بعد مضي عشر سنوات علي بناء الجدار الفاصل الذي بنته اسرائيل لعزل وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية أكد التقرير الذي أصدرته المنظمة الحقوقية الاسرائيلية بيتسيليم أن هذا الجدار حول أراضي فلسطينالمحتلة الي مناطق معزولة وقالت المنظمة إن السلطات الاسرائيلية استولت علي أراض شاسعة من الفلسطينيين من أجل بناء الجدار الذي اتخذ مسارا تسبب في أضرار اقتصادية. أيضا ورد في التقرير أن الجدار هو أحد الاجراءات الاسرائيلية التي تعيق التنمية الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية حيث يفصل بين سكان فلسطين وأراضيهم وأسواقهم كما أن النشاطات الاقتصادية والزراعية قد تضاءلت في مناطق كانت تعتبر مستقرة. وأصدرت محكمة العدل الدولية قرارا غير ملزم عام2004 يطالب اسرائيل بهدم الأجزاء المبنية علي أراض فلسطينية وعدم بناء أجزاء أخري في أراضي الضفة الغربية, ولم تلتزم اسرائيل بقرار المحكمة كما تجاهلت دعوات بجعل مسار الجدار علي امتداد الخط الأخضر الذي يفصل اسرائيل عن الضفة الغربية. وأشارت بيتسيليم في تقريرها الي أنه بينما تقول اسرائيل أن الجدار هو اجراء أمني مؤقت الا أن أكثر من رئيس وزراء لاسرائيل قال ان مسار الجدار يثبت الحدود المستقبلية لاسرائيل. ودعت المنظمة في تقريرها اسرائيل الي هدم أجزاء الجدار المبنية في أراضي الضفة الغربية والتوقف عن بناء أجزاء أخري هناك وبناء الجدار علي امتداد الخط الأخضر ان كانت تريد بناء عائقا بينها وبين الضفة الغربية. وقد بدأت اسرائيل العمل في بناء الجدار عام2002 في أوج الانتفاضة الثانية, ويقول الفلسطينيون أن السلطات الاسرائيلية استولت علي أراض فلسطينية بهدف بناء85% من الجدار عليها ويؤكد التقرير, إنه منذ بناء الجدار العنصري فقد الفلسطينيون إمكانية استخدام أراضيهم واستغلالها بشكل مربح, وبعد استكمال بناء قرابة ثلثي مساره, تقلص النشاط الاقتصادي الزراعي الفلسطيني في المناطق التي اعتبرت في السابق مستقرة, كما أن قدرة السكان الفلسطينيين علي تحصيل قوتهم بشكل مستقل قد تقلصت. وتعرض التقرير لنماذج من الجيوب التي افرزها الجدار, ومن بينها, منطقة برطعة الشرقية بشمال الضفة الغربية, ويسكن بها5400 فلسطيني,85% منهم من قرية برطعة الشرقية, وكانت هذه المنطقة تعتمد علي منطقة جنين في أقصي شمال الضفة, والآن تقلصت حركتها التجارية مع جاراتها من البلدات الفلسطينية, حيث فرض الاحتلال معبرا واحدا للأهالي, وهو معبر ريحان, ويتعرض الراغبون في دخول الجيب, ومن بينهم المرضي, لفحوصات أمنية متشددة, حيث فرض الاحتلال قيودا علي كميات البضائع التي يسمح بإدخالها إلي القرية, وبدوره ترفع القيود المفروضة علي نقل البضائع إلي القرية, من تكلفة نقلها وبالتالي ارتفاع أسعار البضائع بمئات النسب المئوية, بما فيها المواد الغذائية الأساسية. وكشف التقرير عن وضع قرية جيوس شمال مدينة قلقيلية, ويعيش فيها نحو3 آلاف نسمة, ويشكل مجمل الأراضي الزراعية التابعة للقرية في منطقة التماس أكبر مساحة من الأراضي مقابل القري الأخري, ويستند اقتصاد القرية علي الزراعة المكثفة والتي تشمل الأشجار المثمرة والزيتون وحقول الحبوب وتربية المواشي, وقبل تشييد الجدار عمل قرابة90% من سكان القرية في الزراعة, ووصل المنتج الزراعي إلي قرابة10 آلاف طن سنويا, ومنذ فرض نظام التصاريح, أصبح عدد سكان القرية الذين يحظون بالتصاريح لزراعة أراضيهم خارج الجدار, أقل من عدد العاملين في الزراعة قبل تشييد الجدار, وارتفاع الرفض لطلبات استصدار التصاريح, وتقلص الناتج الزراعي في القرية إلي قرابة4 آلاف طن, بما يقل عن نصف الناتج في الفترة التي سبقت تشييد الجدار, واضطر الأهالي إلي اقتلاع2000 دونم من بساتين الفواكه, وهذا من أصل3500 دونم, كما تقلص عدد رؤوس الماشية من9300 رأس قبل بناء الجدار إلي3 آلاف رأس فقط. وتناول التقرير الوضع الصعب لمدينة قلقيلية, رابعة كبري مدن الضفة الغربية, حيث ادي عزلها بواسطة الجدار الفاصل, الي وقف إمكانية تطوير المدينة بشكل حقيقي, ومنذ منتصف العقد الماضي جري استنفاد غالبية المساحة المخصصة للبناء في المدينة.