الفارق الجوهري بين الدنيا والآخرة هو الزمن.. الدنيا مرتبطة بالأزمنة التي نمر بها,أو المراحل السنية المتعاقبة, حيث يولد الإنسان طفلا ثم يكبر تدريجيا مع مرور الزمن, فيصير شابا . ثم يستوي رجلا, ثم كهلا, ثم شيخا, ثم الموت ونقر في الأرحام ما نشاء إلي أجل مسمي ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفي ومنكم من يرد الي أرذل العمر( الحج5).. هذه المراحل يمر بها كل إنسان ولا مهرب منها ولامفر, بما في ذلك الموت الذي نحسبه النهاية, وهو ليس كذلك, وإنما هو نهاية رحلة الحياة الدنيا, والتي تليها الآخرة, في وقت يعلمه الله ولايعلمه سواه.. وفي الآخرة خلود ولاموت, ولا مراحل زمنية.. انتهي الزمن كما نعرفه.. ويدخل أهل الجنة شبابا في سن الثلاثين ويبقون كذلك أبد الدهر.. ينعمون بما قدموا لأنفسهم في رحلة الحياة الدنيا من أعمال صالحة, ونوايا حسنة, وعبادة لله خالصة.. وإن تعثروا أو زلت أقدامهم, استغفروا ربهم وأنابوا إليه, فالسيئات واردة بالنسبة لكل البشر كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون( حديث شريف). هذه رحلة الحياة الدنيا بالنسبة للمؤمنين بالله واليوم الآخر.. هم في كنف ربهم ورعايته وهدايته إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدي( الكهف13) هذا شأن المؤمنين كافة وليس أهل الكهف بخاصة.. يهديهم ربهم بإيمانهم سبيل الرشاد ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون, فضلا من الله ونعمة( الحجرات7 8). فالمؤمن الذي يتحري رضا الله ويجعل ذلك نصب عينيه, لن يخذله الله أبدا, بل سيهديه ويصلح باله سيهديهم ويصلح بالهم. ويدخلهم الجنة عرفها لهم( محمد5 6) نعم.. سيصلح بالهم ويصلح أعمالهم أيضا, حتي تأتي أعمالهم موافقة لما يرضاه الله منهم يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما( الأحزاب70 17).. فالله ولي الذين آمنوا الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلي النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون( البقرة257) فالمؤمن المتوكل علي الله هو في كنف ربه, وما دام يخلص لله الدين فالله كفيله ومن يتوكل علي الله فهو حسبه( الطلاق3). المؤمن الحق الذي يذكر ربه في قلبه وعلي لسانه, لا يعتريه الحزن ولا القلق ولا الهواجس في الدنيا, لأنه موقن بأن ربه سيأخذ بيده وسيوجهه ويدافع عنه إن الله يدافع عن الذين آمنوا( الحج38).. نعود إلي الزمن فنقول إنه لا زمن في الآخرة ولا موت, وبما يرمز إلي أن الموت في الآخرة لم يعد له وجود, فعن رسول الله صلي الله عليه وسلم يؤتي بالموت يوم القيامة, فيوقف علي السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار, ثم يقال لهؤلاء وهؤلاء: هل تعرفون هذا؟ قالوا نعم, هو الموت الذي وكل بنا, فيؤمر به, فيذبح علي الصراط, ثم يقال للفريقين كلاهما: خلود فيما تجدون, لا موت فيها أبدا أي أن أهل الجنة خالدون فيها, وأصحاب النار خالدون فيها والعياذ بالله..