يقر مقدم هذه النصوص المجموعة لأهم المفكرين العرب في عصر النهضة حقيقة ماثلة... وهيان الليبرالية في المنطقة العربية تعاني من سوء السمعة وتلاحقها اتهامات كثيرة مثلما لا يفوته ان قدرا كبير ا من السياسات الدولية الحقت في اكثر من مناسبة الضرر بمفاهيم الديموقراطية والليبرالية وكانت سببا في سوء السمعة. اذ سلكت هذة السياسات سلوكا عزز المعايير المزدوجة كما يبدو جليا في غزو العراق والقضية الفلسطينية.. وعلي صعيد مصر لا يزال العديد من المصريين يلقون اللوم علي اصلاح السوق الذي لاحقه الفساد وتفشي المحسوبية... ولكن د.رونالد ميناردوس المدير الاقليمي لمؤسسة فردريش ناومان يبدو في مقدمتة التي كتبها لكتاب الليبرالية في الفكر العربي مثل غيرة من الليبراليين الذين يرون ان المصريين لا يرغبون في استيعاب ان الفشل كان ناتجا عن الافتقار الي سيادة القانون والمحاسبة والمساءلة.. الليبرالية ممكنه في العالم الإسلامي وفي قفزة ذكية منة للرد علي ما يلاحق الليبرالية ويمسك بطرف ثوبها المشتعل بالنار لجأ د.رونالد الي حيلة وفرت عليه تقديم المبررات والدخول في جدل نظري حكمت عليه التجربة والمعايشة فلجأ الي اعادة اصدار نصوص قيمة ومؤثرة في محاولة لاسترجاع الجذور الفكرية في المنطقة لمفاهيم الليبرالية التي كانت شائعة بين المفكرين السياسين العرب منذ اكثر من مائة سنة واكثر ما يثير الحزن عند حين مراجعة هذة النصوص في ان ما كان مثارا قبل اكثر من مائة سنة في صحف في مصر ولبنان لا تختلف جذريا عن دعوات الميادين العربية عام2011 عموما أخذد.رونالد ما جمعة مستعرب الماني كرس حياتة لدراسة الفلسفة السياسية العربية يدعي كليمنز ريكر اختار نصوصا ذات صلة بمفاهيم:حرية الفرد والديمقراطية ومكانة الاسلام في المجتمع ودور الدين في السياسة وسيادة القانون وتحرير المراة وكلها موضوعات تناولها رواد في القرن التاسع عشر وبدايات العشرين علي يد احمد لطفي السيد والطهطاوي وعبد الرحمن الكواكبي وسلامة موسي وعلي عبد الرازق وفرح انطون وطة حسين وقاسم امين.. كليمنز يري ان اعادة اصدار هذه النصوص يجيء في ظرف تغير فية العالم العربي حيث سقطت نظم سياسية توقعنا ان تكون ثابتة ومستقرة فهل تغير شيء ؟؟ وهل ميدان التحرير هو ميدان الأحرار والليبراليين؟؟؟ ام حلت محلهم تيارات أخري ؟؟ و ينطلق من دون أن يقدم اجابة غير انه يقر بأن الليبرالية راسخة في تارخ وتراث العالم العربيمعتبرا نشر هذا النصوص محاولة لاحياء التراث الليبرالي العربي العظيم.. ورد الاعتبار لمفكرين عرب لليراليين نادو بالافكار الليبرالية.. لاساسية مثل الحرية من الظلم والاستبداد.. والحرية للتعبير عن الافكار.. والحرية في ان نشارك في دولة ديمقراطية.. ويضيف كليمنز انه من خلال هذة النصوص سنجد ان الليبرالية ليست كما يروج البعض.. ضد الدين او تطالب باللادينية فالعكس هو الصحيح. اذ تريد الليبرالية أن تحمي الاديان من النزاعات السياسية اليومية.. والدين سيان..