لعل المنهجية العلمية لاتخاذ القرار البيئي من الموضوعات التي يعزف عن الكتابة فيها العديد من رموز الإدارة بالعالم العربي نظرا لتعقد مشاكلها, ودخولها في علم الأنظمة المركبة بعلاقات رياضية دائرية. لا تمكن من تناولها بصورة مبسطة تصل للقاريء في وضوح, وأن كان ذلك قد يكون دافعا لضرورة طرق تلك الموضوعات لإتاحتها لصناع القرار البيئي في سهولة ويسر حتي يتمكن صانع القرار من الاختيار بين بدائل نماذج اتخاذ القرار المناسب للمشكلات المختلفة بصورة اقرب إلي الصواب في تلك الظروف المعقدة في هذه المنظومات البيئية التي تضم العوامل المناخية والأرضية والعوامل البيولوجية, إضافة للعامل البشري المؤثر علي المنظومة ككل, فالمنظومة البيئية مركبة, والعلاقات بين مفرداتها علاقات لاخطية تشتبك داخلها علاقات دائرية تجعل مدخل اتخاذ القرارات الصائبة فيها يعتمد علي التحليل الرياضي فيها علي تناول المركبات المعقدة بدون تبسيط, والتي ترتكز علي نظرية لا خطية قد يساعد فيها الحاسب الآلي بدرجة محدودة. وهناك عدد من السلوكيات المميزة للمنظومة البيئية المعقدة, فالعلاقات داخلها لاخطية يصعب التنبؤ بها عبر الزمن, سواء كانت تسلك سلوكا فوضويا أو منتظما, وهكذا يمكن تناول تلك المنظومة البيئية المعقدة من هذا المدخل إذ أن معظم الملاحظات التي تنتج عن اللاخطية تظهر بدون تغيير في المنظومات المعقدة ذات العلاقات المتشابكة, والتي تظهر فيها ظاهرة البزوغEmergence بما يعني الانتظام المنظومي الذاتي, ولكن من المهم الأخذ في الاعتبار ديناميكية هذه المنظومة بما يعطي مدي واسعا لصناع القرار للتعامل مع تلك الأحوال بدون الدخول في تفاصيل ديناميكية تلك المنظومة, فعند تركيب منظومة بيئية معقدة يراعي ترتيب مكونات شبكتها, والاتجاه الذي تتحرك فيه مجموعات الشبكة, ثم دوائر الارتداد داخل الشبكة, ومدي قوة الترابط داخلها, وعموما فإن نظرية التشابك تقدم مدي تحليليا واسعا يسهل تفهم ديناميكتها إذ أن التركيب والديناميكية مترابطان, وقد تناول العديد من علماء الإحصاء البيئي موضوع الشبكات البيئية المعقدة, وكيف تظهر منظومة منتظمة من داخل الفوضي, وكيفية تصفية المنظومة المعقدة التي يجابهها صناع القرار عند مستوي زمني محدد في تلك المنظومة اللاخطية بعلاقاتها الداخلية من المناخ والعوامل الأرضية والعوامل البيولوجية والعلاقات الدائرية داخلها وعناصرها المختلفة بما يجعل اتخاذ القرار لا يعتمد علي التأكد كهدف حقيقي, فهذه القرارات لا ترتكز علي اليقين, بل علي صانع القرار أن يدرك حقائق المنظومة الديناميكية اللاخطية, ويعدل من تجاوبه مع متغيرات عديدة تظهر أمامه إذ أن قراراته تعتمد بدرجة كبيرة علي معلومات غير مؤكدة وعلاقات تتغير مع عامل الزمن, فاتخاذ القرار في تلك الأحوال يكون في ظروف عدم اليقين لصناعة قرار يتعامل مع المستقبل داخل المنظومة البيئية الديناميكية. ومما لا شك فيه أن محاولة استخدام نماذج رياضية لاخطية لبعض عناصر المنظومة المتفاعلة سيؤدي إلي تقليل الندم في القرارات التي تتخذ مع متغيرات عوامل الزمن وديناميكية باقي عناصر المنظومة, فهنا يكون اتخاذ القرار حاليا تحت ظروف عدم التيقن مما سيحدث من تفاعلات في عناصر المنظومة التي يمكن تمثيل ديناميكتها جزئيا بما يساعد صانع القرار علي اتخاذ قرارات أقرب ما تكون إلي الصواب تحت الظروف الحالية من عدم التأكد والظروف المستقبلية غير المعلومة في ظل التفاعل الديناميكي لعناصر المنظومة البيئية المركبة المعقدة, ويكون في هذه الحالة اتخاذ القرار مرتكز علي بحوث علمية دقيقة تستشرف المستقبل بقدر الإمكان من خلال مجموعة من البرامج والقواعد الرياضية علي الحاسب الآلي تتعامل مع الأنماط شديدة التعقيد, كما تشير لذلك المدرسة الفكرية, وكل ذلك يؤكد ضرورة الدراسة المتأنية والتحليل الدقيق الذي يقوم به المستشارون العلميون لصناع القرار. وفي النهاية فإن الارتكاز يكون علي اتخاذ قرارات مستقبلية تعتمد علي نموذج اتخاذ القرار, لتقليل الندم(MMr) بما ينتج عنه أقل ندم عند اتخاذ القرار والواقع أن مثل تلك القرارات التي يتم اتخاذها في الظروف البيئية دائمة التغيير ديناميكية الحركة يتطلب الاعتماد علي تواجد قدرات معرفية هائلة من المستشارين العلميين للتعامل مع تلك القرارات الصعبة.