منذ أكثر من خمسين عاما وأنا أقرأ ومعي الكثيرون تصريحات عنترية عن إنهاء الأمية بمصر خلال خمس سنوات, واستمرت تلك التصريحات إلي أن جاء الدستور الجديد, أو مشروعه, ليؤكد ذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني, وأقول بكل الصدق: لو حسنت نيات المسئول السياسي, أو صدقت الإرادة العليا لتحقق ذلك الهدف, لكن سنظل دون ذلك نكرر ونكرر أن مصر ستنتهي من الأمية خلال سنوات قليلة.. لمدة طويلة من الزمان. وسؤالي للسادة المسئولين: هل لدينا قاعدة بيانات صادقة وحقيقية عن أعداد الأميين وأماكنهم ودرجة أميتهم؟! لا أظن.. لذلك علينا أن نبدأ بإعداد تلك القاعدة حتي نتصرف عن بينة أولا! لقد علمت أن لدينا إدارة بكل منطقة تعليمية لتعليم الكبار, أي محو أميتهم, فهل حققت الغرض ومحت بالفعل أمية الكبار أو الصغار, أو حتي الوسط؟! إذن الجدية هي الحل وليس غيرها, فالقوات المسلحة تمحو أمية المجندين, وأعتقد أن الداخلية تفعل ذلك أيضا, لكن فلنطرح جميعا حلولا جديدة قابلة للتطبيق ربما تفيد صانع السياسة الجديدة في تحقيق الهدف, ومنها: حين تقوم الدولة بتوفير فرص عمل للشباب, فيمكن قبل تسلمه العمل محو أمية عدد لا يزيد علي عشرة مثلا من الجيران, أو ممن تحددهم له الدولة, مادامت لدينا قاعدة بيانات, ويطبق ذلك أيضا علي القطاع الخاص, وممن يطلبون أراضي من الدولة لاستصلاحها, الجمعيات الأهلية, والنوادي, ومراكز الشباب, والمصانع, والشركات.. وغيرها, وأن تلزم كل من يطلب ميزة بأن يكون محو الأمية هدفا له بالنسبة لمن يعمل لديه أو الغير. لقد تقدم العالم الأول ومعظم العالم الثاني, بل والثالث, وحققوا هدفا عزيزا هو محو الأمية الإلكترونية, أو الكمبيوترية, ونحن مازلنا بعد كل تلك السنوات نتحدث عن الأمية الورقية, أو القراءة والكتابة, ولم يخجل المسئولون عن إطلاق التصريحات النارية التي لم ولن تتحقق مادمنا لم نغير من أنفسنا, ولسنا صادقين في أفعالنا. وليتذكر الجميع دائما أن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم. المزيد من أعمدة سعيد حلوي