تتجاوز الزيارة التي قام بها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر الي قطاع غزة يوم الثلاثاء الماضي والتي استغرقت ست ساعات نتائجها المادية الملموسة المتمثلة في البدء في سلسلة من مشروعات إعادة إعمار القطاع التي تعرضت بنيته التحتية للتدمير من فرط عدوانية الكيان الصهيوني، .في عملية الرصاص المصبوب التي شن فيها حربا متواصلة امتدت لأكثر من عشرين يوما بنهاية العام2008 ومطلع العام2009 إلي جملة من الدلالات التي تؤشر الي الي بدء مرحلة جديدة من التعاطي العربي مع إشكالية الحصار الصهيوني. أول هذه الدلالات تتمثل في أن ثمة إرادة عربية تبلورت لكسر هذا الحصار بالتعاون والتنسيق مع القيادة المصرية التي قدمت كل وسائل الدعم اللوجستي لإنجاح الزيارة فضلا عن التسهيلات الخاصة بإدخال المواد المستخدمة في مشروعات إعادة الإعمار التي تم تدشينها خلال الزيارة والتي تبلغ قيمتها بعد أن قرر أمير قطر زيادتها أثناء وجوده في القطاع الي415 مليون دولار بعد أن كان مخصصا لها مبلغ264 مليون دولارفقط ثاني الدلالات تتجلي في أن الخطوة القطرية باتت تجسد نموذجا علي إمكانية القيام بمبادرات عربية كبري تتسم بالفاعلية والشمول لكسر الحصار الصهيوني علي القطاع بعد أن تركت هذه المهمة لمبادرات جزئية من قبل بعض الأطراف العربية أو مبادرات دولية وبالذات من قبل البرلماني البريطاني جورج غالاوي الذي قاد بنفسه سلسلة من حملات الدعم والإغاثة للشعب الفلسطيني وكابد من جرائها الكثير من العنت خاصة من أجهزة أمن الرئيس السابق حسني مبارك بينما شهدت حملاته الكثير من التسهيل في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير واللافت أن ثمة تعهدات وفقا لخطاب الشيخ حمد في القطاع من دول عدة عربية وغير عربية إثر العدوان بتقديم مساعدات لغزة لرفع بعض المعاناة عن أهلها الذين أدمت الحروب أجسادهم و مازال الحصار يضيق عليهم سبل الحياة الكريمة ويحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية وهم مازالوا حتي هذه اللحظة ينتظرون ان يفي من قطعوا تلك التعهدات بوعودهم كي يتسني إعادة إعمار القطاع وترتفع بعض المعاناة عن أهله الذين آثروا الصمود في وجه آلة الحرب الجبارة وتحمل ويلاتها علي التسليم والرضوخ لصلف الاحتلال وغطرسته حتي وإن خذلهم من خذلهم من ذوي القربي ومن أدعياء الديمقراطية والمتشدقين بحقوق الانسان( في الغرب بالطبع). وتكمن الدلالة الثالثة في أن ثمة قيادة عربية قادرة علي اختراق ما يمكن بوصفه بالفيتو الأمريكي الوهمي والذي للأسف تضعه في حسبانها معظم النظم الحاكمة وأظن أن ثورات الربيع العربي التي اتسع مداها من تونس الي مصر الي ليبيا الي اليمن ثم سوريا شكلت العامل الرئيس في تحرير النخب السياسية العربية من قبضة هذا الوهم الذي ظل سيفا مسلطا علي رقاب القادة العرب أو بالأحري هم الذين وضعوه علي رقابهم خوفا علي مواقعهم. وأتذكر أن الشيخ حمد كان علي رأس مستقبلي إسماعيل هنية بمطار الدوحة الدولي لدي قيامه بزيارة قطرعقب توليه حكومة الوحدة الوطنية الأولي التي شكلها في أعقاب فوز حماس في انتخابات2005 وهو ما يتعارض مع البرتوكول القطري الذي لا يلزم الأمير باستقبال من هم دونه من رؤساء الوزرارت أوغيرهم بينما وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط رفض الاجتماع به لدي زيارته للقاهرة في نفس الجولة إن لم تخني الذاكرة وتذرع بأسباب مرضية ربما استجابة لتعليمات من القيادة المصرية آنذاك التي كانت تنظر الي حركة حماس بحسبانها عدو وخصم. ولاشك أن الميزة النسبية التي وفرتها ثورة الخامس والعشرين من يناير تتجسد في أن غيرت المنظور المصري لحركة حماس التي بات قادتها يستقبلون بالقصر الرئاسي بمصر الجديدة بما في ذلك خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة ويمكن القول باطمئنان إنه من دون هذه الثورة لما كان بوسع أمير قطر القيام بزيارته للقطاع وهو ما أقر به الشيخ حمد في خطابه بغزة والذي عبر فيه عن شكره وامتنانه لمصر ولقيادتها الجديدة.