في سبعينيات القرن الماضي, استفحل نفوذ الجماعة الاسلامية بفعل المساندة القوية التي لقيتها في البداية من بعض اركان نظام الرئيس السادات, وتجاوزت سيطرتها حدود بعض الجامعات لتشمل السيطرة علي بعض الاقاليم في محافظات سوهاجوالفيوم والجيزة. واغتصبت سلطة الادارة في جمع الضرائب والمكوث وإقامة المحاكم العرفية والتدخل في حياة المواطنين اليومية في هذه المناطق, وكان ابرز الامثلة سيد الطبال الذي حكم حواري امبابة والشوقيين الذين تحكموا في بعض قري الفيوم.., ولان الدولة غفلت عن تطبيق حكم القانون ووضح حد لنفوذ هذه الجماعات تواطأ عدد من المحافظين مع هذه الجماعات إيثارا للسلامة, وأصبحت اللعبة ان يغمض المحافظ عينيه عن النشاط التنظيمي لهذه الجماعات في محافظته ما داموا يمارسون جرائمهم بعيدا عن محافظته!.., وما حدث اخيرا في المنيا من الغاء احد الاحتفالات الذي جمعت الشباب المسلم والشباب القبطي في نشاط محمود يؤكد علي الوحدة الوطنية تحت ضغوط شباب الجماعات الاسلامية ورضوخ الادارة لهذه الضغوط, يؤكد ان ثمة خطرا حقيقيا في أن تعود هذه الظاهرة مرة اخري وربما بصورة اشد, خاصة مع وجود الجماعة الاسلامية طرفا في تحالف الحكم, وتقاعس جماعة الاخوان المسلمين عن القيام بدورها المنشود في حراسة تيار الاعتدال الديني تحت ضغوط حلفائها من السلفيين وجماعات الاسلام السياسي! ومع الاسف تنداح الخطوط الفاصلة وتتماهي الحدود بين الجماعات المعتدلة والتيارات المتشددة يوما وراء يوم, وتتمدد تنظيمات السلفيين الجهادية خارج غزة وسيناء لتصل الي مدينة نصر في صورة خلايا عنقودية نائمة, توجد بالضرورة في امكنة ومواقع اخري, تجهز نفسها لإعمال عنف مدمرة تستهدف تدمير كيان الدولة المصرية والعدوان علي مؤسساتها, وإلزام جماعة الاخوان المسلمين الرضوخ لمطالب هذه التيارات واتهامها بالفساد لترددها في الاستجابة لهذه المطالب التي تستهدف اقتلاع الدولة المدنية من جذورها, وإسقاط كل مفاهيم الدولة الحديثة التي جاءت مع حكم محمد علي لتصبح الشريعة الاسلامية وحدها المصدر الوحيد للتشريع وكأننا نعيش في جزيرة معزولة عن العالم, رغم ان الاسلام يحض علي تعارف الشعوب والتواصل مع الامم والتعلم من تجارب الاخرين حتي لو تطلب الامر السفر الي الصين! ورغم ان مصر بموقعها الجغرافي علي ملتقي القارات يستحيل ان تعيش في عزلة عن عالمها, لان العزلة تعني الركود والموت البطئ والتفريط في وظيفتها الحيوية همزة وصل وعنصر اتصال بين الأمم والشعوب. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد