د. مصطفي عبد الغني: يصعب التعامل مع' الاستاذ' علي انه كاتب سياسي او كان مسئولا فاعلا في جريدة الأهرام; وإنما لابد وان نتعامل معه علي انه امتلك الوعي المثقف الفاعل في الحياة السياسية والثقافية حولنا; الوعي الذي يمتلك أدوات الفكر والادب والفطنة اتحدث عن ثقافة' الاستاذ' محمد حسنين هيكل الذي اضاف الينا في حواراته الاخيرة بالهلال-مع رئيس التحرير النشط محمد الشافعي- وعيا بهذا' الشرط' الثقافي خاصة في التعامل مع الحياة حولنا, حين يرتبط الدور الثقافي بالدور السياسي فلا' توجد سياسة دون ثقافة.. واذا فصلت الثقافة عن السياسة تحولت الي سلطة خالصة'.. فلا يمكن ان تتوفر لدي السياسي ادوات الوعي الايجابي في غيبة الثقافة.. وعبورا من تعريفات الثقافة في لسان العرب والمنجد والمورد الي غير ذلك من المعاجم العربية والأجنبية نصل الي التعريف الذي يؤكد ان الثقافة تنصرف الي الفعل الايجابي المستنير; وهنا لا يمكن التحدث عن اي دور سياسي او اقتصادي او اجتماعي واع بالابتعاد عن هذا المفهوم وهو ما يصل بنا الي فرضية اخيرة هي أن الثقافة تتحدد في الدور الفاعل الايجابي لصنع الحاضر, وهو ما نفهم معه عبارة ترددت في خطب عبد الناصر' إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولي للديمقراطية'. يمكننا التعرف في هذا الإطار علي شرط الثقافة ودرجات الوعي عند هذا المثقف' الجورنالجي' كمايحب ان يطلق علي نفسه-.. فتوافر الرؤية الثقافية يظل من اهم شروط الوعي, وهو وعي يمتد من التصرف الفاعل لدي المثقف كفرد الي المثقف الايجابي المؤثر كمثقف وسياسي.. وهو علي هذا النحو, يخرج بنا من التأثير الفردي المحايد الي التأثير الجمعي الايجابي.. إنه الوعي الثقافي الادبي الذي يجب ان يتسلح به الانسان سواء للقيام بدور المثقف او السياسي.. وفي ضوء ذلك كله يمكننا الإجابة علي عديد من الأسئلة المعلقة عن دور الأستاذ في تأكيد أدوار كتابنا وادبائنا كتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وصلاح جاهين وبنت الشاطيء من الشرق وسارتر وأندريه مالروجورج أورويل وغيرهم من الغرب.. وعن دورهم في هذه الفترة, وقبل هذا وبعده إعادة النظر في الادوار التي يجب معها تأكيد الدور الثقافي لمصر كما يجب ان يكون وبالتبعية الوصول الي سر عناصر' الاستراتيجية المصرية.. التي تنطلق بالاساس من عروبة مصر.. حيث وحدة اللغة والامتداد الجغرافي. نستطيع ان نلحظ هذا الوعي بدور المثقف في كتابات هيكل واعماله سواء وهو يتلمس من آن لآخر نماذج معرفية لشخصيات او رموز ثقافية من شعراء وأدباء, فالثقافة هنا تعدد معطيات الواقع وتحدد شروط الخروج من أية أزمة طارئة, ففي غياب الثقافة او فصل الثقافة عن السياسة لدي صانعي الاحداث لايوجد فرق- كما يردد-' بين رئيس الدولة وضابط البوليس'.