من هي المرأة الجميلة؟ من هو الرجل الجميل؟ سؤال صعب وشائك وربما لايحمل معه إجابة واضحة محددة.. السؤال طرحه خبراء التجميل والجمال وعلماء النفس والفلاسفة والمفكرون طويلا عبر الدهر والسنوات. اختلفت الآراء, وتباينت الاجتهادات, والي اليوم لم لانزال نطرح السؤال نفسه دون الحصول علي إجابة علمية محددة! هل هو جمال الوجه والجسد؟ ام انه جمال النفس التي تحمل داخلها قدرا من الطمأنينة والرضاء والتسامح؟ ام هو جمال السلوك والأخلاق والتصرفات؟ ام لعله جمال العقل الذي يتمتع برؤية علمية ثاقبة تجد معها الحلول لمشكلاتنا؟ ايا كانت الإجابة سادتي, فنحن مما لاشك فيه نعيش أزمة جمال. نعم أزمة جمال, رغم كل الهوس المحموم بالجمال الذي يلاحقنا. أينما كنت.. وأينما ذهبت.. تطاردك كل الإعلانات الملحة السخيفة التي ترشدك مع كلماتها القليلة الحاسمة والواثقة لاسرار الجمال! يتحدثون هنا عن الجمال الحسي المادي, ويغفلون مساحات أخري من الجمال.. عيون جميلة.. أهداب طويلة.. بشرة ناعمة.. جسد ممشوق.. ولكن ماذا عن كل هذا القبح الذي يحيط بحياتنا؟ قبح السلوكيات والتصرفات.. قبح الصوت المرتفع.. قبح ردود الأفعال الغاضبة والجارحة.. قبح الشخصية غير الأخلاقية بوجه عام. الحديث يطول عن ملامح الجمال ولايكاد ينتهي أبدا.. دكتور ميلاد نصر يقدم هنا عبر كتابه الممتع( الجمال في زمن القبح- دار العين) بانوراما واسعة شاملة لرحلة البحث عن أيديولوجية الجمال ومنظوماته المختلفة. فصول الكتاب الستة تفتش من خلال كلماتها عن حقيقة مفهوم الجمال وتتتبع خطوات تلك المسيرة الطويلة التي قطعها العلماء والمفكرون عبر السنوات والدهر في البحث عن مفردات الجمال.. من أحمر الشفاه الذي يغطي الإحساس بالنقص( علي حد كلماته) الي جمال الإيمان.. ومن الجمال الحسي إلي الجمال النفسي وصولا إلي الجمال الروحي.. ويحدد كذلك في سطور كتابه سبعة ملامح واضحة للشخصية الحسناء. وبعد مفردات الجمال تتراجع في زمننا وتحل مكانها مفردات القبح.. المباني.. العمائر.. واجهات المحال.. القمامة.. المرور.. الزحام.. الضوضاء.. الضجيج.. الباعة الجائلون.. الميكروباصات.. يا إلهي.. ما كل هذا القدر من القبح! أغمض عينيي.. وأطلق العنان للذكريات.. للقاهرة الجميلة التي كانت.. قاهرة الأبيض والأسود في الأفلام المصرية القديمة.. وأشعر بالحسرة والحزن.. وأهمس لنفسي قائلة: متي يعود الجمال إلي حياتنا ونفوسنا.. متي؟!