«الدفاع والداخلية» تبحثان تعزيز التعاون الأمني تزامناً مع احتفالات العام الميلادي الجديد    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    «الإسكان» تعلن بيع محال تجارية وورشا بمدينتي العلمين وبرج العرب الجديدتين    القابضة الغذائية: التنسيق مع تجارية القاهرة لإقامة معارض «أهلاً رمضان 2026»    محافظ المنوفية يطلق التشغيل التجريبي لمشروع صرف صحي تلا.. صور    صعود البورصة بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات من المستثمرين الأجانب    روسيا تدعو لضبط النفس بعد تهديد «ترامب» بضرب إيران    الاتحاد الأفريقى يجدد دعمه لسيادة ووحدة الصومال    الكنيست يصادق نهائيا على قطع الكهرباء والمياه عن الأونروا    الكرملين: محاولة نظام كييف مهاجمة مقر بوتين عمل إرهابى لتعطيل عملية التفاوض    أمم أفريقيا 2025| اليوم.. حسم التأهل والمراكز في المجموعة الرابعة    اتحاد الكرة يعلن مواعيد فترة القيد الثانية للموسم الحالي    صلاح سليمان: كان الأفضل مشاركة الشناوي أمام أنجولا.. وصلاح محسن لم يظهر بالشكل المطلوب    مجلس الزمالك يمنح الأولوية لحل الأزمة المادية بالنادي    راموس يقترب من نيس ليشكل ثنائياً دفاعياً مع محمد عبد المنعم    رفع جلسة محاكمة رمضان صبحى و3 آخرين بتهمة التزوير للنطق بالحكم    ضبط أكثر من 12 طن دقيق مدعم خلال حملات التموين في 24 ساعة    طقس ليلة رأس السنة.. الأرصاد تحذر المواطنين من الأجواء شديدة البرودة مساء    تأخير أسبوعي يربك حركة المترو.. أعمال مفاجئة لشركة المياه تبطئ الخطين الأول والثاني    بهذه الطريقة.. أحمد الفيشاوي يحتفل بالعام الجديد    عاشور: افتتاح مستشفى جامعة الجيزة يجسد رؤية الدولة نحو بناء نظام صحي حديث    وزارة الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بمحافظة الشرقية    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    محافظ بني سويف يتابع استعدادات امتحانات الفصل الأول لصفوف النقل والشهادة الإعدادية    حمدي السطوحي: «المواهب الذهبية» ليست مسابقة تقليدية بل منصة للتكامل والتعاون    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    نقل مقر مأموريتين للتوثيق والشهر العقاري بمحافظتي القاهرة والوادى الجديد    "تبسيط التاريخ المصري القديم للناشئة" بالعدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    الأهلى ينعى حمدى جمعة لاعب الفريق الأسبق بعد صراع مع المرض    الرعاية الصحية: 25.5 مليار جنيه التكلفة الاستثمارية لمحافظات إقليم الصعيد    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة ال105 مُحملة بسلال غذائية ومواد طبية وشتوية لدعم غزة    وزير الري يتابع موقف مشروع تأهيل المنشآت المائية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    إليسا وتامر وعاشور في أضخم حفلات رأس السنة بالعاصمة الجديدة    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    تعاني من مرض نفسي.. كشف ملابسات فيديو محاولة انتحار سيدة بالدقهلية    كامل الوزير: تكثيف جهود التصدى للتهرب الجمركى والممارسات الضارة بالصناعة    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد 2026    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحوال العباد..الغرب المتوحش والشرق المتسامح
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 11 - 2012


كتب:مكاوي سعيد:
طيلة ستة أيام في مدينة لندن‏,‏ لم يحدث أن سمعت ليلا أو نهارا صوت فرامل أو كلاكس سيارة‏,‏ إلا عند عودتنا أنا والكاتب الكبير بهاء طاهر عقب دعوة للعشاء للوفد المصري في منزل السفير‏. احتفالا بمناسبة أن العرب في تلك السنة كانوا ضيف شرف معرض لندن الدولي للكتاب وبعد الحفل أمر السفير سائقه بإيصالنا إلي الفندق, الوقت كان ليلا, والطريق يكاد يخلو من السيارات, سائق سيارة السفير مصري ويده كل فترة تلعب في الكلاكس دون داع, وبمجرد أن أنزلنا في المنحدر الذي يوصلنا إلي باب الفندق, أخبرته بتلك الملحوظة, فابتسم وقال إن الطبع غلاب, عذرته وكنت أظنه سائقا عاديا بمؤهل متوسط, ثم اكتشفت أنه من خريجي كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتقديره العام جيد!