كما اقر ذلك الامام محمد عبدة منذ عشرات السنين. وفي اول فصول الكتاب حيث باب الحرية يلجأ الي اختيار نصوص تشتبك مباشرة بالنصوص القديمة حيث تقر الليبرالية علي أن كل الحريات وحقوق الانسان متساوية للناس جميعا ودليل ذالك مساوة الجميع امام القانون فلا تعرف الليبرالية اي امتيازات للناس ولا بفضل انسان علي اخر وهي بذلك لا تهدف الي عزل الفرد عن مجتمعة ولكنها تؤكد سيادة الفرد علي امره ومصيرة في ذات الوقت يتحمل مسؤلية تصرفاتة.. ولذا تعمل الليبراية علي ان تجعل الانسان قادرا علي الاسال بالحرية الحرية والمسؤلية في أن تشير النصوص الي مفارقات ثابتة وهي ان التاريخ المصري عرف صراعات عديدة من اجل الحرية فقد قاوم الليبرالبيون المصريون حكم الخديو من جهة والاحتلال الانجليزي من جهة اخري وكان طلب الحرية علي مستويين هو مقاومة الاستبداد من الداخل... ليس مهما من هو الحاكم ومقاومة استبداد الخارج حيث انتقد الليبراليون الاحتلال الانجليزي لأنه مستبد اكثر من انتقادهم له بوصفه اجنبيا... وفي الباب ذاتة يورد الكتاب نصا لاحمد لطفي السيد الاب الروحي لليبرالية المصرية نشرتة الجريدة1913 عن الحرية الشخصية الا نفرط كثيرا في التعدي علي حريتنا بالاكثار من القوانين الا في حدود الضرورة.. وان تعاوننا نحن الافراد علي ان نستكمل حظنا من القوة العملية, بالكف عن المداخلة في الشؤن الي من شانها ان تترك الافراد, مهما كان اثر المداخلة مفيدا لمصالحهم, لانه لا مصلحة للفرد تعدل مصلحتة من القوة والاستعداد للمزاحمة للحياة... كما نشر نصا لسلامة موسي من كتابة حرية الفكر وابطالها في التاريخ نشر1927 تحت عنوان تحرير الحرية الفكرية وفيه يقول: وانما استقر المفكرون علي ضرورة الحرية الفكرية وعلي ضرورة التسامح في ما يحدث منها من الاضرار ما دامت هذه الاضرار غير فادحة لانه ثبت ان هناك اراء منع الناس من القول بها غير صحيحة وكان المانعون انفسهم هم المخطئين لان السلطة التي تمنع الناس من البحث في رأي ما مؤلفة من اشخاص معرضين للخطا ليس احد منهم معصوم منة بعد مناقشة الحريات انطلقت الي نقيض الحرية وهو الاستبداد حيث قدمت للكواكبي نصا عنوانة ما هو الاستبدادمن كتابة الشهير طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد التي نقتطع منها.. واشد مراتب الاستبداد التي نعوذ بها من الشيطان هي حكومة الفرد المطلق, الوارث للعرش, القائد للجيش, الحائز علي سلطة دينية.....وتخدمه هنا احدي الوسيلتين العظيمتين, جهالة الامة و الجنود المنظمة, وهما اكبر مصائب الامم واهم معائب الانسانية... ومنه الي مقال اخر حول سبل رفع الاستبداد وهو يقصره علي ثلاث نقاط اولها.. ان الامة التي لا يشعر اكثرها بآلام الاستبداد لا يستحق الحرية, والثانية أن الاستبداد لا يقاوم بالشدة انما يقاوم باللين, والثالثة انه يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد.. ما ينبغي ذكره هنا ان الكواكبي جاء من قطر عربي يقع تحت سيطرة الدولة العثمانية التي عطلت دستورها وعاش مواطنوها في استبداد السلطان عبد الحميد وانتقد الكواكبي استسلام الناس امام السلطة المطلقة.. اما اهم الابواب واكثر النصوص وحسما لقضايا معاصرة هو باب اقتصاد السوق... الذي يقع في قلب النظرية الليبرالية ويعتبر مبدأها الاساسي حق الانسان في الملكية الخاصة, وكما تؤكد الليبرالية علي حق الفرد في حريات طبيعية مثل حرية الدين او المذهب السياسي فهي ايضا دعت الي سيادة الفرد ومشروعيتة علي حياتة وتصرفاته, ولا يمكن للانسان ان يحصل عليها الا بحريتة الاقتصادية,.. وبطبيعة الحال لا توجد حرية اقتصادية بلا نظام قانوني ثابت وشفاف يؤمن التصرف وفق الاصول المتعارف عليها... في الليبرالية تختلف واجبات الدولة وحجمها ولكنها تتفق علي ان الدولة موجودة لكي تخدم الناس وليس العكس.. البعض يفضل دولة محددة المسؤليات مثل الامن الداخلي