدمة لم تحقق الهدف علي نطاق واسع. الرأي العام انطلي عليه ما روجت له التيارات الاسلامية تجاه النقاط المضيئة في مواد الدستور ؟ لم يعد تنطلي علي الرأي العام الأكاذيب التي يروج لها التيارات الاسلامية فيما يتعلق بنصوص الدستور, فليست هناك جوانب مضيئة تبعث علي الأمل وتفتح نوافذ المستقبل الموصدة أمام المجتمع.. الرأي العام أصبح يملك الحجة والبرهان علي ما يعرض عليه ويدلي برأيه عن وعي وفهم لحقائق الأمور ولن يصدق إلا ما فيه الخير للحياة, ومواد الدستور التي خرجت يؤمن عن يقين بأنها جاءت لتحقيق اهداف فصيل سياسي بذاته بدليل وجود هيئات مجتمعية كثيرة تناهضه وترفض الاعتراف به. تسعي التيارات الاسلامية الي استخدام جميع وسائل الدعاية لخداع الرأي العام وتحرير الدستور بكل ما فيه من ثقوب واضحة في وقت يحدوها الأمل أن الثقافات لم تتغير وان الناس مازالوا يعيشون في ظل سياسات النظام السابق ومن الممكن القبول بما يتم الترويج له.. الرأي العام يقظ وتراوده الشكوك جراء الاستعجال علي اقرار الدستور في ظل حالة من الصراع السياسي والرفض المجتمعي له وتساءل: من الداعي للعجلة من الأمر؟.. أليس الانتظار الي لحظة توافق يضمن تماسك بنيان المجتمع؟ وقف خلف حملات الترويج التي قامت بها القوي المعارضة للدستور تمويل مشبوه ؟ دأبت التيارات الاسلامية علي انتهاج العمل السري وتعرف أدواته وأساليبه جيدا ولم تكن يوما تؤدي دورها علي النحو الذي يسمح به القانون ويتفق مع قيم وتقاليد المجتمع وعندما يتحدث اعضاؤها عن تلقي أموال من جهات للترويج المناهض للدستور واشاعة الفوضي.. فإني أستطيع القول إن ذلك ليس منهجا تسير فوق دربه جبهة الانقاذ الوطني.. فأعضاؤها من الأحزاب والشخصيات العامة لديهم ما يسهمون به ماليا من أجل الدفاع عن قيم ومعتقدات راسخة يؤمنون بها ولديهم استعداد لسداد مايتطلب ذلك. ليس لدي الجبهة أموال سرية تأتي من مصادر مشبوهة حتي يخرج أعضاء التيارات الاسلامية في الجمعية حتي التأسيسية للدستور ليوزعوا الاتهامات في كل صوب وحدب لا لشيء أو دليل يقومون علي بينة منه وإنما لمجرد الخلاف معهم في الرأي حول نصوص الدستور ولو كان لديهم أدلة علي صدق مايقولون عنه.. الأجهزة المعنية بالأمر موجودة ويتعين عليهم التقدم إليها بما لديهم من أدلة ليعرف الناس الحقائق. التيارات الاسلامية لديها شواهد تقضي بأن الأموال التي انفقت علي مناهضة الدستور جاءت من مصادر مشبوهة ؟ جميع الأموال التي انفقت علي حملات التوعية مثبتة في الأوراق ومصادرها معلومة ومن يريد الاطلاع عليها يستطيع الوصول إليها دون عناء.. علي عكس مصادر تمويل هذه التيارات التي ينطوي تمويلها علي قنوات سرية لم يستطع أحد ولا حتي الأجهزة الوقوف عليها والتعرف علي حقيقتها.. ليس لدي جبهة الانقاذ الوطني ما تخفيه عن الرأي العام وتخشي اطلاعه عليه, فنحن لدينا استعداد ان نعلن المصادر التي تبرعت بهذه الأموال في سبيل اعلان التيارات الاسلامية عن مصادرها التي أغدقت عليها من أجل اجراء عمليات غسيل لعقول المجتمع لإخفاء