أتعجب من إصرار البعض علي تدمير الجمعية التأسيسية للدستور عن رغبة وفهم وهم قلة لا تجاوز عدد أصابع اليدين, ومن خلفهم ببغاوات يرددون نفس الطلب بنفس المبررات التي يذكرها زعماء الهدم والتصفية. دون أن يفهموا أو يدرسوا أويمتلكوا القدرة علي تفسير ما يطالبون به من عينة سيطرة فصيل واحد علي الجمعية ويقصدون الإسلاميين, ومناقشة للدستور في الغرف المظلمة, وإملاء إرادة اتجاه معين علي مواد الدستور, واختطاف دستور مصر لمصلحة التخلف والطائفية ومنها غياب مفاهيم أساسية تهم المواطن المصري, تضمن الحريات الأساسية وحقوقه الاقتصادية والاجتماعية في العمل الشريف والعلاج وتكافؤ الفرص, ومخالفة ما تسرب من نصوص ما استقرت عليه الأعراف الجامعة في التاريخ المصري, وصيانة حق الوطن وكفالة الحقوق والحريات الشخصية والعامة, إضافة لتعارضها مع المعايير والمواثيق الدولية و ذلك وفق البيان الصادر عن اجتماع بعض الرموز المدنية, بينهم حمدين صباحي ومحمد البرادعي وسامح عاشور ورؤساء وممثلو أحزاب وعدد من الشخصيات العامة. الناظر لتشكيل الجمعية يجد أن أغلبية الأحزاب والاتجاهات السياسية وجميع القوي ممثلة في الجمعية وهو ما توافق عليه كل من شارك في الحوار الذي سبق انتخابات الجمعية التأسيسية الثانية من الأحزاب والقوي السياسية طوال أكثر من شهر ونصف الشهر!! والناظر في شكل الأغلبية فقد كان التشكيل في بدايته به ما يقرب من50% من المتهمين بأنهم أصحاب التوجه الاسلامي لذا فقد تم الاتفاق علي أن التصويت علي أي مادة يبدأ ب67% ثم عند الاختلاف يصبح57% حتي لا يصبح هناك أغلبية, ثم استقال أعضاء الشوري من الجمعية فقلت النسبة, وقد اتفق الجميع علي أن الأعمدة الرئيسية للدستور لن يتم التصويت عليها بل يتم التوافق حولها بالإجماع مثلما حدث حول المادة الثانية والمادة221 التي تفسر كلمة مبادئ الشريعة الاسلامية وهي نصا مأخوذة من هيئة كبار العلماء بالأزهر وتوافقت عليها كل القوي السياسية في الجمعية التأسيسية. أما ضبابية العمل داخل الجمعية ومناقشة مواد الدستور المقترحة في غرف مظلمة فهو كلام مرسل فهناك قناة متفرغة لنشر وقائع المناقشات علي الهواء مباشرة وهناك موقع إلكتروني عليه كل جديد والدخول عليه فاق التوقعات كما تمت زيارات لكل محافظات مصر ولقاءات بالمصريين في الخارج ولجان استماع لكل الفئات وتم تكوين هيئة استشارية للاستفادة بالكفاءات التي لم تنضم للجمعية. ما المطلوب أكثر من ذلك ؟ ثم نجد إصرارا لا نفهم دوافعه الحقيقية من أول وهلة تحت ظلال الشعارات والكلمات الرنانة مثلما جاء في بيان ائتلاف الوطنية المصرية حيث صرح حسين عبدالغني, في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الذي استمر أكثر من3 ساعات في مركز إعداد القادة بالعجوزة مع بيان وقعت عليه القوي المشاركة, فضلا عن عدد من الشخصيات العامة, قائلا: ندعو القوي الوطنية والديمقراطية لمقاطعة الجمعية, بعد أن شاب تشكيلها نفس عيوب التشكيل الأول, وأظهرت صياغاتها إهدارا للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعدالة الاجتماعية للمصريين, فضلا عن تعارضها مع المعايير والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر لم أعرف اتفاقية دولية يمكن أن تعارضها مصر في دستورها إلا تلك التي تتعارض مع نص المادة الثانية بما فيها من مبادئ الشريعة الاسلامية! وهو أمر مرفوض حتي في ظل النظام البائد! وهل يقصد هذا الفريق المصري الوطني الاستجابة لنداء فريق الأممالمتحدة المعني بمكافحة التمييز ضد المرأة في القوانين والتشريعات والذي يطالب حكومات العالم بإلغاء القوانين التي تجرم الزنا والتعامل مع الزنا علي اعتبار أنه حق من حقوق الإنسان وليس جريمة جنائية كما ذكرت صحيفة أخبار اليوم في20 اكتوبر2012 م وتبقي عدة تساؤلات للإجابة عنها: لماذا يصر من سعي لحل الجمعية التأسيسية الأولي وشجع علي حل البرلمان وهلل له علي حل الجمعية الثانية بإصرار؟ هل يكره الاستقرار الذي هو مفتاح التنمية الحقيقية لمصر ؟ ماذا لو صدر حكم بحل الثانية وفي ظل التهديد الفارغ- بعدم أحقية الرئيس في تشكيلها مرة أخري, ماذا هم فاعلون أو راغبون؟ وكيف يتم تشكيل الجمعية المقبلة لتناسب مزاج هؤلاء الأقلية الزاعقة؟ لم يشرح أحد من هؤلاء لنا بديلا أو مسارا لتلافي كل المشاكل وتحقيق كل طلباتهم!!! تحت دعاوي الحريات والمساواة والاتفاقيات الدولية هل المؤامرة الآن علي مصر لسرقتها من شعبها وهويتها وعقيدتها تحت مطارق العولمة والحداثة لصناعة دستور يقهر الأغلبية ويضيع حقوق الأقلية بعد اصطناع صراع وهمي يسعي إليه أعداء هذا الوطن؟ الجمعية التأسيسية المشكلة اليوم التي أنجزت المسودة الأولي لمشروع الدستور وتطرحه للحوار والتعديل هي أمانة في رقبة كل مصري يجب الحفاظ عليها حتي تنجز تحت أبصارنا جميعا مهمتها الجليلة والتي تتم لأول مرة في تاريخ مصر بمثل هذه الشفافية وعلي كل راغب في حلها مهما تكن أسبابه أن يعود لرشده ويشارك بإيجابية في تنقيح المسودة إضافة وحذفا وليس وراء ذلك من الوطنية حبة خردل اللهم بلغت اللهم فاشهد