علمتنا الحكمة الشعبية القديمة أنه لا تقذف بالحجارة إلا الاشجار المثمرة وهي حكمة تتجلي بوضوح شديد مع كل عمل فني جيد يبشر بوجود طاقات فنية جديدة مبدعة.. وهو ما حدث لشباب مسرح الساحة عند تقديمهم عرض عاشقين ترابك بالرغم من وجود راع للعرض يتكفل بالنفقات والدعم في ظل هذه الظروف الشحيحة التي يمر بها المسرح المصري. وبالرغم أيضا من النجاح الكبير وجاذبية العرض للمشاهدين الشباب إلا أن البيت الفني يفكر في إيقاف العرض دون المد له!.. كما يأخذ موقفا غير داعم وغير مشجع لمجموعة شباب جدد يقفون علي المسرح لأول مرة. وعاشقين ترابك عرض يقدم تصويرا مبتكرا خياليا يفترض أن ثورة يناير فشلت واستمر المخلوع وولده علي الحكم في ظل وجود الفكر القمعي والفساد القديم, ويطرح المؤلف ياسر علام والمخرج الموهوب محمد الشرقاوي فكرته من خلال مجموعة لوحات كوميدية نري من خلالها برنامجا يحمل عنوان المؤامرة يناقش فيه نفس المذيعين قبل وبعد الثورة بنفس الحماس مخاوفهم علي الوطن من الشباب المتآمر في ميدان التحرير, ويقدم الشاعر الشاب الصعيدي قصيدة في مدح الحاكم والفساد تطلق صراخ الجمهور من شدة الضحك, وكأنما يعبرون عن عدم تصديقهم لثورية الذين ظهروا فجأة ليعلنوا أنهم كانوا دائما في صفوف الرافضين, ويلعب اثنان من الشباب احدهما يمثل التيار الليبرالي والآخر التيار الديني السلفي لعبة الذراع الأقوي.. وفي أثناء المشهد يحكي كل منهما عن تصوره للآخر, فنري ثوار التيار الليبرالي في عيني الشاب المتدين مجموعة من الراقصين التافهين, بينما يتصور الشباب الليبرالي أن المتحمسين للتيار الديني كلهم من الغلاة المتشددين الذين لاتشغلهم إلا تربية اللحي ويريد المخرج أن يقول إن هؤلاء وأولئك كانت تجمعهم ساحة واحدة وأهداف واحدة, ونضال مشترك, فكيف تفرقوا علي هذا النحو؟! تألق في العرض محمد يوسف وهالة سرور وميدو عبدالقادر بينما ظهر باقي الممثلين بصورة جماعية رائعة تدل علي الوعي والثقافة والموهبة والاحتياج لعروض أكثر تبرز امكانياتهم الفنية, وهم بحق جديرون أن تخشاهم أجهزة الرقابة وتتحسب منهم الأيدي المرتعشة فهم أصحاب مواهب حقيقية ستثبت نفسها برغم كل الظروف.