ميرفت عبدالتواب كثيرا ما تتعرض الأسرة لأزمات تحتاج لمواقف إيجابية لأنه إذا تلاشي الخط الفاصل بين الصواب والخطأ فلن يكون هناك مجال للدفاع ضد فوضي البشر وغياب ضمائرهم, ويتمثل ذلك في موقف مقاطعة اللحوم لارتفاع أثمانها بمبالغة, فكيف يري أفراد الأسر هذا الموقف؟ مها شفيق( ربة منزل) تقول: يجب أن يكون للمرأة دور في مراقبة الأسواق, لأن الجمعيات الأهلية والرقابية لا يعنيها الغلاء الذي يطحننا ويأكل رواتبنا. المقاطعة حق لنا علي التجار الجشعين. فهيمة( بائعة خضار): إحنا مقاطعين اللحمة طول السنة.. لكن هنمنع الطيور لأنها غليت وفرحنا بالمقاطعة وياريت علي كل الغالي. صادق محمود: أنا قررت مع زوجتي مقاطعة الزيت الغالي والسكر, وبنكتفي بالبطاقة واللي زيادة لا يلزمنا, واللحمة هاجيبها كل أول شهر, ولو غليت الفراخ هأقاطع الاثنين. المهندسة فاطمة.. تؤيد مقاطعة اللحوم بأكملها لغلائها, مؤكدة أن الخطأ يحتاج للمواجهة وعدم الخضوع للجشع, وسنكتفي بالخضراوات. نادر( عامل بناء): مهنتنا تحتاج لحتة لحمة كل أسبوع, لكن يوميتي30 جنيها, واللحمة من الجمعية ب40 جنيها, فقررت مقاطعتها إلي أن يحس التجار الجشعون أننا ممكن أن نعيش من غير اللحمة ويعرفوا أن الغلط له ناس تقف له. سناء رءوف( عضو مجلس محلي) تشير إلي نقطة مهمة, وهي أن مواجهة أخطاء أي فئة من التجار من الذين غابت ضمائرهم أمام سعار المال تحتاج لمساندة كل أفراد المجتمع بداية من الأسرة الصغيرة للوقوف أمامهم ليرجعوا عن طريقتهم والمقاطعة شيء إيجابي. الدكتور كامل أبادير( أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة) يصف موقف المعارضة بأنه تصرف حضاري لمجتمع له حقوق مثلما عليه واجبات, وكل دول العالم تبدي رأيها في كل متغير يحدث في يومها, خاصة ما يخص الصحة والطعام, والدليل علي ذلك أن المنشآت السياحية أعلنت مقاطعة اللحوم ليوم واحد ولم يتأثر بالقرار السياح, لأنه أمر مألوف لديهم وليس بالغريب. وأضاف أن وعي المجتمع بالاستغناء عن أي سلعة يبالغ في سعرها دليل علي القدرة علي الاكتفاء بالمعقول والمقبول والمتاح, وذلك في زمن مغرياته عديدة, والدخل لا يكفي إلا الأولويات كالصحة, والتعليم, وحين يصاب البعض بالجشع ويغالي في أسعار الطيور واللحوم تكون المقاطعة هي الحل بشرط أن يتفق الكل ضد البعض من القلة الانتهازية ولا يليق أن يخرج عدد من الرجال لشراء اللحوم بأي حجة, لأن المعروف أن الرجال الأكثر تأثرا بقوة جذب الممنوع فيرغبونه, عكس المرأة التي يمكنها التكيف اجتماعيا واقتصاديا بسرعة برغم أي متغيرات, وإذا كانت حكمة وخبرة المرأة تفوق عقلية أي وزير مالية, فهذا يرجع إلي قدرتها علي تدبير أمور أسرتها بأقل القليل, وتعودها علي مواجهة أزمات الأسر يعطيها الموقف الحضاري الذي جعلها أول مشجع لمقاطعة اللحوم. ويضيف الدكتور محمود وليد أستاذ التغذية بجامعة الإسكندرية أن حياة الإنسان لا تقوم علي طعام واحد, أو نوع لحم معين, بدليل أن النباتيين يعيشون حياة أطول من أكلة اللحوم بأنواعها, ويحتاج الإنسان للحوم في مرحلة النمو الأولي أكثر من مرحلة المراهقة وتقل الحاجة إليها في سن الأربعين وما بعدها لضررها البالغ علي ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والإصابة بدهون الكبد والنقرس, لأن الغذاء الصحي يعني الخضراوات والفاكهة, والإكثار من المواد الكربوهيدراتية كالخبز والأرز والمكرونة والبطاطس, وتعويض اللحوم بالبروتينات الموجودة في الفول والعدس والبقول المختلفة. وأضاف أنه خلال فترة المقاطعة, وبصفة عامة يحتاج الأطفال إلي البروتين الحيواني مع البيض, وفي حالة عدم وجود اللحوم والطيور يمكن استخدام عيش الغراب لأنه يحتوي علي نسبة كبيرة من البروتين والفيتامينات, فالعيب عند الشرقيين هو الاهتمام باللحوم حتي إن الولائم تقام بما فيها من تنوع للحوم, يرجع هذا إلي غياب الثقافة الغذائية والصحية للناس, وهذا وراء قلق بعض الأسر لمقاطعة اللحوم التي يمكنها بكل تأكيد مواصلة الحياة بلا لحوم, لكن بغذاء صحي متكامل. وينهي كلامه قائلا: أدعو أجهزة الإعلام وصفحات المرأة لتوعية الأسرة بأهمية التنوع الغذائي, وقيمته, وغناه بدون لحوم.