أصبحنا قطعة متشرذمة في أمة مصطنعة هكذا يزعم دعاة الانفصال الاسكتلنديين الذين يروجون للتصويت ب نعم في استفتاء علي استقلال اسكتلاندا عن المملكة البريطانية المتحدة. وافقت الحكومة البريطانية علي إجراءه في خريف عام 2014 بعد سنوات من الضغوط التي تضع بريطانيا العظمي علي مفترق طرق يحدد المصير فيه قرار الاسكتلنديين ويكتب فصلا جديدا في تاريخ اسكتلندا اذا نجحت في أن تصبح أول جمهورية تنسلخ عن العرش. وبقبول الحكومة البريطانية إجراء استفتاء علي استقلال اسكتلاندا تكون المملكة المتحدة قد قبلت التحدي الذي يهدد 300 عام من الوحدة البريطانية التي جمعت انجلترا وويلز وآيرلندا الشمالية واسكتلاندا. حيث سيؤدي تفكك الاتحاد إلي تراجع نفوذ بريطانيا العظمي علي الساحة العالمية, فقد تفقد مقعدها الدائم في مجلس الأمن الدولي فضلا عن تراجع نفوذها الاستراتيجي في منظمة حلف شمال الأطلنطي الناتو. واحتد الصراع بين مزايا ومساويء تحقيق الاستقلال الشامل لاسكتلندا منذ أن وقع مؤخرا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع وزير اسكتلندا الأول أليكس سالموند اتفاقا يسمح بإجراء الاستفتاء بعد سنوات من الضغوط الاسكتلندية بزعامة سالموند. فيري سالموند أن اندماج اسكتلندا داخل المملكة المتحدة يضعف من أدائها ككيان دولي ويزعم أنها ستكون أقوي اذا أصبحت دولة مستقلة. اسكتلندا لها صلاحيات كاملة في مجالات التربية والصحة والبيئة والعدل فقط لكن الحقائب المتعلقة بالشؤون الخارجية والطاقة والضرائب والدفاع مازالت من صلاحيات لندن. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة حملة تخويف وترهيب وتذكير بالأزمة الاقتصادية والفقر والمجاعة التي اجتاحت اسكتلندا قبل ضمها إلي التاج البريطاني منذ3 قرون. فاستقلال اسكتلندا سيضر حتما بالجانب الاقتصادي من الدرجة الأولي عندما يتوقف دعم الدولة البريطانية للجنيه الاسكتلندي. إلا أن سالموند زعيم حملة الدعوة للاستقلال يؤكد أن اسكتلندا لديها 90% من احتياطي النفط والغاز في الاتحاد الأوروبي وهو ما يقدر بنصف تريليون جنيه استرليني في الخمسين عاما المقبلة, الأمر الذي يمكن أي دولة مستقلة من أن تحقق ازدهارا اقتصاديا منقطع النظير. كما أن اسكتلندا حاليا وهي جزء من المملكة المتحدة تحتل المرتبة العشرين في قائمة أكثر الدول ازدهارا في العالم ويقول سالموند إنها اذا استقلت عن المملكة المتحدة سيكون بإمكانها أن تكون في المرتبة السادسة بين أكثر الدول المزدهرة اقتصاديا. ورغم ذلك علت التحذيرات من داخل أدنبرة من أنه اذا تحقق الانفصال ستفقد اسكتلندا عضويتها في الاتحاد الأوروبي لأنها بذلك ستكون دولة مستقلة لها كيان منفصل عن بريطانيا وستحتاج شأنها مثل شأن أي دولة تطلب الانضمام للاتحاد الأوروبي أن تتقدم يطلب لعضوية الاتحاد وتدخل علي طاولة المفاوضات بشأن منحها العضوية كما أنها ستحتاج موافقة ال 27 دولة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما أن اسكتلندا لن تستطيع الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي دون أن توقع علي اتفاقية شنجن التي تفتح الحدود الأوروبية, واذا وقعت اسكتلندا علي اتفاقية شنجن ستفقد القدرة علي مراقبة حدودها وستكون عرضة لتدفق وفود من المهاجرين من كافة أنحاء العالم. فبريطانيا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لم توقع علي اتفاقية شنجن حتي تحكم السيطرة علي حدودها وتمنع أمواج المهاجرين لها لدواعي أمنية, وبانفصال اسكتلندا فإنها ستفقد هذا الامتياز. وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلي أن34% فقط من الاسكتلنديين يدعمون الانفصال, إلا أن هناك محاولات لخفض السن القانونية للناخبين ليصبح 16 بدلا من 18عاما لضمان نسبة مشاركة أكثر من 50% تصوت الأغلبية فيها ب نعم, حيث أن شريحة الشباب الصغير في اسكتلندا هي التي تدعم الاستقلال. وثمة سؤال يطرح نفسه اذا نجحت اسكتلندا في تحقيق حلم الاستقلال, فهل سيمتد هذا الحلم ويراود مقاطعة ويلز وآيرلندا الشمالية لتبقي إنجلترا وحدها علي العرش؟