.. اشرنا الي عدم المعرفة بسؤال استنكاري لمن لا يعرف كتابنا ومثقفينا الكبارا لذين لعبوا دورا كبيرا في حياتنا الثقافيةفأشرنا الي نجيب محفوظ وطه حسين ثم الآن, نصل الي مثقف آخر عاني الكثير لأفكاره ووعيه الراديكالي في وقت كان يتعارض في موقفه من النظام السائد سواء قبل ثورة1952 او بعدها,. اقصد سيد قطب,. انه المثقف-العالم وليس رجل الدين بأي حال,. وعلي الرغم مما ينصرف النظر اليه حين نشير الي سيد قطب,. فانني اشير اليه ايضا في معرض اصابتنا بالامية الثقافية والدينية والسياسية في التعرف علي مثقفينا, الي تغييب هذا المثقف او الشاعر او الكاتب, الي آخر هذه الاجناس الادبية التي عرفها ومارسها الي جانب دوره السياسي بعد ذلك,. وهو ما نستعيد معه تجربة شخصية, ففي حين سعيت الي البحث عن كتاب مهم لسيد قطب وانا امارس البحث في العمل في اطروحة الدكتوراه, فلم اجده, حاولت العثور علي سيرة ذاتية كتبها بعنوان' طفل من القرية'دون جدوي, وعلي الرغم من ان هذا الكتاب كان قد نشر بالفعل في منتصف الاربعينات من القرن الماضي فانه مع قيام ثورة1952 اصبح مع غيره من اعمال سيد قطب من المحظورات, تجولت في عديد من المكتبات العامة او المكتبات الجامعية دون جدوي, وكانت مفاجاة ان اعثر علي نسخة يتيمة في المحروسة في مكتبة الجامعة الامريكية!! علامات التعجب هنا يمكن ان تتناثر لتشغل كل هذه المساحة الباقية,. ان علامات التعجب عادت الي الظهور والالحاح في الفترة الاخيرة حين قرات في احدث كتاب عن سيد قطب الاعمال الشعرية لسيد قطب الجزء الاول من إعداد علي عبد الرحمن عطية, ففي هذا الجهد الاخير يسجل اكثر من باحث هذا المصير وراء اعمال سيد قطب فقد اشار د.عبدالباقي حسين الي انه افتقد ديوان' الشاطيء المجهول' الذي كان قد صدر منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي-1935- ولم يعثر عليه بعد البحث قط اللهم في مكتبة الجامعة الامريكية, واذكر علي المستوي الشخصي حين ابديت حزني الشديد في الثمانينات لصديق مصري كان يعيش في انجلترا في نهايات القرن المضي د.علي شلش-.. فانه سرعان ما ابتسم وعاد الي المرة التالية بصورة من اعمال سيد قطب من مكتبة جامعة لندن, تتعدد صيحات الدهشة ولا تتحدد في تفسير واحد.. نعرف ان مؤلفات سيد قطب تعرضت للحرق والابادة ابان محاكمته في الستينات حيث صدر ضده حكم بالاعدام, لكن نعرف ايضا ان المثقف- ايا كان انتماؤه الحركي او الفكري..- يجب ان تتوافر اعماله بيننا, خاصة مثقف مثل سيد قطب.