باستثناء كتاب حرب أكتوبر كيبور من داخل الكرملين, لم يحك لنا أحد عن تفكير القوة العظمي الثانية التي كانت تمثل ظهير العرب خلال هذه الحرب, مما يستدعي أن نقرر بعض الملاحظات. الملاحظة الأولي: أن بعض الذين علقوا تناسوا أن كاتبها مسئول سوفيتي كان شاهدا علي الأحداث ورواها كما جرت, بصرف النظر عن تطابقها أو تناقضها مع رؤيتنا, وقيمة الكتاب أنه يقدم الصورة من الجانب الآخر الذي لم نعرف عنه بسبب ظروف الانغلاق التي كانت تحيط بالاتحاد السوفيتي قبل الانهيار. الملاحظة الثانية: ما كشفه الكتاب من أن اتفاق مصر وسوريا كان مقصورا علي ساعة الصفر للحرب, وفيما عدا ذلك كان كل في طريق, مما كشف عن أن سوريا خططت لحرب تستمر يوما واحدا أو يومين علي الأكثر(!) تتدخل موسكو بعدها وتضغط لصدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار, وهي خطة تتناقض تماما مع خطة مصر. الملاحظة الثالثة: أن القوي العظمي مهما بدا ما تقدمه من مساعدات للآخرين, فإنه تقيدها دوما مصالحها, وبينما حددت أمريكا سياستها في الحرب بما لا يسمح بانهيار إسرائيل, فقد كان هدف موسكو الأكبر ألا تورط نفسها في حرب مع أمريكا من أجل الشرق الأوسط. يتفرع عن هذه الملاحظة أنه بينما كانت مساعدات أمريكا إلي إسرائيل بلا حدود, فقد اقتصرت مساعدات موسكو علي إمدادات محسوبة للسلاح دون تقديم أي مساعدة لمصر من خلال طائراتها للاستطلاع, وقد سأل السادات السفير السوفيتي عن صور الاستطلاع التي سجلتها موسكو, لكن صورة واحدة لم تصل إلي مصر, ولو كانت موسكو قد قدمت هذه المساعدات لحدت بالتأكيد من الثغرة التي تسللت منها إسرائيل إلي الشاطئ الغربي, والأغلب أن موسكو كانت تخشي أن تقدم علي خطوة تورطها في حرب حسمت حتي لا تفقدها العلاقات الإيجابية التي أقامتها مع واشنطن, حتي عندما هددت موسكو إسرائيل عندما خرقت الأخيرة قرار وقف إطلاق النار. كانت كما وضح تمارس نوعا من الخداع له حدوده. [email protected] المزيد من أعمدة صلاح منتصر