العيوب القاتلة في مواد الدستور. التيارات الاسلامية كانت تتوقع تأييدا كاسحا لنصوص الدستور.. لكن الشعب الواعي خذلها ولم تنطل عليه حملات التجميل التي جرت له وأصر علي الفهم والامساك بخيوط الحقيقة وأتحدي ان كان من بينهم أشخاص تستطيع الاعلان عن الأدلة أو الشواهد.. التشكيك في مصادر التمويل تحركه نوازع إثارة الرأي العام ودفعه نحو تغيير مواقفه الرافضة. يوجد ما يحرك القوي السياسية المناوئة للدستور ويجعلها تنفق ببذخ علي تشويه محتواه؟ كل ما يدفع جبهة الانقاذ الوطني للتحرك صوب الكارثة التي يخلفها إقرار الدستور الإيمان بضرورة وجود نصوص تلبي تطلعات المجتمع بكل أطيافه وتبدد الهواجس الساكنة في قلوب كثير من الهيئات والمؤسسات القائمة. ليس لدينا غاية في هذا الشأن غير الوصول الي نقطة اتفاق علي المواد التي يتعين إيجادها في الدستور. لم نكن نريد فرض وجهة نظر واحدة وإنما سعينا إلي إيجاد واقع مختلف.. هذا الواقع لن نتنازل عنه وسنظل ندافع في هذا الاتجاه لتعود الأمور الي نصابها الطبيعي. عملية الانفاق التي جرت علي حملات التوعية ليست بالمليارات كما يقال عنها فقد انفق عليها مبالغ متواضعة تبرع بها اعضاء التحالف وبعض الشخصيات العامة المؤمنة بحجم الخطر الذي يترتب علي اقرار نصوص الدستور في ضوء المضمون المقترح.. التيارات الاسلامية تحاول ان تشكك في أي شيء وكل شيء يخالف معتقداتها وهواها وتستخدم في سبيل ذلك أدوات لم تعد تملك بها إقناع الرأي العام. هناك دور وطني في تبصير المجتمع بحقائق الأمور ووضعه أمام مسئوليته وعليه الاختيار. جري استخدام وسائل إعلام بذاتها علي نحو يخدم مصالح القوي المعارضة لمشروع الدستور؟ نراهن دائما علي وعي الشعب وحسن بصيرته للامور وتعامله مع المواقف وفق أسس وقواعد منطقية بينما يراهن الآخرون علي أطنان الأرز والزيت وتقديمها إلي البسطاء لاقناعهم بوجهة نظرهم ودفعهم تجاه اعتناق الصورة الوردية التي يحاولون الترويج لها عبر دعاية رخيصة وإذا كانوا يتساءلون عن مصادر تمويل حملة التوعية بمساوئ الدستور فإن عليهم في المقابل الكشف عن مصادر الأموال التي تضخ من أجل شراء أطنان الأرز والزيت. كل الأموال التي انفقت في هذا الشأن واضحة تسجلها الأوراق وليس فيها أدني شبهة. وسائل الاعلام التي تصدت لنصوص الدستور المقترحة لديها إيمان ويقين بأنها تؤدي دورا وطنيا في تبصير الرأي العام بحقائق الأمور وليس من المنطق وهي تعلم حجم الخطر علي المجتمع أن تقف مكتوفة الأيدي ولا تتحرك من أجل التعامل مع ما يروج له تيارات سياسية اسلامية علي غير هدي من الحقيقة. كان يتعين عليها اتخاذ موقف حاسم واتهامها بعدم المهنية والمصداقية يجافي الحقيقة. تعتقد في الحملة الإعلامية التي قادتها جبهة الأنقاذ الوطني بأنها أحدثت هزة عنيفة لدي القوي المؤيدة لمشروع الدستور؟ كان من الصعب التزام الصمت تجاه ما يحدث في نصوص الدستور والابتعاد عن إيجاد أدوات فعالة تسعي الي نشر الوعي بين المواطنين بالألغام المزروعة فيه وما يمكن حصاده إذا ما جري إقراره حملة التوعية التي وضعت للتعامل مع الموقف جاءت منظمة وتقوم علي أساس علمي يوضح الحقائق كاملة دون أدني مواربة ويكشف للرأي العام المحتوي والمضمون ويبسط المعاني, حتي تصبح الصورة مكتملة وللمواطن الحق في الاقتناع بما يتم عرضه. وبرغم وجود حملات ترويج مضادة لما نقوم به أقدمت علي صياغتها التيارات الاسلامية فإنها لم تستطع أحداث تغيير جذري في معتقدات المواطنين وأتصور أن حملة التوعية التي جرت بمعرفة جبهة الانقاذ الوطني أحدثت هزة عنيفة لدي تلك التيارات وافقدتها القدرة علي التوازن والاستمرار في نهج نشر الأكاذيب حول محتوي نصوص مشروع الدستور, ويكفي الحضور الطاغي الذي وقف في طابور طويل دفاعا عن المستقبل وابداء رأيه. الوضع لن يحتمل الصمت والواقع فرض التحرك علي هذا النحو تجاه نشر الوعي بين المواطنين. القوي المؤيدة للدستور استعانت بوسائل دفعتها لاكتساب تعاطف الرأي العام؟ كان هناك هدف أصيل سعت إلي تحقيقه التيارات الاسلامية من الحشد الجماهيري للموافقة علي مشروع الدستور واتخذت في سبيل ذلك العديد من الوسائل التي تصورت أنها تعينها علي بلوغ ما تسعي إليه. هكذا ظنت ولكن الواقع المصري الذي بات يعيش فيه المجتمع اختلف تماما واكتسب الناس الوعي المطلوب بحقائق الأمور ولم يعد في مقدور فصيل سياسي الدفع بالمواطن صوب اعتناق قضايا لا يؤمن بها.. لذلك جاء هذا الحشد الكبير من المواطنين الذين تدفقوا علي صناديق الاستفتاء للدفاع عن حقوقهم. تصورت تلك التيارات أنها تملك وحدها الأدوات التي تجعلها قادرة علي إقناع المواطنين بأن الموافقة علي مشروع الدستور طوق النجاة للأوضاع المتردية في المجتمع ولكن من الطبيعي في ظل الحشد الذي يقوم علي توظيف الدين في أمور تكشف عن أكاذيب وادعاءات الاستعانة بوسائل توعية في المقابل ونتج عنها استجابة واسعة من قطاعات مختلفة في المجتمع كونها وجدت فيما شرحناه حقائق راسخة. ما ارتكبه اعضاء التيارات الإسلامية من انتهاكات تجاه دفع المواطنين للموافقة علي الدستور يمكن علي أثره إعمال القانون؟ اتخذت التيارات المؤيدة لمشروع الدستور وسائل تعينها علي اقناع الناس بما احتوته نصوصه ولم تكن تدري ان تلك الوسائل فيها ما يكشف عن مخالفة صارخة للقانون ويحتم الوضع القائم علي أثرها اتخاذ ما يلزم نحو حماية الإرادة الشعبية وتحقيق المصلحة الوطنية. هناك أشكال عديدة للمخالفات التي ارتكبت وتم رصدها وتوثيقها ولن نفرط في إعمال القانون وتطبيقه تجاه من قاموا بارتكابها وكلها وقائع تدفع للابتعاد عن تجربة ديمقراطية حقيقية وتعدينا إلي زمن لم يعد يقبل الناس فيه الحياة وإرادتهم مسلوبة. ما حدث من انتهاكات وقعت خلال الأيام الماضية اتخذت بشأنه الإجراءات القانونية الكفيلة بوضع الأمور في نصابها الحقيقي وسيكون للقضاء كلمة مؤثرة تجاه ما حدث.. ليس من المقبول الصمت علي وقائع كثيرة شابت عملية الاستفتاء في المرحلة الأولي وأيضا نشر أكاذيب حول نصوص الدستور وتشويه الموقف الوطني الذي اتخذته جبهة الانقاذ في سبيل الحفاظ علي حقوق المصريين بجميع طوائفهم.