الزيارة التي يقوم بها الآن للقاهرة سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسية تأتي في توقيت بالغ الدلالة ثمة من يعلق عليه الكثير من الآمال لحلحلة الاوضاع الراهنة في المنطقة والتي تكاد تصل الي طريق مسدود . ولا سيما علي صعيد وقف نزيف الدم في سوريا او تعثر مسيرة التسوية السلمية في الشرق الأوسط. الأهرام في موسكو التقت الوزير لافروف قبيل رحلته إلي المنطقة في محاولة لاستيضاح رؤية موسكو تجاه سبل الخروج من المأزق الراهن علي ضوء ما سبق وقاله في اكثر من مناسبة بما في ذلك حول حقيقة احداث الربيع العربي. ولذا كان من الطبيعي ان نستهل حديثنا مع الوزير لافروف بالسؤال التالي: في حديثكم الذي ادليتم به الي صحيفة روسيسكايا جازيتا( الصحيفة الروسية الجريدة الرسمية) قلتم سيادة الوزير ان الربيع العربي حصاد بذور زرعها الرئيس بوش الابن من خلال ما طرحه في اطار نظرية الشرق الاوسط الكبير. هل تعتقدون حقيقة ان ما شهدته مصر وتونس وليبيا من احداث هي من تدبير بوش وليست نتيجة الكثير من الاخطاء التي ارتكبتها الانظمة الحاكمة التي اطاحت بها جماهير هذه البلدان؟ جاءت التحولات في العالم العربي نتيجة سلسلة كبيرة من العناصر العميقة سواء الموضوعية او الذاتية. وبشكل عام تتسم هذه الاسباب بطابع اقتصادي واجتماعي وسياسي. فلم تكن الانظمة السابقة قادرة علي تلبية احتياجات المواطنين وأضحت علي غير استعداد للاحساس بحاجتهم الي التغيير, خاصة فيما يتعلق بضرورة ادخال التعديلات اللازمة علي نظام الدولة في اتجاه المزيد من الديمقراطية والشفافية. وقد ارتبطت بذلك المشاكل المزمنة المتعلقة بالفساد وغياب المساواة والبطالة. أما عن العنصر الذاتي فهو موضوع ليس سهلا بل ويمكن القول انه فلسفي. وقد لعبت دورها في ذلك وبلا شك عمليات العولمة التي تمثل وجهها الاخر في سعي الشعوب نحو تأكيد هويتها الثقافية الحضارية. ونستطيع ملاحظة مظاهر هذه النزعة في مناطق مختلفة من العالم. وبطبيعة الحال فان الحديث لا يدور حول ان فكرة الربيع العربي كانت من تدبير اصحاب نظرية الشرق الاوسط الكبير. فضلا عن انه من المستبعد ان يكونوا توقعوا مثل هذه التطورات للاحداث. فالمقصود كان أمرا مغايرا يتمثل في محاولات اعادة نقل النماذج الذاتية لتركيبة وتطور الدولة إلي أراضي بلدان أخري وتصدير المثل الذاتية مع تجاهل تقاليد ومقدرات وثقافات الاخرين وهو عادة ما لا يجدي نفعا. اننا في روسيا علي يقين من ان معدلات واشكال العمليات الديمقراطية يجب ان تتحدد داخل نفس المجتمعات التي تنتهج طريق الاصلاحات ودون تدخل خارجي. وقد اعلنت بلادنا ومنذ بدء الهزات التي اصابت العالم العربي عن تاييدها للطموحات العادلة للشعوب. وقد اعترفنا بنتائج الانتخابات في مصر, وفي تونس وليبيا, والتي جرت بوجه عام في اجواء ديمقراطية حرة. واعربنا عن استعدادنا للتعاون مع القوي السياسية الجديدة التي فازت في هذه البلدان بغض النظر عن منطلقاتها الايديولوجية. كما اننا ننطلق من ضرورة تحقيق هذه التحولات بعيدا عن العنف وعلي أساس الحوار الداخلي مع مراعاة مصالح كل القوي السياسية والمجموعات الاثنية والطائفية. اذن كيف تقدرون وصول ممثلي جماعة الإخوان المسلمين الي السلطة في مصر, أو بقول آخر ممثلي المنظمة التي لا تزال مدرجة وحتي اليوم في روسيا بوصفها منظمة إرهابية؟ لقد دفعت احداث ربيع2011 الي صدارة المشهد السياسي في مصر بالاحزاب والقوي الاجتماعية التي حددت شكل حركة التجديد وسبل اجراء الاصلاحات الاقتصادية الاجتماعية الواسعة النطاق في مصر. ولذا فقد حصلت القوي التي اعلنت عن تأييدها للمقدرات والقيم الاجتماعية التقليدية بما في ذلك الاسلامية بزعامة جماعة الاخوان المسلمين وحسب نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية في جمهورية مصر العربية, علي التأييد الأكبر من جانب سكان البلاد. هكذا قال الشعب المصري كلمته ولأول مرة علي مدي سنوات طويلة وفي ظروف التعددية السياسية وحرية الرأي. وقد قبلنا باحترام كامل هذا الخيار. ويقوم تعاوننا تاريخيا مع مصر استنادا الي مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية ومراعاة كل منا لمصالح الاخر في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من مجالات التنسيق المتبادل.وبالنسبة لروسيا وحيث يشكل المسلمون جزءا كبيرا من السكان الاصليين فإن احترام الاسلام في حياة المجتمع يكون أمرا طبيعيا.اننا علي استعداد للتعاون مع كل القوي السياسية في مصر المعاصرة التي تنادي بتطوير البلاد علي اساس الوحدة الوطنية والوفاق الاجتماعي ومن اجل المزيد من الاصلاحات لصالح كل طوائف الشعب. ونحن نري ان الإخوان المسلمين انفسهم يتطورون بما في ذلك تحت تاثير المناقشات الحزبية الداخلية. أما عن قرار ادراج جماعة الاخوان المسلمين ضمن القائمة الوطنية للمنظمات الارهابية التي اقرتها المحكمة العليا لروسيا فقد جري اتخاذه نتيجة ما قامت به شخصيات بعينها كانت تمثل هذه المنظمة, من جرائم داخل اراضينا. كما جرت مراعاة ان الجماعة لم تكن آنذاك معترفا بها رسميا في اي من البلدان العربية وكانت تعمل علي نحو غير شرعي. ومع ذلك فانني اريد تأكيد ان القرار المشار اليه والصادر عن المحكمة العليا وعلي الرغم من انه يحظر نشاط الجماعة علي الارض الروسية فانه لم يفرض أي حظر شكلي علي الاتصال بممثليها, وقد جرت مثل هذه الاتصالات بما في ذلك خلال زيارتي للقاهرة في مارس2011. ونحن نجري اليوم حوارا مع ممثلي قيادة جماعة الإخوان المسلميني الذين يتحدثون باسم الاحزاب المسجلة أو القوي الاجتماعية. ارجو ان تسمحوا لي بالتحول الي الشأن السوري لنتساءل عما سبق وقالته موسكو اكثر من مرة انها لا تدافع عن بشار الاسد وانها غير معنية بمن يمكن ان يكون رئيسا لسوريا. ومع ذلك تواصل روسيا دعمه سياسيا وعسكريا ما يعني عمليا الكثير من التعقيدات علي طريق المفاوضات مع ممثلي المعارضة السورية.ما رأيكم في مثل هذا القول؟ اننا لا نقف الي جانب اي من اطراف النزاع الداخلي في سوريا. ان تعاطفنا مع الشعب السوري. وكانت روسيا ومنذ البداية مع سرعة وقف اراقة الدماء وضد العنف المسلح ايا كان مصدره, ومع التسوية السلمية للأزمة من خلال الحوار الشامل الواسع بين السوريين انفسهم. وبهذا الصدد أشير الي اننا ندين علي الدوام اي انتهاك للحقوق الانسانية في سوريا بما في ذلك تلك التي يرتكبها النظام. اما اللاعبون الخارجيون الاخرون فيقومون وبلا ترو بتاييد المعارضة المسلحة, بل ويبررون ما تقوم به من اعمال ارهابية. ومن غير المفهوم ان نجد من يري ان مواقفنا التي تستند الي الصيغة التي تلقي مباركة دولية لتعضيد التسوية في سوريا, وبما يتفق مع القرارين2042, و2043 الصادرين عن مجلس الامن الدولي, وبيان جنيف الصادر عن مجموعة العمل في30 يونيو الماضي, يمكن ان تعقد بداية المفاوضات بين السلطة والمعارضة. ان روسيا وعلي النقيض من لاعبين دوليين واقليميين آخرين كثيرين, تواصل الاتصالات سواء مع الحكومة السورية او مع قطاع واسع من القوي المعارضة. اننا نبذل الجهود من اجل تشجيع كل القوي السورية علي بدء المفاوضات وارغامها علي التخلي عن تبني الخيار العسكري حسبما ينص بيان جنيف القائم علي التوازن. اما اذا كان اللاعبون الخارجيون الاخرون مهتمين بتنفيذه علي الطبيعة فانهم يجب ان يعملوا من أجل حفز اجراء الحوار بين السوريين وليس باستبداله بتراكيب اجتماعية وفرض تشكيلات علي غرار حكومة في المنفي.