لا أظن أن مصر تحتاج في هذه اللحظات الحرجة إلي شيء قدر احتياجها إلي مصالحة وطنية حقيقية تساعد علي تقريب المسافات وتقليل التناقضات بين مختلف القوي والتيارات السياسية والمجتمعية علي أرضية من صدق الرغبة في التصالح مع النفس. أقول ذلك عن قناعة بأنه ليس هناك ما يهدد مسيرة أي أمة سوي ابتعادها عن' المصالحة مع النفس' وإلقاء تبعة الصراعات الذاتية التي تمزقها والمخاطر التي تهددها علي قوي خفية مع أن الأزمة في جوهرها- تكون في الغالب- أزمة صراعات مكتومة في الداخل... وهذه الصراعات المكتومة هي التي تعطل قدرة الرؤية السليمة للقضايا والأحداث وتدفع الوطن صوب اتجاهات مكلفة وربما غير مجدية. والحقيقة أن الحديث عن المصالحة مع النفس ليس نوعا من الرومانسية السياسية كما يعتقد البعض وإنما هو قراءة موضوعية لدروس التاريخ وتجارب الأمم... وكل هذه الدروس والتجارب تؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك أن نقطة البداية الحقيقية نحو الانطلاق والتقدم ترتكز علي قدرة الشعب والدولة باتجاه بلوغ مرحلة المصالحة مع النفس... وهي مرحلة لا تتحقق بالإكراه وإنما تنشأ بالتراضي والاقتناع! وعلينا أن ندرك أن الأمة التي تتمكن من التصالح مع نفسها هي الأمة التي تتوافر فيها كل ضمانات الحرية وتحترم فيها حقوق الإنسان التي كفلتها الأديان والشرائع السماوية وينظر إلي آدمية الإنسان علي أنها مقدسات لا يجوز الجور عليها. والأمة التي تتمكن من التصالح مع نفسها هي الأمة التي تتكافأ فيها الحقوق مع الواجبات ويسبق فيها الإحساس بالواجب والمسئولية علي أية مطالب واستحقاقات في ظل شعور صادق بأن العائد والمردود سوف يعم بفضائله وخيراته علي الجميع دون استثناء. وغدا نواصل الحديث
خير الكلام: مهما كسبت من' العداوة' فأنت خاسر... ومهما أنفقت علي' الصداقة' فأنت الكاسب! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله