الانقسام هو عنوان المشهد السياسي الآن, مظاهرات بالقاهرة والمحافظات تطالب بإلغاء الإعلان الدستوري اشتباكات في محيط التحرير..وإغلاقه أمام حركة السيارات عمليات كر وفر بميدان سيمون بوليفار بين المتظاهرين وقوات الأمن. ومظاهرات في الإسكندرية ودمنهور, وسط هذا المشهد الخطير والمؤلم سألنا أمين مساعد التثقيف السياسي لحزب الحرية والعدالة الدكتور حاتم محمد المعتصم عن اللحظة الراهنة وخطورتها وكيفية الخروج من النفق المظلم. هل تعتقد أن القرارات التي صدرت أخيرا كانت محل نقاش قبل التنفيذ داخل الحزب؟ { هذه القرارات رئاسية ولا تخص الحزب إجرائيا. ألا تعتقد أن صدور هذه القرارات كان يجب أن يتبعه شرح لأبعادها من قبل لجنة التثقيف السياسي أم أن الجميع انساق وراء القرارات؟ { أعتقد أن كلمة انساق ليست محببة لدي العمل الحزبي, لأن الحزب يقوم أساسا علي الوعي والإدراك والناس الذين يعملون به تتعاطي مع الأحداث بعمق وليس بالسياق. وفي رأيي القرارات الرئاسية والإعلان الدستوري الجديد كانا محل نقاش ليس فقط داخل الحزب إنما علي مستوي مصر بيتنا الكبير, لكن سواء علي مستوي النقاش الداخلي في الحزب أو علي مستوي النقاش الجماهيري بين الحزب والجمهور حظي النقاش حول الإعلان بنصيب الأسد منذ صدوره. كيف كانت ردود أفعال الجماهير التي تقومون بتوعيتها وتثقيفها عبر الحزب؟ { لا شك في أن القرارات بصفة عامة وميدانية حظيت بحالة من القبول, إنما بعد القبول الميداني الذي كان يتفق مع مطالب الثورة, يبدأ الخوض في التفاصيل, وأعتقد أن ذلك استلزم إيضاحا من مؤسسة الرئاسة صدر بعد اجتماع الرئيس مع المجلس الأعلي للقضاء الذي تضمن توضيحا لبعض المصطلحات التي قد تغيب عن البعض, بل علي المتخصص أحيانا, ولذلك نقول إن مصر نقلت لنقلة أخري, إذ كان القرار يوافق الهوي الثوري لدينا ومطالبنا ثم بدأ الناس يستوضحون ويستعلمون, لأن مصر تغيرت, فلابد من مناقشة الرئيس لتنفيذ مطالب الشعب, ولابد من أن يوضح لنا ونكون علي تواصل دائم, حتي تتعمق الثقة مع الشعب. لقد أشرت للطريقة التي تم التوضيح بها من قبل مؤسسة الرئاسة.. فهل كانت هناك طريقة أفضل مما تم عرضه علي الشعب والخروج عليه بهذه القرارات؟ { عندما أنظر للأمر لا أنظر إليه خارج نطاق المجال الإعلامي, فالرئيس منذ عشرة أيام أو أكثر نوه إلي أنه بصدد قرارات ثورية, ولكن التناول الإعلامي لم يكن جيدا ولم يخدم هذه القرارات, فإما تعامل معها بالتجاهل أو التجاوز, وبعد صدور القرارات كان الناس في حاجة إلي وقت لتستوعب الأمر وتستمع لإيضاحات, وأعتقد أن هذه هي مهمة متخذي القرارات, فكما عرف الرئيس نفسه بأنه أجير عند الشعب عليه أن يوضح لصاحب البيت لماذا يفعل ذلك, وهو أمر يتعامل معه الرئيس بصورة ناضجة وفيها إحساس بالمسئولية وأتصور أن بدايتها كانت مع مؤسسة القضاء, وأعتقد أن مجال الحوار الإعلامي سيفرق بعد فترة إذا كانت هناك ثغرات في فهم الموضوع فلا شك في أنه يستكمل بالإيضاح والضبط وهو أمر جيد جدا, ويبشر بأن مصر مقبلة علي عصر من السيادة الحقيقية للشعب علي مقدرات هذا البلد. لنتحدث عن ردود الأفعال, هل تعتقد أن البرامج الحوارية والتوك شو قدمت صورة أو توضيحا منذ صدور القرارات أم إلي أي اتجاه كانت تسير من وجهة نظركم؟ { لابد ألا نأخذ أحكاما مطلقة وعامة, كانت هناك بعض البرامج تلتمس الموضوعية والحوار والرأي والرأي الآخر, وذلك بالطبع يثري الحوارات, أما في بعض البرامج فلا شك أن فيها نوعا من التحامل لارتباطها بمصالح أو بالنظام القديم. بما أننا نتحدث عن الإعلام, هل أنت راض عن إغلاق بعض القنوات الفضائية بشكل متكرر.. كيف توصف لنا ذلك في مناخ من المفترض أن نعيش فيه بحرية؟ { إذا تحدثنا في المطلق, أنا أرفض الرقابة علي أي أداة من أدوات الإعلام أو الإبداع وحرية التعبير مطلقة, وهذا لا يعني أننا نتحلل من أي ضوابط, ولكن هذه الضوابط لابد أن يصنعها أولا المبدع أو الإعلامي نفسه, فمن المفروض أن يكون رقيب نفسه, وإن لم يراقب نفسه, فالمجتمع يراقبه ويقصيه, وإن لم يستطع المجتمع فهناك القضاء العادل الذي تطرح أمامه القضية, إنما أرفض تماما سيطرة الدولة بصورة أو بأخري علي هذا الأمر, ولكن إذا تحدثنا بشكل محدد, فإذا كان الأمر مع هذه القنوات اختص بمخالفات قانونية, فمجاله القضاء وعلي القضاء أن يقول كلمته ويفصل في الأمر. ما رأيك في مطلب القوي السياسية بوضع شرط للجلوس مع الرئيس وهو سحب الإعلان الدستوري؟ { علينا أن نجلس ونتفاوض, إنما وضع شروط, فذلك يعد تنافسا سياسيا خارج سياق الوطن, ونوعا من المحاولة لهز صورة الرئاسة. كيف تري من وجهة نظرك الخروج من المأزق حاليا؟ { الحل هو جمع الشمل وأن تجلس الناس مع بعضها, وتتخلي عن رغباتها وطموحاتها الشخصية وحساباتها السياسية لمصلحة حسابات الوطن. هل تعتقد مثلا أن تعديل بعض بنود الإعلان للخروج بالبلد من هذا النفق المظلم أمر وارد؟ { دعيني أعبر هذا الأمر وسأعود إليه لاحقا, الأمر المزعج لأي أحد هو أن يسيطر شخص بعينه علي مقدرات البلد كلها, فإذا كان هذا الشخص يقول يا جماعة أمتلك في يدي ثلثي المواضيع وأريد أن أتخلص منها, ويقول يا جماعة اجلسوا كجمعية تأسيسية وأنهوا العمل حتي لا يصبح في يدي. إذن, من المهم جدا أن أذهب لذات الموضوع, البلد به دستور يوضع ومشروعه به نحو240 مادة220 عليها اتفاق بامتياز, و20 منها أربعة وضعت في وثيقة ووقع عليها أغلب الناس أو99% ولم يوقع عليها واحد وهو السيد عمرو موسي, وهناك أمور أخري حمالة أوجه, وبالتالي هذا يعني أنه أمر لا يعيب الدستور, أن يكون هناك90% توافق و10% اختلاف, إذن, يجري تصويت وبعدما يتم التصويت, الشعب يقبله و بعد10 سنوات يغير بند أو نص من نصوصه, أم تجلس في فراغ إما أن يستغله رئيس يحتوي جميع السلطات أو جهة أخري تطلب محكمة ما أو أمر ما يتسلط علي العباد, لابد أن ننظر من هو الذي يريد الحل!! الذي يذهب إلي إقامة المؤسسات وإنجاز ذلك والتخلي عن تكريس السلطة في يد فرد أو إيكالها لجهة, ومن يعوق هذا الأمر, وعندما تقول شخصية وقامة دولية كبيرة جدا أنا لا أقيم هذا الدستور العبثي, ويقول مبررا عشان حيجوزوا البنت عند9 سنوات, يتبين أن هذا الشخص لم يقرأ هذا المنتج, ويقول رأيه لشعب مصر دون أن يقرأ أو إما أنه قرأ ولأن لديه حسابات سياسية يقول خلاف الحقيقة, وغيره كثير, مثلا السيد عمرو موسي يقول لابد من الإشارة للامتداد الآسيوي ويتم النص عليه والناس تقبل هذا الأمر, وبعد ذلك يطلب إلغاءه لما لسيناء من حساسية, هذا أمر عبثي. كلامك يعني أنه بالإسراع في وضع الدستور ستنتهي حالة الانقسام والخلاف ويلغي الإعلان الدستوري بمجرد صدور الدستور؟ { لا إعلانات دستورية مع دستور قرره شعب مصر, إذن, لا الدكتور مرسي أو غيره يجرؤ أن يخالف هذا الأمر, لأن شعب مصر هو الذي يكون قد حسم الأمر, لذلك عندما تكتب الدساتير, يقال: قرر شعب مصر, فلا أحد يجرؤ علي التجاوز سواء فئة أو فرد بعد أن قرر شعب مصر. كثيرا ما يقال نشكك في نيات الإخوان المسلمين, وعدم مصداقيتهم لتغيرهم في المواقف والرؤي.. كيف تري ذلك؟ {( ضاحكا) أود أن أفرق بين أمرين, بين رسائل ممنهجة لوضع صورة ذهنية عند الناس عن الإخوان أو لحزب الحرية والعدالة بشكل معين وبين حقيقة الأمر, فحقيقة الأمر أن من يحتك بالإنسان مباشرة ويتعامل معه, يعلم هذا الأمر تماما.. إذا كنت تتحدثين عن المبادئ, فالمبادئ ثابتة لا تتغير, أما السياسات فتتغير نتيجة المتغيرات والأحداث التي بمر بها البلد طبقا للأسس نفسها, لذلك من يروج لفكرة أنني أخلف وعدي, هي فكرة أظنها غير بريئة وأظنها تحتاج لمن يقوم بها أن يراجع نفسه مراجعة حقيقية, لأننا حقيقة تربينا علي هذا, فقد تربينا علي أن الوعود تنفذ ووفقا للفقه: كل حكم له علة, القياس فيه جار, وأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما, أي لابد من حدوث متغير يتبعه التغير إذن, لابد أن خارج هذه التغيرات المحكمة الممنهجة التي يقصد بها التشويه, فمثلا مع احتكاكي بالبعض, ويعرفون بعدها انتمائي للإخوان, يقولون: نعم أنت جيد, لكن الإخوان ليسوا كذلك, ولا أريد أن أقول إننا في حزب الحرية والعدالة ملائكة, نحن بشر, نصيب ونخطئ, إذن, المبادئ هي ما يحاسب عليه الشخص, ولو كانت هناك إشكاليات حقيقية سيكون العبد لله أول من يتركهم, ومن واجبنا أن نصحح صورتنا عند الآخرين سواء قبلوها أو لم يقبلوا بها, لكن علينا أن نوضح.