اننا لم نتفق في جنيف حول مثل هذه التشكيلات بل اتفقنا حول حفز حكومة الجمهورية العربية السورية والمعارضة علي تشكيل هيئة ادارة انتقالية علي اساس الوفاق المتبادل. ولذا فاننا وكذلك كل المشاركين الاخرين في مجموعة العمل في جنيف, مدعوون الي العمل مع كل الاطراف بما فيها الحكومة. وبالمناسبة فانها وردا علي دعوة مجموعة العمل حددت ممثلها في المفاوضات حول موضوع تشكيل هيئة الادارة الانتقالية. اما المعارضة فترفض تحديد ممثليها وهو ما يؤيدها فيه زملاؤنا الغربيون. وثمة انطباع يراودنا تجاه انهم لايريدون للسوريين انتقالا(transition)متفقا حوله, بل تغييرا فظا للنظام بالقوة المسلحة. انهم وعلي هذا الاساس بالذات يحاولون توحيد صفوف المعارضة. اما فيما يتعلق بالتعاون التقني العسكري الروسي السوري فانه طالما كان يستهدف دعم القدرات الدفاعية لسوريا في مواجهة الخطر الخارجي المحتمل, وليس لدعم بشار الاسد أو أي كائن كان. لقد كان الاتحاد السوفيتي هو الذي أمد الجمهورية العربية السورية بالاسلحة الرئيسية. اما في الأونة الراهنة فاننا بصدد الانتهاء من تنفيذ التزاماتنا المتعلقة وبالدرجة الاولي بتوريد بعض أنظمة الدفاع الجوي. ومثل هذه الصادرات العسكرية تتسم بطابع دفاعي ولا تتناقض مع المعاهدات الدولية. وفي الوقت نفسه فان إعلان مبادئ القانون الدولي الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة في عام1970 ينص علي انه ما من دولة تستطيع تنظيم او دعم او تمويل العمليات المسلحة التي تستهدف الاطاحة بالقوة بنظام دولة اخري. فكيف التوفيق بين هذا الالتزام وما يقوم بعض شركائنا الاجانب الذين يقدمون مختلف انواع الدعم لفصائل المعارضة المسلحة؟. ناهيك عن ان مقاتلي القاعدة يقاتلون ايضا في سوريا, وهو ما يدفع الغرب الي التفكير في احتمالات ان يقع ما يصدرونه من اسلحة بشكل غير شرعي الي سوريا في ايد غير أمينة. لقد صار من الواضح انه لو قامت كل البلدان التي اتفق ممثلوها فيما بينهم في جنيف حول الاساس المتوازن للتسوية السياسية للازمة السورية, بالضغط علي الحكومة وعلي كل مجموعات المعارضة علي حد سواء وارغامهم علي وقف كل العمليات القتالية والجلوس الي مائدة المفاوضات, لكانت فرص نجاح المبعوث الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الاخضر الابراهيمي اكبر كثيرا.ت ألا ترون سيادة الوزير ان السياسة الروسية تجاه الاحداث في سوريا أثرت كثيرا علي مكانة روسيا في العالم العربي؟ اننا نضع دائما نصب أعيننا التمسك بمبادئ اعلاء القانون الدولي ورفض المعايير المزدوجة لدي تحديد الخط السياسي الخارجي لروسيا. وهذه القاعدة تحكم تصرفاتنا تجاه القضايا الدولية. وما يحدث في الشرق الاوسط بما في ذلك في سوريا, ليس استثناء. اننا ندافع عن ثبات المبادئ الاساسية للقانون الدولي احترام استقلالية الدول ووحدة اراضيها وعدم التدخل في شئونها الداخلية. اننا ننادي بكل القوة من اجل توطيد السلام العالمي والامن والاستقرار. اننا ندافع عن حقوق كل الشعوب بما في ذلك السوريين, في تقرير مصائرها بانفسها دون املاءات خارجية ومن باب اولي بدون اي تدخل عسكري خارجي. ويلقي مثل هذا الموقف المسئول من جانب روسيا تفهم الاخرين في العالم وفي المنطقة وبين السوريين انفسهم. كما ان القوي السياسية التي طالما انتقدت سياسات روسيا الاتحادية في السابق بدأت تتفهم مواقفنا تجاه الازمة السورية. وتاكيدا علي ذلك فقد بدأ اكبر عدد من اللاعبين المنخرطين في الشئون السورية يستمعون الينا, وبدأ اسم بيان جنيف الموقع في30 يونيو والمشار اليه فيما سبق يتردد كثيرا. وكانت هذه الوثيقة أقرت في اجتماع مجموعة العمل بمشاركة جامعة الدول العربية. واعتقد انه علي هذا الاساس فقط يمكن استنتاج كيفية تقبل السياسة الروسية في العالم العربي. كما ان اتصالاتي مع الزملاء من البلدان العربية بما في ذلك علي هامش دورة الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك, لا تؤكد الافتراضات حول ان خط سياساتنا تجاه سوريا أثر سلبا علي مكانة روسيا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وبالطبع يظل هناك في مختلف بلدان العالم بما في ذلك منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وفي سوريا نفسها, من يتمسك بالاطاحة بالنظام الحاكم في سوريا بكل الاشكال ودون اعتبار لان هذا النهج محفوف بوقوع الجدد من الضحايا بين المدنيين. ان هؤلاء لا يهتمون بانقاذ اكبر عدد من البشر من خلال وقف اطلاق النار وبدء الحوار بين الحكومة والمعارضة, بل يهتمون اكثر بالاجهاز علي نظام بشار الاسد باي ثمن. ان هؤلاء واذ يبتغون تنفيذ اجندتهم الجيوسياسية, يحاولون تمرير رؤاهم غير المستقلة تجاه النزاع السوري وتشويه مواقف روسيا. علي انه وللاسف ليس من السهل دعوة الرءوس الساخنة الي الاهتداء بالعقل السليم, لكنهم ومع ذلك يظلون اقلية في الغالب الأعم. اعتقد انه ليس سرا ان نقول ان تعقد القضية السورية يرتبط في بعض جوانبه بسياسات ايران في المنطقة. كيف ترون سياسات إيران من وجهة نظر التدخل في الشئون الداخلية للآخرين؟ انهم في طهران يولون الجهود المبذولة من أجل عدم التدخل الخارجي في الشئون السورية الداخلية اهمية كبري. وقد جري تسخير كل قدرات حركة عدم الانحياز التي عقدت قمتها في العاصمة الايرانية في26-31 اغسطس الماضي لخدمة هذه الاهداف. كما ان ايران انضمت الي بيان جنيف الذي توصلت اليه مجموعة العمل حول سوريا والذي نص بالاجماع علي مباركة معايير عملية التحول السياسي إلي النموذج الجديد لادارة الدولة. وقد شارك الوفد الايراني وبمبادرة من الرئيس محمد مرسي مع ممثلي مصر وتركيا في الجهود الاقليمية الرامية الي وضع احكام اتفاقيات جنيف حيز التنفيذ. ولكم نؤيد انضمام المملكة العربية السعودية التي قام الرئيس مرسي بدعوتها,الي هذه الجهود. كما ان ايران وشأن روسيا, ايدت مبادرة المبعوث الاممي والعربي الاخضر الابراهيمي حول فرض الهدنة بين دمشق والمعارضة خلال ايام عيد الاضحي التي وللاسف لم يكتب لها النجاح. السؤال الاخير سيادة الوزير.. ألا ترون ان الاحداث في الشرق الاوسط أزاحت قضية النزاع العربي الإسرائيلي بعيدا عن موقع الصدارة؟ ماذا يمكن لروسيا ان تطرحه من اجل استئناف المفاوضات وتنفيذ ما جري اقراره من قرارات حول هذه القضية؟ علي الرغم من كل ما تشهده المنطقة من أحداث فإن حدة القضية الفلسطينية لم تفتر. كما ان التسوية المنشودة لهذه القضية تظل حجر الزاوية للسياسة الشرق اوسطية, في الوقت الذي يجب ألا تكون فيه العمليات المضطربة التي تعصف بالمنطقة مبررا للتوقف عن العمل في هذا الاتجاه. بل وعلي العكس فمن الواجب وفي مثل هذه الظروف بالتحديد استئناف عملية التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي يمكن ان تترك تاثيرا طيبا علي المناخ العام في منطقة الشرق الاوسط. ان التقدم في هذا الاتجاه يتوقف بالدرجة الاولي علي الارادة السياسية للطرفين. كما ان روسيا تواصل بذل قصاري جهودها من اجل تجاوز الخلافات التي تحول دون عودة الفلسطينيين والاسرائيليين الي مائدة المباحثات. لكن وللاسف فانه يتعذر التقدم في هذه المرحلة لعدة اسباب منها العناصر السياسية الفصليةس. ان حل الكنيست والانتخابات المبكرة والتغييرات المرتقبة في تشكيل الحكومة يعرقل موضوعيا عملية اتخاذ القرار في البلاد. كما ان شركاءنا الأمريكيين وللاسف رفضوا في ظروف السباق الرئاسي في الولاياتالمتحدة عقد الاجتماع الوزاري التقليدي للرباعية الدولية علي هامش دورة الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر الماضي في نيويورك. ولم تجر الاتصالات في إطار الرباعية الا علي مستوي المندوبين.وهنا اشير بوجه خاص الي ان روسيا ظلت تنادي بنشاط من أجل عقد الاجتماع الوزاري وهو ما حظي بتأييد الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة. ومن الواضح من وجهة نظرنا أن أهمية عقد مثل هذا الاجتماع تظل كبيرة الي جانب أننا ننادي علي الدوام بانضمام ممثلي الجامعة العربية الي مثل هذه اللقاءات, وإن كان كل اعضاء الرباعية ليسوا علي استعداد لقبول ذلك. وهناك جانب آخر نعتبره ايضا في عداد الجوانب المحورية وهو ضرورة تحقيق التقدم علي طريق تحقيق الوحدة الفلسطينية. فمن غير الممكن بدون الانتهاء من هذه العملية علي ارضية منظمة التحرير الفلسطينية ومبادرة السلام العربية, التوصل الي تسوية فلسطينية اسرائيلية شاملة ومن باب اولي تحقيقها عمليا.وبهذا الصدد نعرب عن تقديرنا لما تقوم به مصر من جهود في هذا المجال. وفي الوقت نفسه فانه يثير القلق استمرار النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة وهو ما لا يساعد علي تحقيق الاجواء المناسبة لسرعة استئناف عملية المفاوضات علي الاسس الدولية المشروعة المعترف بها. ويمكن ان نخلص بوجه عام الي اتساع جبهة العمل علي هذا الاتجاه المعقد. وتعتزم روسيا مواصلة الجهود من اجل الخروج من المأزق الفلسطيني الاسرائيلي. ومن المقرر في الايام القريبة المقبلة اجراء عدد من الاتصالات مع قيادات بلدان المنطقة بما في ذلك الزيارة المرتقبة للرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز لموسكو ولقاؤه المقبل مع الرئيس فلاديمير بوتين. الي جانب وبطبيعة الحال مناقشة كل قضايا التسوية الشرق اوسطية خلال زيارتي لمصر والاردن حيث من المقرر ان نلتقي مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. اننا لا نتراجع عن فكرة عقد مؤتمر السلام في الشرق الاوسط في موسكو حين تنضج الظروف الملائمة وبطبيعة الحال بعد التشاور مع كل الاطراف المعنية. تلك هي رؤية الوزير سيرجي لافروف لعلاقات روسيا مع مصر والمنطقة والعالم والتي حرصنا علي ان تتسم الترجمة العربية لتصريحاته بنفس القدر من الدقة التي اتسم بها حديثه وهو الذي قضي الفترة الاعظم من سنوات عمله الدبلوماسي مندوبا دائما لبلاده في منظمة الأممالمتحدة. ت