الفندق في قلب لندن وموقعه بالقرب من حديقة الهايد بارك أشهر ساحة للحرية في العالم, والمميزة بخطبائها المجهولين وبأعلي سقف حريات في الدنيا, وكانت مساحة الفندق صغيرة وطوابقه لا تتعدي التسعة, وأغلب ضيوف المهرجان من الكتاب والنقاد العرب كانوا يقيمون به آنذاك, وكأغلب الأمكنة العامة في إنجلترا وسائر دول أوروبا غير مسموح بالتدخين داخله, لذلك في الصباح الباكر, قبل أن تصل السيارات التي ستقلنا إلي مكان معرض الكتاب, كان المدخنون يخرجون من صالة الفندق, ليقفوا في البرد القارس بالقرب من الباب حتي يدخنوا سجائرهم بعجالة, ثم يعودوا بسرعة إلي الدفء بالداخل, وأمام الباب كان يقف حارس الأمن بلباسه التقليدي القلنسوة العالية والسترة والبنطلون الذي يشبه الجندي الإمبراطوري القديم كما كنا نراه في الأفلام.. كان يتحرك للأمام ثم يعود إلي الخلف في توقيت محسوب, وكان علي يمين المدخنين حاجزا من الطوب فارغا من أعلاه ومزروع فيه نباتات جميلة.. وأمامهم علي بعد متر واحد طفاية سجائر عمودية, ولأننا كلنا في الهم شرق, المدخنون المصريون والعرب كانوا يتصرفون كالآتي.. بعد انتهاء سجائرهم يدفسونها في حوض النباتات الذي بجوارهم, ثم يبدءون في إشعال سيجارة أخري لأنهم محرومون من التدخين طيلة الليل وكان الحارس بمجرد أن يلقي أحدهم بالسيجارة, يتحرك بنفس إيقاعه البطئ, ثم يمسك عقب السيجارة بأطراف أصابعه التي بداخل القفاز بقرف, وكأنه يمسك بقذارة, ويضعه بحرص في الطفاية, دون أن يبدي تذمرا أو تعليقا أو استهجانا, حتي لو تكرر ذلك عشرات المرات, وكان المدخنون يبتسمون وهم يومئون تجاهه-من خلف ظهره- بخبث, ثم يتعمدون إشعال سجائر أخري وإطفاءها بنفس الطريقة, دونما إحساس بفداحة ما يفعلون!
تري ماذا يقول هذا الحارس اللطيف عنا لزوجته وهو يسامرها في المساء؟
في نفس هذه السفرة وقبل المغادرة بيوم, ذهبت مع بعض زملائي للتسوق, وأعجبني قميص, فوضعته في خطة الشراء وأنا أنتقل إلي جناح تال, ثم انتقيت بعض الأغراض الأخري, من الطابق نفسه التابع لمركز التسوق, وهناك رأيت نفس القميص بسعر أقل من سعر القميص الأول, سحبت القميصين إلي مدير هذا القسم متسائلا عن سبب هذا الفرق, وهل هو ناتج عن عيب ما في القميص, أم لإختلاف في نوعية الخامة, لكنه أكد لي أن القميصين متطابقان, ثم أخبرني بأن سبب اختلاف السعر, يرجع إلي أن قميصا منهما كان من معروضات مركز التسوق قبل أن يرتفع السعر, لذا بقي بنفس سعره القديم, أخدت طبعا القميص ذا السعر المنخفض, وأنا أفكر في حال أصحاب المحلات بشرقنا الأوسط, الذين بمجرد سماعهم إشاعات عن ارتفاع سلعة ما, يخفونها فورا, حتي يعتمد السعر الجديد, كي يربحوا من بيعها ربحا غير حلال.
اكتشفت أيضا وأنا في سبيلي لمغادرة هذا الفندق, أنه أحد الملكيات المتعددة للسيد رفعت الأسد شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد في لندن, وللعلم رفعت الأسد هذا, غادر سوريا عام1984 بعد أن حصل من أخيه حافظ الأسد علي14 مليون دولار( من دم الشعب السوري) لكي يخلو له الجو ولا ينازعه في الحكم, وقد دفع منها السيد رفعت الأسد خمسة ملايين من الدولارات, كي يشارك في بناء نفق أسفل بحر المانش بين فرنسا وإنجلترا, وبذلك حصل علي الجنسية الفرنسية.
يقولون إن الشرق يتميز بالكرم الحاتمي وحسن الضيافة ومقولات كثيرة من هذا القبيل, لكن تأمل ماذا يفعلون في الغرب لاستضافة عابري السبيل.. في أغلب المقاهي والمشارب ستجد خلف الساقي, رفا خشبيا أو معدنيا, عليه علبة مميزة أو مج أو كوب وعندما تشرب مشروبك وتدفع, لو كان معك فائض مالي, ستعطيه للساقي كي يضعه في العلبة, وهذا معناه أنك تدعو شخصا لا تعرفه علي مشروب قهوة أو بيرة أو خلافه.. فمن المتعارف عليه أن أي عابر سبيل ليس معه نقود كي يدفع ثمن مشروبه, كل ما عليه أن يدخل إلي أحد هذه الأمكنة, ويجلس أمام الساقي ثم يشير تجاه العلبة بدون كلام, وما علي الساقي إلا أن يمد يده داخل العلبة, ويأخذ ثمن المشروب أو الكوبون الذي تركه الزبون الكريم, ثم يقدم المشروب إلي عابر السبيل وعلي وجهه ابتسامة ترحيب.
تأمل هذه اللفتة الحكيمة.. دعاك شخص لا تعرفه-وقد لا يكون من نفس جنسيتك أو دينك أو عرقك- إلي مشروب, دون أن يمن عليك, لأنه لن يراك وأنت تحتسيه. وأنت لن تعرفه, ولن تجد نفسك مضطرا لشكره...
وهناك أمثلة كثيرة من هذا القبيل, وسؤال يحيرني كثيرا, لماذا اختص الله سبحانه وتعالي.. منطقة الشرق الأوسط بالأنبياء والرسل دون سائر بقاع الدنيا ؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.