والخارجي.. والبعض الآخر يتسع مفهوم الدولة لديه ليضم نظامي الصحة والتعليم ايضا.. تستعرض النصوص ما قاله هنا منذ زمن احمدلطفي السيد الذي يقول في نص عنوانة الحرية ومذاهب الفكر.... ان الدولة يجب الا تكون ناشطا اقتصاديا مباشرة لان عملياتها علي حساب الافراد.. في كل الاحوال دعا الليبراليون العرب لفترة طويلة الي الحرية الاقتصادية تجاه حكامهم المستبدين.. هكذا يري جامع النصوص الذي ينطلق بعد ذلك الي اكثر الابواب مشاغبة وجدلا وهو العلمانية وبمعني اخر العلاقة بين الدين والدولة حيث يري جامع النصوص انها من اعمق المناظرات في العالم العربي وهو يرصد مذاهب الليبرالية في هذا الاتجاة مابين مذهب اول ليبرالي معتدل متفائل واخر متشدد متشائم ولعل اهم ممثلي التيار الاول محمد عبده وعلي عبد الرازق لشدة ايمانها بان الاسلام قابل للتجديد ويمكنه أن يصبح متطابقا مع الدولة العلمانية حيث يناقش هؤلاء المفكرون مسالة العلمانية من داخل العقيدة الاسلامية اما المذهب الثاني المتشدد والذي يشكك في دور الدين في السياسة علي الاطلاق تحت عنوان الدين مسئول عن الآخرة والدولة عن الدنيا وانصار هذا التيار فرح انطون حيث يورد لة نصا تحت عنوان الفصل بين السلطتين المدنية والدينية من كتابة اضواء علي التعصب1902 الذي يري ان تدخل الدين في السياسة يفسد الدين لانه يدخل ميدان التسويات اليومية.. ويضيف ان البناء علي الوحدة الدينية بين البلدان كالبناء علي الهباء فما اسقط دولة بني عباس بعد عزها ومجدها انما هو عجزها عن حفظ وحدتها بالدين وعدم مقدرتها علي الالتجاء الي وحدة اخري تحفظ بها نفسها بالغم من كل ما صنعه الخليفة العظيم المامون في هذا السبيل وبسقوط دولة بني عباس انتهي مجد العرب ويختصر انطون رؤيته قائلا لا مدنية حقيقية ولا تساهل ولا عدل ولا مساواة ولا امن ولا الفة ولا حرية ولا علم ولا فلسفة ولا تقدم في الداخل الا بفضل السلطة الدينية ولا سلامة للدول ولا عز ولا تقدم في الخارج الا بفصل السلطة الدينية عن السلطة المدنية.. في كلا المذهبين يبدو الليبراليون حريصون علي حماية الدين من تحديات اساسية تواجهه وليسوا عداء معه. وفي باب الديمقراطية تحسم الكتابات الليبرالية العديد من القضايا الجدلية.. وتنتهي كلها الي حقيقة واحدة تقول انه من الصعب تطبيق الديمقراطية في هيكل ديني لان الديمقراطية نفسها هيكل وهي حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب الذي لا يعرف سيادة أعلي من سيادة الشعب ورغم كل محاولات الاصلاحين العرب الذين يرون ان الديمقراطية متجسدة في اصول الاسلام بمفاهيم الشوري والاجماع, الا ان الصدام لايزال قائما حيث تتعارض هذة السيادة مع واقع يتكررفي سيادة الحاكم المطلق والسيادة الالهية.. وهنا ينشر الكتاب محاضرة مجهولة لطة حسين ضمن سلسة محاضرات في الديمقراطية ومظاهر لنخبة من قادة الراي في مصر عني بنشرها قسم الخدمة العامة بالجامعة الامريكية بالقاهرة في عام1945 فيها يتحدث عن الديمقراطية المصرية وصلتها بالحياة الاجتماعية تخلص النصوص والابواب وتطرقاتها الي حرية المرأة والتعليم وغيرة الي ان النهضة العربية بالقرن19 اقدمت علي السير علي طريق اصلاحي حمل العديد من الافكار التي صاغها مفكرون ومثقفون عرب وسعيا وراء تحرير مجتمعاتهم من الاستبداد الاجنبي والمحلي علي حد سواء.. حيث دافع الليبراليون العرب عن سيادة الحرية بوصفها غاية في حد ذاتها ووسيلة لتحديث بلدانهم