فرض الحديث عن الواقع الهش للفن التشكيلي والفراغ الثقافي لفعاليات فنوننا الجميلة التي افتقدت هويتها التي تميزها, فرض نفسه علي مناقشات الندوة التي أقيمت في قصر ثقافة المنصورة. وذلك بمناسبة إقامة معرض الفنان أحمد الجناينيالندوة عقدت تحت عنوان:' الواقع التشكيلي المصري.. التيارات الحداثية الجديدة' وشارك فيها الناقد محمد كمال والفنانة التشكيلية والناقدة نجوي العشري وأدارها الفنان أحمد الجنايني وحضرها لفيف من الفنانين والمهتمين في مقدمتهم مصطفي السعدني رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي والكاتب المسرحي عبد العزيز إسماعيل مدير فرع ثقافة الدقهلية. الفنان أحمد الجنايني في تقديمه للندوة نبه إلي خطورة الوضع الراهن للفن التشكيلي المصري في ظل التيارات الوافدة التي تهدف إلي تدميره من الداخل وتشويه ملامحه وتفريغه من مضمونه. وفي بداية حديثها أكدت الناقدة نجوي العشري أن التيارات الحداثية الجديدة تعني بالتغريب ودخول ميديا حديثة في نفس الوقت الذي لا يملك فيه شبابنا الثقافة الكافية للتعامل مع هذه الميديا أو مع هذه التيارات, وضربت المثل بصالون الشباب الذي بدأ عام1989 والذي شاهدنا فيه الكثير من التقاليع والظواهر الغريبة, لكن من الظواهر الجيدة حدوث تراجع ملحوظ من بعض الفنانين عن استخدام هذه التقاليع لتمسكهم بهويتهم الفنية الأصيلة.. كما ضربت الناقدة نجوي العشري المثل علي التيارات الحداثية التغريبية بما حدث في معرض' ماذا يحدث الآن؟ ومن بعده بينالي الإسكندرية الخامس والعشرين الذي أقيم مؤخرا في متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية ثم معرض' لم لا' بقاعات قصر الفنون بالأوبرا والذي أثار تساؤلات أخري عن الأهداف الحقيقية له وهل هو حلقة في سلسلة الهدم المتعمد لثقافتنا وهويتنا التي تتعرض للتدمير وخاصة ما حدث في البينالي العتيق الذي كان يوم افتتاحه لأول مرة رمزا للوقوف بصلابة في مواجهة الاستعمار الثقافي والغزو الفكري في وقت لم تظهر فيه العولمة وإن كانت الإمبريالية الاستعمارية في ذلك الوقت( عام1955) هي البذرة الحقيقية للعولمة بتوجهاتها الفكرية التي تريد محو أي توجهات مغايرة لها من الوجود.. لكن السؤال الذي نطرحه: لماذا نشارك العولمة في هدم ثقافتنا وتحطيم هويتنا بأيدينا وداخل أراضينا وفي أهم فعالياتنا الثقافية والفنية التي كنا نعتز بها ونفتخر والآن أصبحنا ننظر إليها بعين الارتياب والشك الذي يصل إلي حد اليقين بأنها تنتمي إلي من يريدون تدميرنا؟! حركة المقاومة من جانبه أشار الناقد محمد كمال إلي أن حجم الحركة الفنية والثقافية بشكل عام كان في اطراد مستمر منذ القرن العشرين تزامنا مع تنامي حركة المقاومة الشعبية في مصر ومشاركة في هذه المقاومة للمستعمر بداية من ظهور جيل محمود مختار عام1911 ومحمد حسن وراغب عياد مرورا بفرض الحماية البريطانية علي مصر عام1918 ثم ثورة1919 وافتتاح تمثال نهضة مصر عام1928 وتطور الثورة الشعبية ضد الاحتلال حتي عقد معاهدة1936 وتكوين جماعة الفن والحرية والدعوة إلي الحفاظ علي التراث المصري, وتطورت الحركة الفنية مرة أخري لتواكب اطراد حركات المقاومة مع نشوب مظاهرات الطلبة والعمال وعام1947 ظهرت جمعية الفن المعاصر وفي عام1948 ظهرت جمعية الفن الحديث, وكانت ثورة1952 بمثابة المشروع القومي لمصر فحدث وهج فني وثقافي خلال هذه الفترة.. لكن كلما خفتت جذوة' المشروع القومي' هبت علينا رياح الحداثة.. وهذا ما يحدث الآن.. فغياب المشروع القومي جعل الشباب فريسة سهلة لتيارات التغريب والحداثة التي تحاول اصطيادهم وإغراءهم لضرب التراث المصري والعقيدة والتاريخ أيضا وهذه الأهداف يلحظها بسهولة المتابعون لعملية التمويل التي تتكفل بها مؤسسات وهيئات لا تخفي أغراضها الحقيقية, فمثلا تقوم مؤسسة فورد فونداش بتمويل التاون هاوس ولها دور سيئ جدا في الحركة التشكيلية الشبابية. وفي مداخلة للأستاذ مصطفي السعدني رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي قال إن الفنون لا تنفصل عن الفكر والثقافة والأداب, وأشار إلي أنه عندما شارك في رحلة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية عام1994 اكتشف أنها تريد فرض العولمة ومحو التراث والقضاء علي هويات الشعوب ذات الحضارات القديمة ومسخها. وقال إن هناك مشروعات فنية فردية متناثرة للمواجهة لكن يجب والتنسيق فيما بينها ودعمها لتتحول إلي مشروع قومي. شارك في الندوة أيضا الشاعرة فاطمة الزهراء ومجموعة من فناني المنصورة منهم يوسف عبد الله وبدوي سعفان ومحمود خفاجي ومجدي سرحان والشاعر صفي الدين ريحان ومحمد رضا وعدد من شباب فناني المنصورة.