أكدت دار الإفتاء أن دفع أموال للموظفين والعاملين بغير وجه حق لإنهاء مصلحة أو لتيسير الحصول علي وظيفة أو الحصول علي خدمة تدخل في باب الرشوة, والمتفق عليه عند الفقهاء حرمة الرشوة بكل صورها وبجميع مراتبها إذا اكتملت شروط تحريمها وتحققت أركان جريمتها, ولا يحتاج ذلك إلي كثرة استدلال أو كبير بيان. وأضافت في فتوي لها أن الشريعة الغراء حرمت هذا الفعل سواء أصدر من موظف حكومي أم غير حكومي, وسواء أكان عموميا أم خاصا, وعدت الرشوة ضربا من ضروب الفساد, مما يستوجب علي المسئولين في مواقعهم الضرب بيد من حديد بلا تهاون علي يد أولئك المفسدين. وأشارت الفتوي إلي أن الفقهاء قد توسعوا أيضا في معني الرشوة حتي أدخلوا فيها من دفع شيئا لغيره ليحصل علي حقه أو يدافع به عن نفسه أو عرضه أو حتي عن الآخرين, فهذه تسمي رشوة أيضا, ولكن الفقهاء قصروا الحرمة حينئذ علي الآخذ دون المعطي بشروط وقيود مشددة. وشددت دار الإفتاء علي من يبتلي بهذا الأمر بأن يستنجد أولا ويستنصر ويستغيث بكل من يظن فيه أن يوصل له حقه أو يمنع عنه الظلم, فإذا ضاقت به السبل ولم يجد المعين أو المجير أو المغيث فإنه يكون في حكم المضطر الذي يرتكب أخف الضررين ويدفع أشد المفسدتين حين يقدم شيئا للحفاظ علي حقه أو حق غيره, وهذا متفق عليه بين المذاهب الأربعة. ويخرج من إثم التحريم الدافع والمعطي وحده, ويبقي الإثم والفسق والكبيرة تحيط بالآخذ والقابض وحده واقعا تحت الوعيد, مجرما بعار وخزي هذه الكبيرة. وقالت الفتوي: إن هذا التكييف لا يدعو القائمين علي الأمر إلي التهاون في الضرب علي أيدي المرتشين المفسدين, بل علي العكس من ذلك تماما يجب أن ينذر بأهمية الضرب علي أيدي العابثين المفسدين الفاسقين, ويشحن الهمم ضدهم, ومن ناحية أخري علي المسؤولين أن يغيثوا كل من طلب منه الغوث للقضاء علي الرشوة وهذا الفساد العريض, ويجب علي الراشين والمرتشين أن يتوبوا إلي الله تعالي من هذا الإثم حتي يبارك الله سبحانه في أموالهم وأولادهم.